يطغى ملف المرتزقة الأجانب في ليبيا على جدول أعمال مؤتمر برلين 2، الذي يحاول تمهيد الطريق أمام انتشال الدولة العربية من الفوضى التي غرقت فيها منذ 2011.
ورغم أن الأزمة الليبية مندلعة منذ أكثر من عقد، إلا أن ملف المرتزقة حديث نسبيا، فقد طفا على السطح بعد الاتفاق الأمني الذي أبرمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع رئيس حكومة الوفاق السابقة، فايز السراج، أواخر عام 2019.
وبعدها، بدأ المرتزقة، وغالبيتهم من السوريين التدفق على ليبيا، وتحديدا على مناطق غربي البلاد التي تسيطر عليها الميليشيات والتنظيمات المتطرفة.
ويقول المرصد السوري لحقوق الإنسان في سوريا، وهو المنظمة التي توثق تنقلات عناصر المرتزقة السوريين، إن أنقرة بدأت في تجنيد آلاف السوريين ضمن الميليشيات الموالية لها في شمالي سوريا للذهاب إلى ليبيا.
وذكر أن عددهم في البداية كان في حدود 4 آلاف مرتزق، قبل أن يصبحوا 13 ألفا في مارس 2021، ثم بدأت الأعداد تنخفض تدريجيا لتصل إلى 7 آلاف قبيل مؤتمر برلين 2 بسبب تراجع الحوافز المالية المقدمة لهم.
وينتمي هؤلاء إلى فصائل: "فرقة السلطان مراد" و"فرقة الحمزات"، و"لواء المعتصم بالله"، وتشرف على تدريبهم وتسليحهم شركة "سادات" التركية العسكرية الخاصة.
لماذا الاعتماد على المرتزقة؟
وكانت مواقع متخصصة في الطيران قد رصدت تشييد تركيا جسرا جويا بينه وبين الغرب الليبي، كان يضم رحلات غير مسجلة، وظهر مصطلح المرتزقة في ليبيا بعدما نقلت إذاعة "أر أف ي" الفرنسية عن مصادر أن مطار معيتيقة كان يشهد حركة دؤوبة لنقل المسلحين السوريين.
ويعتمد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على المرتزقة، لأن مقتلهم لن يكون له تأثير يذكر، بخلاف ما قد يحصل له داخليا في حال عاد مئات الجنود إلى ذويهم في توابيت، كما أن المرتزقة غير مشمولين بحق اعتبارهم أسرى حرب كجنود الدول مثلا، ولا يحركم شيء سوى المال.
ولا يبدو أن أنقرة في وارد سحب هؤلاء المرتزقة، فقد صرح وزير الخارجية التركي، مولود تشاوش أوغلو، في مايو الماضي خلال لقائه نظيره الألماني هايكو ماس، أن بلاده متفقة مع برلين على ضرورة سحب جميع المرتزقة الأجانب من ليبيا، لكن لدى تركيا "اتفاقا" مع الحكومة الليبية بشأن تمركز قواتها هناك.
وهو ما يعني عمليا أن تركيا مصممة، في المرحلة الحالية على الأقل، على إبقاء هؤلاء المرتزقة هناك، فالاتفاق هو مجرد غطاء لذلك.
وكان المبعوث الدولي الخاص للأمم المتحدة الخاص بليبيا، يان كوبيتش، قد قال في مايو الماضي إن التقدم بشأن قضية المرتزقة قد توقف، بالجداول الزمنية بهذا الخصوص لم تحترم، خصوصا موعد 23 يناير الماضي الذي كان من المفترض أن يغادر بحلوله كل المرتزقة
والأخطر في كلام كوبيتش هو أن وجود المرتزقة في ليبيا لا يشكل تهديدا لهذه الدولة فحسب بل لكل الجوار، إذ يمكن أن تشكل البلاد الغارقة في الفوضى قاعدة لكل أعمال التمرد.
ومن المؤكد أن يثير استمرار وجود المرتزقة أزمات في لبيبا، بما في ذلك عودة القتال، ويمكن أن تؤدي إلى التاثير على سير العملية الانتخابية المقررة في ديسمبر المقبل.