تعمل مصر على مدار الأسابيع الماضية على مشروع "تطوير القاهرة الخديوية" لإعادة القاهرة التاريخية لسابق عصرها كواحدة من أهم وأكبر المدن التراثية في العالم.

ويستهدف المشروع 5 مناطق للتطوير في القاهرة وهي "المنطقة المحيطة بمسجد الحاكم على مساحة 14فدانًا، وجنوب باب زويلة بمساحة 8.5 فدان، ومنطقة حارة الروم وباب زويلة بمساحة 8 أفدنة، والمنطقة المحيطة بمسجد الحسين بمساحة 11 فدانًا، ومنطقة درب اللبانة بمساحة 10.5".

وقرّر محافظ القاهرة اللواء خالد عبد العال مؤخرًا تخصيص عدد من الشوارع للمشاه فقط، وعدد آخر للمشاه في المساء، لفتح متنفس للمواطنين في الحركة في وسط المدينة والاستمتاع بما تم من تحديثات في يُظهر عناصرها المتميزة وطابعها المعماري الفريد.

ويصف أستاذ التخطيط العمراني بجامعة عين شمس منير الشاعر المشروع بـ"الأهم لإحياء تراث العاصمة المصرية، وإعادة رونقها مرة آخرى بما يتناسب مع طبيعة مبانيها الأثرية وشوارعها العتيقة".

على الجميع الاستمتاع

وتابع الشاعر في حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية": "على مدار الشهور الماضية رأينا تغيرات كبيرة تتم في القاهرة وشوارعها وميادينها الكبرى، وهو الأمر الذي كان لابد وأن يتم منذ سنوات للحفاظ على التراث السياحي الذي كان يقصد مصر للاستمتاع بتراثها، ولكن آن لنا الآن أن نقول أن القاهرة التراثية أوشكت على الانتهاء وعلى الجميع الاستمتاع بما تتم من عمليات تطوير".

وطالب أستاذ التخطيط العمراني بجامعة عين شمس أن تكون هناك قوانين تجرم أي عمليات إفساد سواءً من العقارات القديمة وملاكها أو الجمهور المتواجد في الشوارع: "لابد من تغليظ عقوبات الإهمال والإضرار بالأماكن التراثية، واعتبار الزائرين من بين الفئة المستهدفة من العقوبة، لكي نرى شوارع نظيفة وتعامل راقي من الجميع، فلو تم إعلام الجميع أن المخالفات سيكون لها عقاب قاسي ووقتي سنرى صورة مثالية للشوارع".

وعن معايير اختيار المباني للدخول في قائمة التراث أوضح "الشاعر" في حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية": "5 معايير أولهم أن يكون المبنى له طابع معماري متميز، وأن يكون في حقبة تاريخية مميزة، أو يكون المبنى مرتبط بشخصية تاريخية أثرت على المجتمع، وأخيرًا المبنى الذي يكون مزارًا سياحيًا".

نقلة نوعية

يهدف مشروع تطوير القاهرة الخديوية إلى إحداث نقلة نوعية بمنطقة وسط القاهرة عبر تحسين صورتها البصرية وتعظيم شخصيتها المعمارية من خلال الحفاظ على واجهات مبانيها المميزة وإزالة كافة التشوهات التي لحقت بها وتنظيم لافتات المحال التجارية بأسلوب يتناسب مع الطابع العام للمنطقة.

كما يسعى التطوير إظهار المباني المميزة بمنطقة وسط القاهرة ليلاً عبر إضاءة واجهاتها بأسلوب يظهر عناصرها المميزة وطابعها المعماري الفريد، ويضفي على المنطقة ليلًا بعدًا جماليًا إلى جانب ضمان استدامة المشروع بوضع تصور لكيفية إدارته واستمرار الحفاظ عليه وصيانته خصوصًا مع دخول مستخدمين جدد للمنطقة بعد انتهاء أعمال تطوير منطقة ماسبيرو ومجمع التحرير.

أخبار ذات صلة

بعد العاصمة الإدارية.. ما مصير مجمع التحرير بالقاهرة؟
"حكاوي الشوارع".. تطوير حضاري يبرز تاريخ القاهرة
مخطط لتطوير القاهرة الخديوية.. وشوارع "للمشاة فقط"
بالصور.. ميدان التحرير يتحول إلى تحفة فنية مبهرة

تأثير عالمي

ويقول رئيس الجمعية المصرية للتخطيط العمراني محمود غيث في حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية" إن "مشروع التطوير هو الأول بشكل حقيقي للقاهرة التاريخية التي كان لها تأثير عالمي، فكدنا ننسى القيمة التاريخية لهذا الموقع على الرغم من أهميه العالمية".

وتابع غيث: "مع تراكم مشكلات القاهرة وعدم قدرتها على استقبال الحلول الجديدة مثل ارتفاع الكثافات والاختناقات المرورية، كدنا نفقد الأمل في إحداث تطوير حقيقي لهذا الموقع، ولكن مع تطوير ونشأة العاصمة الإدارية التي كان لها عظيم الأثر في تخفيف الأحمال العمرانية والاختناقات، أتيحت الفرصة لإعداد مخططات تفصيلية لإعادتها إلى رونقها".

معايير دقيقة وتفصيلية

ونوّه رئيس الجمعية المصرية للتخطيط العمراني في حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية" إلى أن: "ما يحدث من تطوير عملية فنية عالية تحتاج لدراسات هامة وخبرات كبيرة، وكان العمل على هذا الأمر على قدم وساق لإعادة تلك المعالم القديمة والعتيقة التي طمست بالزحف العشوائي".

وأردف غيث: "ما يحدث الآن هو إعادة الوجه والطابع المعماري الحقيقي والنشاط الاقتصادي والاجتماعي للصورة الأصلية، مع إضافة بعض التفاصيل الخاصة بالحداثة، واعتبار كما أعلن المحافظ بعض الشوارع للتمشية وهو الأمر الهام كما يحدث في غالبية المدن العالمية التي لها تاريخ".

خطوة لم تتخذ من قبل في مصر

وكانت ريهام عرام، مدير إدارة الحفاظ على التراث بمحافظة القاهرة، قد أكدت في وقت سابق أن مشروع إعادة تأهيل وإحياء القاهرة التاريخية هو خطوة لم تتخذ من قبل في مصر، وأن القيادة السياسية مهتمة بشكل مباشر بإحياء المدينة القديمة كليًا بكل محتوياتها من إعادة استخدام ملائم للآثار والمباني التراثية وإحياء النسيح العمراني وتطوير الأماكن الخربة بها لعمل أماكن انتظار بها.

وأضافت عرام في تصريحات تلفزيونية: "تم التأكيد على عدم إخراج الأهالي من أماكنهم وإنما يتم المشروع بإحياء المنطقة لأن أهالي هذه المنطقة جزء لا يتجزأ منها وكذلك أصحاب حرف التقليدية المرتبطة بهذه المناطق، سيتم فقط إخراج الأنشطة الدخيلة على المنطقة، التي تسببت في التلوث وأضرار بالمباني التاريخية، فالمشروع يهدف للحفاظ على هوية القاهرة التاريخية".

وأكد رئيس الجمعية المصرية للتخطيط العمراني في حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية": "التنسيق الحضاري وضع معايير دقيقة وتفصيلية لإعادة كل مبنى إلى حالته الأصلية وإعطاء فرصة ومساحات ومناطق خضراء وممرات لكي يعود هذا المعلم الكبير إلى صورته ويتم تخفيف الأثقال عنه، والذي جاء حقيقة بعد ظهور العاصمة الإدارية التي دعمت فرص إحياء وتطوير القاهرة بتخفيف الأثقال العمرانية بعد إعطاءها مجال حيوي للتطوير".

مشروع بعيد المدى

وعن الأعمال التي تتم أشار رئيس الجمعية المصرية للتخطيط العمراني إلى أن: "ما يحدث الآن هو إزالة المخلفات وتهيئة المواقع لإعادتها للصورة التي كانت عليها، وإظهار القاهرة التراثية كمقصد فريد ومنطقة عمرانية هامة، ولكن هناك أمر هام وهو الحماية والحفاظ على ما يتم من أعمال".

وأنهى غيث حديثه قائلًا: "أن نعيد الأمور إلى سابق صورتها أمر فني نستطيعه، ولكن يجب الاهتمام بالحفاظ والارتقاء بما يتم فهم العنصران الأهم بعد ذلك، وعلى الجميع أن يعيد التركيز على كافة أساليب الحماية التي تتضمن الترميم والتحسين والصيانة، لأن المشروع سيظل مستمرًا على المدى الزمني البعيد في تحقيق الحفاظ على هذا الطابع المميز والفريد".