تنتظر الأحزاب الفائزة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في الجزائر، تثبيت المجلس الدستوري للنتائج النهائية التي أعلنت عنها السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، حتى تشرع في نسج خيوط التحالفات بهدف تشكيل الحكومة المقبلة التي ينص عليها الدستور، بعد إفراز الصندوق للتشكيلات السياسية المتصدرة للمشهد البرلماني لخمس سنوات مقبلة.
وقبل ذلك، بدأ قادة بعض الأحزاب على غرار حزب جبهة التحرير الوطني المتصدر للنتائج الأولية (105 مقعدا)، في إطلاق تصريحات إعلامية تؤكد على ضرورة التحاور مع باقي الكتل والتشكيلات السياسية بخصوص المرحلة المقبلة، التي تعتبر محطتها الأولى عند تشكيل الحكومة الجديدة.
وينص الدستور الجديد، الذي تم الاستفتاء عليه في نوفمبر 2020، على نوعين من الحكومات التي تفرزهما الانتخابات البرلمانية.
وقد رسمت المادة 103 من الدستور ذاته، شكل الجهاز التنفيذي الجديد، وجاء النص القانوني كالتالي: "يقود الحكومة وزير أول في حال أسفرت الانتخابات التشريعية عـن أغلبية رئاسية"، في حين "يقود الحكومة رئيس حكومة، في حال أسفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية برلمانية".
والوزير الأول في الجزائر هو منسق بين أعضاء الجهاز التنفيذي من دون صلاحيات، في حين أن رئيس الحكومة لديه صلاحيات واسعة بما أنه يرأس حكومة بأغلبية برلمانية.
حكومة بأغلبية رئاسية
ويشير مراقبون للمشهد السياسي في الجزائر، أن النتائج التي أعلن عليها رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي الثلاثاء الماضي، لم تفرز أي أغلبية برلمانية لصالح حزب معين، وبالتالي فإنه من صلاحيات رئيس الجمهورية في هذه الحالة تعيين وزير أول يقود الفريق الحكومي الجديد.
وتوقع أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الجزائرية والمترشح الفائز بمقعد برلماني عن حزب جبهة التحرير الوطني علي ربيج، أن حزب "الأفلان" الفائز عدديا بهذه الانتخابات ستوجه إليه الدعوة لتشكيل الحكومة المقبلة، و"بالتالي هو من يقود المشاورات مع باقي الأحزاب التي تتقاطع معه نفس القناعات وقراءة الأوضاع".
وأوضح ربيج لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه "لا يجب استباق الأحداث. علينا انتظار صدور النتائج النهائية من طرف المجلس الدستوري الذي يعكف حاليا على دراسة الطعون الموجهة إليه، وبعدها سيتم الحديث عن التحالفات الحزبية الممكنة"، مؤكدا في السياق ذاته أن "العملية معقدة وتحتاج بعض الوقت".
ودعا المتحدث ذاته إلى "تشكيل حكومة من منطق القوة بإطارات حزبية، حتى تكون لديها القدرة على القيام بإجراءات إصلاحية اقتصادية واجتماعية في ظل ظرف جائحة كورونا".
تجدر الإشارة إلى أن الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني أبو الفضل بعجي، كان قد أشار غداة إعلان النتائج إلى أن "برنامج الحزب قريب من برنامج الرئيس، ونضع أنفسنا ضمن الأغلبية الرئاسية، ويبقى القرار بيده لاتخاذ ما يتوافق مع الدستور".
حكومة توافقية
بالمقابل يطرح العديد من المتابعين للشأن السياسي الجزائري فكرة تشكيل "حكومة توافقية" تتشكل من عدة أحزاب سياسية، والحجة في ذلك الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي يتطلب تشكيل أكبر حزام سياسي حول الطاقم الحكومي لمواصلة تنفيذ الإصلاحات المتبقية خاصة في ظل مقاطعة المعارضة التقليدية للانتخابات البرلمانية.
وكانت بعض الأحزاب قد اقترحت تشكيل حكومة وحدة وطنية تجمع بين التيارات المتشكلة للمشهد السياسي في البلاد، والعمل على تحقيق التوافق الديمقراطي بينها، والاعتماد على مقاربة تشاركية دون إقصاء بما فيهم من قاطع الانتخابات.
في غضون ذلك، يدخل الأحرار أو المستقلون حسابات تشكيل الجهاز التنفيذي الجديد بقوة بما أنهم أصبحوا في سابقة هي الأولى في الجزائر القوة السياسية الثانية في المجلس الشعبي الوطني، بحلولهم في المرتبة الثانية وتحصلهم على 78 مقعدا وراء المتصدر حزب جبهة التحرير الوطني.
ووفق بعض القراءات، فإن كل احتمالات دخول كتلة المستقلين الحكومة واردة سواء مع طاقم حكومي سياسي أو طاقم كفاءات كما يشير بعض المحللين السياسيين.