توشحت قرية "أم دوم" شرقي العاصمة السودانية الخرطوم، بسواد كالح، بعد وفاة 9 من أبنائها غرقا في البحر الابيض المتوسط قبالة شواطئ تونس، السبت، بعدما كانوا يحاولون العبور إلى أوروبا على ظهر قارب صغير انطلق من سواحل زوارة الليبية متجها إلى إيطاليا.
ووضع المهربون في قارب صغير نحو 127 مهاجرا من بلدان مختلفة معظمهم من السودان.
وإلى جانب أبناء "ام دوم" التسع، لقي ما لا يقل عن 34 آخرين مصرعهم، وتم إنقاذ 84، حسبما أعلن الهلال الأحمر التونسي.
موقف صعب
وتعليقا على الحادثة، قال خالد عمر وهو من أبناء المنطقة، إنه كان أول من تلقى الخبر من أحد الناجين عبر "الماسنجر"، مما اضطره لإبلاغ اسر الضحايا الذين أصيبوا بصدمة بالغة.
وأوضح عمر في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" أنه "بعد أن صحوت من هول تلقي الخبر، كان عليّ البحث عن طريقة لإبلاغ أسر الضحايا التسع. وبعد الاستعانة بعقلاء المنطقة، تمكنا من إبلاغهم بصعوبة بالغة".
وأشار عمر لعدم تواصل أي من الجهات الحكومية بأهالي المنطقة الواقعة على بعد 24 كيلومترا من العاصمة الخرطوم، حتى وقت كتابة هذا التقرير، مما خلق لديهم شعورا بعدم الاهتمام بهذه الكارثة المفجعة.
وأضاف: "من خلال تواصلي الدائم مع الناجين علمت أن السفارة في تونس لم تتواصل معهم حتى صباح الاثنين"، لكن منصور بولاد الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السودانية قال لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن الوزارة تتابع باهتمام تفاصيل الحادثة المؤسفة وتسعى عبر سفارتها في تونس لتقديم العون للناجين ولأسر الضحايا.
ظروف ودوافع
ووقعت خلال الأشهر القليلة الماضية عدة حوادث غرق قبالة الساحل التونسي، مع زيادة وتيرة محاولات العبور من تونس وليبيا إلى أوروبا عبر إيطاليا، بالتزامن مع تحسن الطقس.
ويقوم سنويا مئات الشباب السودانيين الباحثين عن حياة أفضل، بهذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر عبر البحر المتوسط.
ووفقا للصحفية راشان أوشي فإن الأوضاع الحالية التي يعيشها السودان، والظروف الاقتصادية الصعبة هي الدافع الرئيسي الذي يقود الكثير من الشباب للوقوع في أيدي عصابات التهريب، واختيار هذا الطريق الخطر.
وتوضح أوشي في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن السودان "ظل ومنذ أكثر من 20 عاما، يعيش أوضاعا صعبة مما انعكس سلبا على الشباب، حيث يجد خريجون بمختلف تخصصاتهم ومستوياتهم، صعوبة كبيرة في الحصول على وظائف تعينهم على حياتهم، ومساعدة أسرهم، ما جعل بوصلة التفكير تتجه غربا نحو أوروبا، أملا في حياة أفضل، حتى إن كان ثمن ذلك المخاطرة بعبور البحر بطرق مميتة".
وشددت أوشي على ضرورة أن تلعب الدولة دورها المنوط بها من خلال وضع خطط فاعلة تسهم في تخفيف حدة البطالة التي وصلت معدلاتها إلى أكثر من 40 في المئة، لافتة إلى أهمية "خلق مشاريع إنتاجية تستوعب طاقات الشباب، وتوجهها نحو بناء الدولة، بدلا من دفعهم نحو الهجرة بطرق محفوفة بالمخاطر".