كشفت مصادر رقابية في مصر عن حصاد "الحرب على الفساد" في الفترة من 2014 حتى 2019.
وقالت المصادر المسئولة في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" إن السُلطات المصرية أجرت تقييماً لبرنامج مواجهة الفساد الإداري في مرحلته الأولى، والتي بدأت بإطلاق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد في 2014، وأسفرت عن انخفاض غير مسبوق للفساد الإداري.
وأوضحت المصادر الرقابية أن تقييم جهود مكافحة الفساد شمل إجراء استطلاع رأي لـ3 أطراف رئيسية متأثرة بالفساد الإداري بشكل مباشر، وهى: مسئولو الشركات والخبراء والمواطنون، لقياس جهود مكافحة الفساد من واقع آرائهم، وفق معايير دولية اتبعتها هيئة الرقابة الإدارية بالتنسيق مع الحكومة.
وبلغ عدد المشاركين بآرائهم في التقييم نحو 34 ألف مواطن و1300 شركة و45 خبيرا.
تراجع الفساد الإداري
وحسب المصادر، انتهى تقييم الجهات الرقابية والحكومية في مصر إلى انخفاض الفساد الإداري بشكل متواصل، وذلك استنادا لنتائج "المؤشر العام لإدراك الفساد الإداري"، والذي تم تطبيقه على الفترة من 2016 حتى 2019.
وأوضحت المصادر أن مؤشر إدراك انتشار الفساد الإداري عام 2019 انخفض إلى 49 درجة، قياسا بعام 2018 الذي وصل فيه المؤشر إلى 43.5 درجة.
وتُقاس دلالة درجات مؤشر إدراك الفساد، بأنه يبدأ من "صفر"، ويعني إدراكاً مرتفعاً بوجود الفساد، إلى درجة 100، والتي تعني أن الدولة لا يوجد بها فساد على الإطلاق.
وكشف التقييم كذلك عن تحسن كبير بعد تطبيق "الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد 2014 – 2018"، مقداره 17.8 درجة خلال 4 سنوات فقط، ما يعني حسب المصادر وجود تحسن غير مسبوق في المكافحة، وانخفاض الفساد بمصر.
وبلغ المؤشر العام لإدراك الفساد الإداري عام 2016 نحو 31.2 درجة، ثم 37.3 خلال 2017، و43.5 في 2018، وصولاً إلى 49 درجة خلال 2019، وفق المصادر.
جدية المكافحة
ويقول الدكتور عاصم عبد المعطي، رئيس المركز المصري للشفافية ومكافحة الفساد، وكيل الجهاز المركزي للمحاسبات الأسبق، إن زيادة إدراك الفساد في مصر جانب إيجابي في المكافحة، لكننا نحتاج مزيدا من الجهد في هذا الملف الفترة المقبلة.
ويضيف عبد المعطي، في حديث لسكاي نيوز عربية، أن الدولة المصرية جادة في مكافحة الفساد، لكن بشكل غير معلن خلال عامي 2020 و2021، والفترات السابقة عليها كان يتم الإعلان عن وقائع الفساد ومحاسبة المسئولين المتورطين فيها.
وناشد رئيس المركز المصري للشفافية ومكافحة الفساد المسئولين عن الجهات الرقابية بنشر حصاد جهودها، حتى يشعر المواطن بأن هناك جدية في الأمر.
ويتابع قائلاً إن المواطن يعاني من الفساد في مجاهل الجهاز الإداري للدولة، وإعلان الحقائق يُشعره بأن الدولة جادة في مكافحة أي ممارسات فاسدة.
مؤشرات إدراك الفساد
وذكرت المصادر أن المؤشر العام لإدراك الفساد الإداري في مصر يتكون من 7 "مؤشرات فرعية"، هي "إدراك المواطنين، وإدراك مسئولي الشركات، و5 مؤشرات لتقييم الخبراء في 5 مجالات هي الاقتصاد، والحوكمة، والقانون، والسياسات العامة، والشركات".
ووفق المصادر، فإن الخبراء يرون أن الفساد الإداري منتشر بشكل أقل، مقارنة بالمواطنين ومسئولي الشركات الذين شملهم التقييم، إذ قيَّم الخبراء الفساد الإداري بـ 53.2 درجة، مقابل 38.7 لمسئولي الشركات، و33.4 لمؤشر إدراك المواطنين للفساد الإداري.
وقالت المصادر، إن الجهات الرقابية عرّفت الفساد الإداري بأنه "إساءة استخدام السلطة الممنوحة في تطبيق القوانين، واللوائح، أو المحاباة، وتعظيم المصلحة الشخصية، وكل ما يضر بالمصلحة العامة، وتحقيق مكاسب شخصية مادية أو معنوية".
متابعة رئاسية
وعقب تولي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، منصبه عام 2014، تم إطلاق استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد، ثم أطلقت الدولة استراتيجية أخرى في 2019، ويمتد تنفيذها حتى 2022.
ووفق الدستور المصري في المادة 218 منه: "تلتزم الدولة بمكافحة الفساد وتلتزم الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بالتنسيق فيما بينها في مكافحة الفساد، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، ضماناً لحسن أداء الوظيفة العامة ووضع ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالمشاركة مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية".
وحسب هيئة الرقابة الإدارية فإن مصر تقدمت 55 مركزاً في "مؤشر مكافحة الفساد" خلال 2020 مقارنة بعام 2019. وأقرت الحكومة المصرية قانون الخدمة المدنية عام 2017 وكان بين أهدافه مكافحة الفساد الإداري.
33 جهازا رقابيا
ويقول الدكتور حمدي عرفة، الخبير في علوم الإدارة والتنمية المحلية، إن مصر تشهد انخفاضا في انتشار الفساد، بفضل محاولات مستمرة من الدولة لمكافحته، لكن لا يوجد دولة تقضي على الفساد بنسبة 100 بالمئة، خصوصاً أنه ظاهرة عالمية.
ويضيف عرفة، في حديث لسكاي نيوز عربية، أن الحكومة الحالية ورثت تركة ثقيلة من الفساد عمرها يصل حتى 50 عاماً، ولا بديل عن المكافحة، حيث يوجد في مصر 33 جهاز رقابي لمواجهة الفساد.
ويوضح عرفة، أن مصر قطعت شوطا كبيرا في ملف الميكنة والتحول الرقمي بما سيقلل انتشار الفساد، بشكل جيد.
ويؤكد الخبير في الإدارة أن التحسن في مواجهة الفساد لابد أن يستتبعه مزيد من الإجراءات لمواصلة التحسن، مثل التعديلات التشريعية، ورفع أجور العاملين بالجهاز الإداري للدولة ومعاشاتهم.