هيمن الملف الليبي على المحادثات التي جمعت الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، برئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، خلال زيارة الأخير إلى القاهرة، يوم الاثنين.
وتوافقت مصر واليونان على دعم المسار السياسي القائم وصولًا إلى إجراء الاستحقاق الانتخابي في موعده المقرر في 24 ديسمبر المقبل، بالإضافة إلى أهمية خروج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية وعودة ليبيا لأبنائها، واستعادتها لسيادتها ووحدة أراضيها واستقرارها.
معاناة الفوضى
وتسببت حالة الفوضى في ليبيا في كثير من المعاناة لكل من مصر واليونان، نظرا لكونهما دولتين تتقاسمان حدودا مع البلد المضطرب؛ إحداهما برية وأخرى بحرية.
وواجهت مصر مشكلات أمنية وعسكرية من حدودها الغربية مع ليبيا، كما واجهت اليونان موجات من التدفق الهائل لعمليات الهجرة غير الشرعية المنطلقة من السواحل الليبية عبر البحر المتوسط.
كما تأزمت العلاقات الليبية مع مصر واليونان، خلال فترة حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، بعد أن تحالفت مع تركيا ووقعت ما قيل إنها اتفاقيات أمنية وعسكرية وبحرية، فكانت تمهيدا لجلب أنقرة آلاف المرتزقة إلى ليبيا، إضافة إلى تعدي تركيا على حقوق اليونان المائية.
ومع الإعلان عن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الليبية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، تحسنت العلاقات نسبيا مع مصر واليونان من جانب، وليبيا من جانب أخر، فجرى تبادل الزيارات الرسمية وتم التأكيد على العمل بما يراعي مصالح دول الجوار.
من جانبه قال الباحث السياسي، محمد الغرياني، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن الحديث عن الملف الليبي لم يغب عن طاولة المحادثات بين مصر واليونان، مشيرا إلى أن البلدين يسعيان باستمرار إلى تحقيق السلام والأمن المستدام على الأراضي الليبية، مضيفا أن مصر عانت كثير من حدودها الغربية بسبب الفوضى التي شهدتها ليبيا، فالجميع يعلم أن العمليات الإرهابية التي وقعت في نطاق الصحراء الغربية وراح ضحيتها ضباط وجنود مصريين انطلقت من ليبيا.
وأشار الغرياني إلى أن تركيا استغلت أيضا العداء مع مصر ووضعت الآلاف من الإرهابيين والمرتزقة بالقرب من الحدود المصرية، لتمثل أداة ضغط على الجانب المصري لزعزعة استقراره، لافتا إلى أن اليونان تأثرت هي الأخرى بالأزمة الليبية.
وأردف الباحث أن رحلات الهجرة غير الشرعية التي انطلقت من ليبيا تجاه شواطئ اليونان توضح حجم الكارثة التي ضربت البلد الأوروبي الذي يعاني في الأصل من أزمة اقتصادية خانقة.
وأكد الباحث السياسي أن مصر واليونان تسعيان في المقام الأول إلى كبح جماح التنظيمات الإرهابية المتمركزة في ليبيا، والتي تحرك العصابات والمرتزقة وتنظم عملية الهجرة غير الشرعية التي تتنطلق إلى أوروبا.
وكانت تركيا قد عملت بشكل رئيسي، على دعم حكومة الوفاق في ليبيا، حيث كشفت تقارير صحفية عن تواجد أكثر من 6630 مرتزقاً في ليبيا، ويقول رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن ملف المرتزقة السوريين المتواجدين في ليبيا لايزال معلقاً إن لم يكن منسياً، فعودتهم لاتزال متوقفة بشكل كامل، وهو ما يثير استياء عاماً حتى في أوساط المرتزقة الذين جندتهم أنقرة أنفسهم.
عامل مشترك
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي، إبراهيم الفيتوري، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن هناك عاملا مشتركا يربط مصر واليونان بليبيا وهو وجود حدود كبيرة تسببت في كثير من الأحيان بأزمات كبيرة للدولتين حينما كانت هناك فوضى عسكرية في البلاد.
وأضاف الباحث أنه لا مجال للشك في أن مصر واليونان من أكثر الدول التي يهمها استقرار ليبيا لوقف الفوضى التي تصدرها إليهم، خاصة في مجال الأمن والهجرة غير الشرعية.
وتابع الفيتوري أن لقاء الرئيس المصري ورئيس الوزراء اليوناني وتأكيدهما على أهمية إجراء الانتخابات في موعدها، وتحقيق السلام والاستقرار في ليبيا، يعكس الأهمية القصوى التي يوليها الجانبان لهذا البلد، موضحا أن الخلل الذي سببته حكومة السراج مع مصر واليونان بإبرام اتفاقيات تؤثر على أمنهما لابد أن يعالج، نظرا لأهمية هاتين الدولتين بالنسبة لليبيا.
في غضون ذلك، تثار أسئلة حول ما إذا كانت حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ستعيد الأمور إلى نصابها مع مصر واليونان، وتعيد فتح ملف الاتفاقيات الموقعة مع حكومة السراج والتي تسببت في أزمات سياسية ودبلوماسية مع دول الجوار.