قررت مصر مؤخرا تعميم تطبيق اشتراطات البناء الجديدة ومنظومة التراخيص في جميع المحافظات، لتنظيم عملية البناء، والحد من المخالفات، ووضع اشتراطات لارتفاع المباني وفقا لمساحات الشوارع.
وتأتي هذه الخطوة وفقا لقرار مجلس الوزراء الصادر في أبريل الماضي، ببدء تطبيق الاشتراطات البنائية الجديدة ومنظومة التراخيص الجديدة على المدن التي تم اختيارها للتطبيق التجريبي بداية من الأول من مايو لمدة شهرين، على أن يبدأ في باقي المدن بداية من مطلع يوليو.
وتأخر تطبيق الاشتراطات الذي كان مقررا لها الخميس بسبب إجازة ذكرى ثورة 30 يونيو وإجازة المراكز التكنولوجية، ليتم البدء بها من مطلع الأسبوع الحالي.
وعن تداعيات القرار على سوق العقارات، أوضح الخبير العقاري محمد عامر أن: "اشتراطات البناء الجديدة التي أقرتها الدولة المصرية مؤخرا لا شك أنها ستنعكس بشكل إيجابي قوي على منظومة البناء في مصر، وسيكون لها بالغ الأثر، وستنعكس على تقليل نسبة المخالفات في البناء".
وأكد عامر في حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية" أن: "من بين أهداف المنظومة الجديدة تقليل نسبة البناء العشوائي في مصر بالفترة المقبلة، حيث أن السنوات الماضية شهدت ارتفاعا في نسبة البناء المخالف، وكان لابد من إحكام السيطرة على عملية البناء ووضع اشتراطات".
وعدد الخبير العقاري إيجابيات المنظومة الجديدة قائلا: "سيكون لها تأثير إيجابي قوي على تقليل نسبة الهدر من الموارد الاقتصادية في البناء العشوائي، وسيخفض من الضغط على العديد من المرافق التي تستخدمها تلك الأبنية المخالفة، وهو ما يعد هدرا كبيرا للموارد المالية الناتجة كتكلفة لاستخدام تلك المرافق".
بدوره أشار أستاذ التخطيط العمراني بكلية الهندسة جامعة عين شمس، السيد بركة، إلى أن: "من بين أهداف المنظومة الجديدة الحد من انتشار العقارات بشكل عشوائي، ووضع قواعد بناء قاسية تلزم الجميع بالعمل على احترام القواعد وتنفيذ المباني بالشكل السليم".
وبيّن بركة في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "البناء على 70 في المئة من إجمالي مساحة الأرض مع استثناء المواطن الذي يمتلك مساحة أقل من 175 مترا سيكون له بالغ الأثر في الاستفادة من المساحة المستثناة من البناء كمساحات خضراء أو شوارع جانبية، وهو ما سيكون له تأثير من حيث التكدس السكاني، وسيعطي للشوارع متنفسا حقيقيا".
وأشار أستاذ التخطيط العمراني إلى أن: "اشتراط المنظومة الجديدة وجود رسومات هندسية خاصة بالأرض، وبيان الأرض من الناحية التخطيطية سيكون له مردود مميز من ناحية الحد من البناء العشوائي، وتشييد عقارات تحتوي على سبل الأمان واشتراطات السلامة، وسيبعدنا عن كوارث مثل عقار فيصل الذي ظل محترقا لأيام".
ونوّه بركة إلى أن: "سعي المنظومة لتحقيق السلامة الإنشائية للمباني أمر هام جدا لأنه يحافظ على العنصر الأهم وهو الروح البشرية، لذلك فعلى المقبلين على البناء الخضوع لتلك الاشتراطات وتنفيذها وعدم اللعب بالطرق الملتوية لأن الدولة سيكون لها رد قاس تجاه المخالفين".
وكان النائب أحمد السجيني رئيس لجنة التنمية المحلية بمجلس النواب قد أكد أن "الرخصة وفقا لاشتراطات البناء الجديدة تصدر بعد 60 يوما، وخلال الـ70 عاما الماضية كانت عمليات البناء تتم بدون تنظيم، وسيتم استثناء الشوارع الرئيسية من اشتراطات الارتفاعات في قواعد البناء الجديدة".
وتابع السجيني في تصريحات تلفزيونية: "هناك إرادة سياسية لتنظيم البناء، وسيتم التطبيق في كافة المحافظات وفقا لقواعد مرنة، وسنطلب من الحكومة توضيح أسباب استثناء بعض الشوارع الرئيسية، فالدولة وقفت بقوة من أجل تنظيم أعمال البناء".
المستندات المطلوبة
حدّدت منظومة التراخيص الجديدة عددا من المستندات للحصول على تراخيص أي بناء جديد، من بينها عدد من نسخ الرسومات الهندسية الخاصة بالأرض مع اعتمادها من مكتب المجمعة المصرية، وحساب القيمة الخاصة بتكاليف الأعمال، وصورة من ملكية الأرض، بجانب بيان الأرض من الناحية التخطيطية أو الاشتراطات على أن يتم إصدارها من الجهة الإدارية المختصة.
ومن بين الشروط الخاصة بتراخيص البناء الجديدة، إصدار تراخيص البناء لمدة 3 سنوات بدلا من سنة واحدة، وتصبح رخصة البناء عقدا ملزما بين الدولة وصاحب الرخصة، وتفعيل دور اتحاد الشاغلين وضمان الحوكمة الكاملة لمنظومة استخراج تراخيص البناء على أن يتم أتمتة المنظومة في كل محافظات مصر.
وتم تحديد تفاصيل المبنى في المنظومة الجديدة حيث يتراوح ارتفاع السكني بين 4 أو 5 أو 6 طوابق حسب مساحة الشارع الكلية، على أن يكون أقصى ارتفاع في أحياء القاهرة يبلغ عرض الشارع مرة ونصف.
تفعيل اتحاد الشاغلين
اشترطت المنظومة الجديدة توفير كراج في كل عقار أو مبنى، إما في أسفل العقار أو في أي طابق فيه، وزيادة مدة صلاحية الترخيص مع تفعيل الآليات التي استحدثها القانون لاستخراج التراخيص من خلال مكتب هندسي.
كما حددت المنظومة عددا من الإجراءات الخاصة بالحصول على التراخيص من بينها تفعيل دور اتحاد الشاغلين، وهو ما سيعني أن إجراءات صيانة العقار ستتم بشكل مستمر ودوري، الأمر الذي من شأنه تقليل سيناريوهات انهيار العقارات.
منع ظهور عشوائيات جديدة
بحسب خبير التطوير الحضاري ورئيس اتحاد مؤسسات أفريقيا للقضاء على العشوائيات، الحسين حسان، فإن "مصر تحتوي على أكثر من 3 ملايين مبنى مخالف، وأكثر من مليون و200 ألف حالة تعد على الأراضي الزراعية، والمنظومة الجديدة جاءت للاستفادة من 160 ألف فدان غير مخطّطة من إجمالي مساحة العمران التي تبلغ 417 ألف فدان".
وتابع خبير التطوير الحضاري في حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية": "تحاول الدولة من خلال الاشتراطات الجديدة للبناء منع ظهور عشوائيات جديدة، خاصة وأن تكلفة القضاء عليها قد كلّفت الدولة مبالغ طائلة وصلت إلى 38 مليار جنيه على مدار 6 سنوات".