ركز البيان الختامي لقمة بغداد التي عقدت الأحد، بين العراق ومصر والأردن، على ملف مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، دالا على أهمية القضايا الأمنية للدول الثلاث.

وحدد البيان الختامي كامل طيف المحددات التي ستسعى البلدان الثلاث إلى التعاضد في شأنها لمواجهة هذه الظاهرة، عندما أوضح: " التنسيق الأمني والاستخباري بين الدول الثلاث لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والمخدرات، وتبادل الخبرات في مجال الأدلة الجنائية ومكافحة الجريمة الإلكترونية والتسلل، ومواجهة كل من يدعم الإرهاب بالتمويل أو التسليح أو توفير الملاذات الآمنة والمنابر الإعلامية، مشددين على أهمية استكمال المعركة الشاملة على الإرهاب".

وأطاح الإرهاب ثلث مساحة العراق الجغرافية، وأحدث أكبر الشروخ الطائفية بين أبنائه، وتسبب بواحدة من أبشع المآسي بحق أبناء الطائفية الإيزيدية العراقية.

أخبار ذات صلة

العراق والأردن يدعمان موقفي مصر والسودان في سد النهضة
الملك عبد الله يشيد بارتفاع مستوى التنسيق مع مصر والعراق

ولا تزال بلاد الرافدين تواجه بقايا التنظيمات الإرهابية الموزعة كخلايا نائمة وناشطة في أكثر مناطقه خطورة، إما في مناطق التماس الطائفية في حزام العاصمة بغداد، أو في الخط القومي بين إقليم كردستان والمناطق المركزية من البلاد.

الكاتب السياسي الكردي العراقي سامان محمد، شرح في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، المعضلة المركبة التي يعانيها العراق حسب رأيه، قائلا: "بينما يشهد العراق واحدة من أكبر المعارك في مواجهة التنظيمات المتطرفة على مستوى المنطقة، فإن الأحزاب والقوى السياسية بغالبيتها، أو على الأكثر الأحزاب الحاكمة منها، يمكن اعتبارها أحزابا للإسلام السياسي المتطرف، التي تنتج وتفرز وتهيئ البنية التحتية من المجتمع لأن تكون قابلة للانزلاق نحو التطرف العنيف".

وفي هذا الصدد تبدو مصر الأكثر جذرية في مواجهة هذا التحدي، فقد أحدث النظام السياسي المصري قطيعة سياسية مطلقة مع الإسلام السياسي عبر إخراج تنظيم الإخوان من الفضاء السياسي للبلاد، ومواجهة أي محاولة من قبلها للسيطرة على السلطة في البلاد.

الباحث المصري في الشؤون الأمنية بهاء صبحي شرح في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أطر التعاون التي يمكن لمصر أن تستفيد منه عبر تعاونها الأمني والسياسي مع كل من العراق والأردن في هذا المجال.

وقال صبحي: "تعرف مصر التداخلات السائلة بين تنظيمات وقوى الإسلام السياسي المتطرفة، سواء الإرهابية منها أو الفكرية. لذا فإن الشبكات الاستخباراتية العراقية والأردنية، التي راكمت خبرات كثيرة خلال الأعوام الماضية بشأن التنظيمات المتطرفة على المستوى الإقليمية، يمكن لها أن ترفد الأجهزة المصرية بسيل من المعلومات والمعطيات التي تحصل عليها، الأردن من خلال خبرته بالتنظيمات الرديفة والمرتبطة بالإخوان، والعراق من خلال اطلاعه الدؤوب على ملفات التنظيمات الإسلامية الإقليمية".

وأضاف الباحث المصري: "نلاحظ أن تجارب الدول الثلاثة في مواجهة الإسلام السياسي المتطرف مختلفة عن بعض البعض تماما، فبينما يقبل العراق بتنظيمات إسلامية محافظة سياسيا ويحارب التنظيمات المسلحة، ويسعى الأردن لاحتواء الإسلام السياسي عبر مزيج من المشاركة في السلطة وغض النظر عن نشاطاتها في الحياة العامة، فإن مصر تصر على أن أمنها القومي مرتبط بشكل مطلق بكبح أي بذرة للإسلام السياسي المتطرف، السياسي والفكري والعنيف على حد سواء. التجارب الثلاث تشكل أرضية واضحة لفهم مقارن لتأثيرات هذه التنظيمات على الحياة العامة في هذه البلدان".

ولم تظهر من خلال البيان الختامي أو التصريحات الصادرة عن زعماء الدول الثلاث، آليات التعاون الأمني والعسكري التي يمكن للبلدان الثلاثة أن تتعاون بها عبر اتفاقية "الشام الجديدة" المتوقعة بينها.

لكن المراقبين أشاروا إلى أن تأسيس مركز لتدريب الأجهزة والافراد الاحترافيين في هذا المجال، وتكوين مركز لمراقبة التطرف ودراسة آليات تطوره، شبيه المركز المختص في هذا المجال، من النقاط العملية المطروحة على طاولة النقاش بين الأطراف الثلاثة.