بعد إضافة الوفيات لسجلات الناخبين، ونشر الفوضى، يسعى تنظيم الإخوان الإرهابي للسيطرة على نتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة ديسمبر المقبل في ليبيا، عبر أساليب أخرى لحصد الأصوات لصالحهم، منها تزوير بطاقة الرقم الوطني لصالح المرتزقة والمقاتلين الأجانب، وتعيين رئيس لمفوضية الانتخابات من صفوفهم.
المحلل السياسي الليبي فرج ياسين يرى أن كل هذا ليس ببعيد عن الإخوان؛ "لأنهم يدركون بأنه ليس لهم حاضنة شعبية" وهو ما ظهر واضحا في سقوطهم المروع في الانتخابات البرلمانية 2014.
ويضرب ياسين في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية" مثلا بأن رئيس مصلحة الأحوال المدنية السابق محمد بوكر صرح سابقا بأن هناك تزوير في الأرقام الوطنية (بطاقة الهوية الوطنية) لأكثر من مليون أو مليون ونصف، وبعدها أقيل من منصبه، وتعرض للترهيب والتهديد من الجماعات الإرهابية بعدما كشف ذلك.
"المرتزقة ينتخبون"؟
ويلفت المحلل السياسي الليبي الانتباه إلى نقطة أخرى، وهي أن تأخر تركيا في سحب المرتزقة السوريين من ليبيا قد يكون من أسبابه استخدامهم في المشاركة في الانتخابات لصالح الإخوان بأسماء وهمية وبطاقات وطنية مزورة.
وإذا ما نجحوا في هذا المخطط، معناه سيكون لهم أغلبية في البرلمان، مستقويين في ذلك أيضا ببقاء الميليشيات- المكونة في أكثرها من مرتزقة ومقاتلين أجانب- فيتأزم الموقف أكثر في ليبيا كما يتوقع ياسين.
واتفق معه المحلل السياسي الليبي الدكتور مختار الجدال قائلا إن "تنظيم الإخوان لن يدخر جهدا في سبيل التمكين والسيطرة على البلاد من خلال تزوير الانتخابات القادمة سواء البرلمانية والرئاسية، خاصة وأنهم سيطروا بالفعل على منظومة الرقم الوطني في ليبيا، ولا يزال السجل المدني بالكامل تحت أيديهم".
ويضرب مثلا آخر على سوابق لهم في التزوير في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية" بأن التنظيم أصدر لأعضائه المتوفين بطاقات جديدة وسجلوهم في بالدوائر والمراكز الانتخابية بالبلاد"، غير أنه يتفاءل بأن الليبيين "فطنوا لألعاب الإخوان وسيعدون مراجعة ذلك الأمر قبل الانتخابات في حال أراد الشعب ذلك".
وفيما يخص مساعيهم لتعيين رئيس لمفوضية الانتخابات من صفوفهم يقول مختار الجدال إن مجلس الدولة الذي ما زال يسيطر عليه التنظيم (يقوده خالد المشري) اشترط للتضحية بمحافظ البنك المركزي، الصديق الكبير، المقرب من الإخوان، في التعيينات الجديدة للمناصب السيادية أن يتم استبعاد عماد السائح من رئاسة مفوضية الانتخابات في المقابل، وتعيين رئيس لها من اختيارهم.
وسائل أخرى في جعبة الإخوان للسيطرة على الانتخابات المقبلة، منها إما محاولة تأجيلها بنشر الفوضى، أو شراء الذمم والأصوات إن تم الانتخابات فعلا، وفق ذات المتحدث.
مرتبات للأشباح
مظهر آخر من مظاهر التزوير التي انتشرت في أجهزة الدولة منذ سيطرة الإخوان عليها بعد سقوط نظام حكم الرئيس السابق معمر القذافي، يكشفه المحلل السياسي الليبي خالد الترجمان، وهو أن من يتلقون مرتبات في البلاد أكثر من تعداد المواطنين بمليون أو أكثر.
ويوضح لـ"سكاي نيوز عربية" بأنه "بعد سقوط النظام في 2011 تم توزيع أرقام وطنية على بعض التبو غير الليبيين والمرتزقة بأعداد هائلة".
و"التبو" قبائل منتشرة على الحدود ما بين ليبيا وتشاد والسودان.
وفي عام 2018، كشف رئيس تحالف القوى الوطنية الليبية، محمود جبريل، في تصريحات لوكالة "رويترز" عن وجود تزوير واسع النطاق يتعلق بالرقم الوطني في البلاد، مستشهدا بمصادر داخل مصلحة الأحوال المدنية التي تصدر الرقم الوطني وقال: "بدأ تلاعب كبير وتزوير في سجلات الأرقام الوطنية بدءا من 2016 و2017".
وأضاف: "الكثير ممن توفوا لم يتم الإبلاغ عنهم وبالتالي صدرت أرقام وطنية جديدة باسمهم...الكثير من الأسر المزيفة سجلت.. الكثير من الأبناء والبنات المزيفين أضيفوا على عائلات فقط للاستفادة من مخصصات يدفعها البنك المركزي".
وهو ما أكده كذلك رئيس مصلحة الأحوال المدنية السابق محمد بوكر، مؤكدا وجود تلاعب بمصلحة الأحول المدنية ومنظومة الرقم الوطني بعد عام 2015، وأن لديه نسخة صحيحة من تعداد المنظومة.
وقال بوكر في تصريحات صحفية وقتها، إن هناك حوالي مليون نسمة كرقم إضافي ضمن تعداد السكان الليبيين لأسباب وأجندات متعددة، بحسب وصفه.
وحينها رفض رئيس مصلحة الأحوال المدنية اللاحق له، محمد بالتمر، حدوث هذا التزوير.
وتعرض بوكر لعدة محاولات اغتيال على يد مسلحين مجهولين غرب العاصمة طرابلس أثناء رئاسته مصلحة الأحوال المدنية بعد تقديمه تقارير سرية للمؤتمر الوطني السابق حول وقائع التزوير والتلاعب في الجنسية الليبية.