ضربة جديدة للمسار السياسي الليبي الهادف لإعادة الاستقرار في البلاد، بعدما فشلت لجنة الحوار السياسي في جنيف في جولتها التفاوضية الأخيرة في الاتفاق على القاعدة الدستورية للانتخابات البرلمانية والرئاسية المزمع عقدها في 24 ديسمبر المقبل، فيما يملك مجلس النواب طوق النجاة لإنقاذ البلاد من الرجوع إلى المربع الأول.

وأثار إعلان ريزيدون زينينجا، الأمين العام المساعد منسق الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ليلة السبت الماضي، فشل جولة محادثات ملتقى الحوار السياسي، استهجان الشارع الليبي الذي كان يعقد آمالا كبيرة في إتمام الاستحقاق الانتخابي وانتهاء المرحلة الانتقالية التي تعيشها البلاد منذ 2011.

خطاب للأمم المتحدة

وبدوره طالب عارف النايض رئيس تكتل إحياء ليبيا، يان كوبيش المبعوث الأممي لدى ليبيا، بمنع أي محاولات لرئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة ومساعديه لعرقلة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المباشرة في موعدها المحدد.

وشرح النايض بحسب خطاب وجهه إلى كوبيش، حصلت سكاي نيوز على نسخة منه، ست نقاط ترتكز عليها خطته لإتمام الانتخابات ومنع عرقلتها مثلما تريد جماعة الإخوان، مطالبا بنشر نتائج تحقيق لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة على وجه السرعة فيما يتعلق بالعملية "المعيبة" التي أوصلت الدبيبة إلى السلطة وخاصة الملحق رقم 13 الذي تم حجبه من تقرير اللجنة الأخير.

كما دعا إلى فتح تحقيق شامل للنظر في الأساليب التي اتبعها المعرقلون للانتخابات وتمكنوا من خلالها من "تخريب" جلسات ملتقى الحوار السياسي الأخيرة وذلك بطرح مقترحات مخالفة للقانون الدولي والإجماع المحلي والدولي تنال من قطعية التاريخ المحدد لعقد الانتخابات، مطالبا بنقل صلاحيات الدبيبة التنفيذية إلى نائبه لحين انتهاء التحقيقات وصدور نتائجها.

وطرح النايض، حلا بديلا لاعتماد قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات، وذلك بتفعيل صلاحيات رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، بما في ذلك من قوانين تشكل أساسا كافيا لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المباشرة في موعدها المقرر، وفي حال تعذر هذا الإجراء فيمكن حث مجلس الأمن على اعتمادها خلال جلسته المقبلة.

وناشد الخطاب المرسل إلى كوبيش بضرورة فرض عقوبات رادعة ناجزه على كل من سولت أو تسوّل له نفسه عرقلة أو تخريب إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، ومن بينهم بعض أعضاء الملتقى المعرقلين للانتخابات خلال الجلسة الأخيرة.

وشدد على ضرورة ممارسة الضغوط على جميع القوات الأجنبية والمرتزقة لمغادرة الأراضي الليبية بشكل عاجل، مطالبا بضرورة إشراك الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية في إمكانية إرسال فرق دعم الانتخابات وحمايتها. 

السيناريو البديل

وبدوره قال فتحي المريمي، مستشار رئيس مجلس النواب الليبي، إن البرلمان قادر على القيام بالدور التشريعي اللازم لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية على أكمل وجه، وفقا لما لديه من قوانين وقرارات موجودة بالفعل بالإضافة لقدرته على سن تشريعات أخرى.

وذكر المريمي في تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية، بالقرار رقم 5 لسنة 2014، الذي بموجبه فوض مجلس النواب الليبي لاختيار رئيسه، مبينا أن القاعدة الدستورية التي أتت بالمجلس الحالي مازالت قائمة ويمكن إجراء الانتخابات البرلمانية الجديدة تأسيسيا عليها.

وأوضح أن مجلس النواب يمكنه إعداد قوانين جديدة يقدمها للمفوضية العليا للانتخابات إذا احتاجت ذلك، خاصة بعد ظهور مشكلات بين أعضاء لجنة الحوار السياسي وفشلها في تقديم قاعدة دستورية للانتخابات.

معرقلي الانتخابات

من جانبها، أكدت عفاف الفرجاني، الكاتبة الصحفية، أن انتخابات 24 ديسمبر استحقاق ومطلب وطني ودولي ومجلس الأمن والمجتمع الدولي كله يطمح إليها في ضوء المسار السياسي للوصول إلى حل الأزمة في البلاد، مبينة أن القوى المعطلة للانتخابات "إشارة إلى جماعة الإخوان الإرهابية" كشفت عن وجهها الحقيقي وعليه يجب الدفع بالمضي قدما لإجراء الانتخابات.

واعتبر محمد قشوط المحلل السياسي الليبي، أن ما أورده خطاب النايض، هو نتيجة طبيعية لعرقلة خارطة الطريق المتفق عليها، مؤكدا على اتفاقه مع كل ماورد بها لأنه عبر عن كل ما يدور في عقل المواطن الليبي الرافض لإطالة أمد الأزمة الليبية.

فشل التوافق على القاعدة الدستورية

وفي حديثه لموقع سكاي نيوز عربية، أشار قشوط إلى أن اللجنة الاستشارية المنبثقة عن لجنة الحوار كانت قد جهزت بالفعل مقترحها للقاعدة الدستورية تمهيدا للتصويت عليها في لجنة الحوار، إلا أن الجميع فوجئ بعرض 21 عضوا يتبعون الدبيبة لورقة أخرى تقترح تأجيل الانتخابات ومد أجل الحكومة إلى عامين ونصف، وهذا يعد نكوصا واضحا للمخرجات السابقة.

وبحسب تصريحات الفرجاني لموقع سكاي نيوز، فإنه إذ لم تمتثل حكومة الوحدة الوطنية لإرادة المجتمع الليبي فيجب على المجتمع الدولي والأعراف المنصوص عليها وأهمها قرار 7 المفروض على ليبيا منذ عام 2011، تفعيل العمل السياسي، لأن بديله هو العمل العسكري لإخراج المرتزقة من البلاد.

ووجهت فرجاني دعوتها إلى مجلس النواب بتفعيل قراره الذي أصدره عام 2014 القاضي بتوليه رئاسة الحكومة بديلا عن الحكومة الوطنية لدعمها بعض التكتلات السياسية التي تدور في فلك جماعة الإخوان.

ورأى قشوط أن حكومة الدبيبة جاءت بهدف توفير الخدمات الأساسية والوصول إلى الانتخابات لكنها فشلت في مهمتها الأولى في ظل انقطاع التيار الكهربي المتكرر وها هو التيار التابع لها يسعى لعرقلة العملية الانتخابية.

ووصفت الموقف بالضبابي فمن غير المعروف ما الذي تحمله الأيام المقبلة على المشهد السياسي وهل سيتخذ المجتمع الدولي خطوات بشأن معرقلي خارطة الطريق من أجل الوصول إلى الاستحقاق الانتخابي.

وفسر قشوط عدم موافقة التيار التابع للدبيبة في ملتقى الحوار على استكمال خارطة الطريق والوصول إلى الانتخابات الرئاسية، لــ"خشيتهم من ترشح المشير خليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة الليبية للرئاسة لأنه حتما سيفوز بها".

وبحسب مصدر بالملتقى أخبر أن الجلسة الختامية جرت وسط أجواء مشحونة وغياب تام للتوافق، مشيرا إلى تلقي أعضاء بالملتقى رسائل تهديد للضغط عليهم من أجل تغيير مواقفهم بعضها من زملاء لهم.

وقالت مصادر لموقع سكاي نيوز إن تنظيم الإخوان وراء إفشال جهود ملتقى الحوار السياسي الليبي، الذي سعى للتوصل إلى قاعدة دستورية متوافق عليها من أجل إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر المقبل.