انطلقت خلال الأسبوع الجاري الرحلات البحرية الاستثنائية المخصصة لتأمين عودة العاملات المغربيات الموسميات في حقول الفراولة الإسبانية إلى بلدهن، بعد أن أغلقت الحدود في وجههن بسبب فيروس كورونا.
ويتعلق الأمر بعاملات مغربيات يقصدن في الفترة ما بين شهري فبراير ويونيو من كل عام إقليم "هويلبا" جنوبي إسبانيا، للعمل في قطف فواكه الموسم والفراولة بشكل خاص، في إطار برنامج الهجرة بين البلدين.
وقد صلت 630 من العاملات الثلاثاء إلى المغرب، في رحلة قادمة من ميناء الجزيرة الخضراء إلى ميناء طنجة المتوسط، بينما شملت الدفعة الثانية من العائدات إلى المغرب يوم الأربعاء 523 عاملة عبر ذات الخط البحري الذي يربط الجنوب الإسباني بشمال المغرب، فيما يرتقب توالي المزيد من الرحلات في غضون الأسابيع المقبلة.
وقد خضعت العائدات إلى كشف عن فيروس كورونا المستجد (PCR) يؤكد عدم إصابتهم بعدوى "كوفيد 19، قبل دخولهن إلى المملكة وتمكينهن من الوصول إلى وجهتهن النهائية والالتحاق بعائلاتهن.
وكانت الحكومة المغربية قد سمحت في شهر مايو الماضي بعودة أكثر من 100 عاملة من هويلبا، بسبب ظروفهن الاجتماعية والصحية الخاصة.
ويغلق المغرب جميع منافذه البحرية مع إسبانيا منذ شهر مارس من العام الماضي، على خلفية تفشي فيروس كورونا.
عملية استثنائية
وتنظم هذه الرحلات البحرية لإعادة العاملات المغربيات بين البلدين، في ظل توتر العلاقات الدبلوماسية بين الرباط ومدريد بسبب استقبال الأخيرة لإبراهيم غالي زعيم انفصالي جبهة "البوليساريو" من أجل العلاج.
كما تأتي أيضا في سياق استثناء الرباط للموانئ الاسبانية ضمن المعابر البحرية التي ستربط المغرب بأوروبا، في إطار عملية "مرحبا 2021" التي تنظم لاستقبال أفراد الجالية المغربية القاطنة خارج المملكة، خلال الفترة الصيفية من كل سنة.
ويعتبر رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات أحمد درداري، أن فتح المغرب مجاله البحري بشكل استثنائي وسماحه بعودة العاملات الموسميات، من شأنه إنهاء معاناة آلاف النساء اللواتي يشتغلن في الحقول الزراعية جنوبي إسبانيا، بعد أن توقفن عن العمل وكن ينتظرن الضوء الأخضر من أجل العودة إلى المملكة.
وفي ظل الأزمة الدبلوماسية المتصاعدة بين الرباط ومدريد، يؤكد درداري لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "المغرب ورغم التشنج الذي عرفته العلاقات مع اسبانيا، كان حريصا على الحفاظ على مصالح جميع مواطنيه خارج المملكة، وعدم تحميلهم ضريبة الأزمة الحالية مع جارته الشمالية".
ويشير المتحدث إلى أن المغرب بصدد مراجعة علاقته مع إسبانيا وإعادة ترتيب أوراقه مع هذا البلد وفقا للمتغيرات الجديدة، وهو ما قد يطال إعادة النظر في عملية توجه اليد العاملة المغربية للاشتغال في إسبانيا في إطار عقود مؤقتة.
ويؤكد درداري أن "المغرب وفي إطار النموذج التنموي الجديد يهدف إلى التأسيس لنظام تنموي يغني المواطن المغربي من الحاجة إلى الاشتغال خارج الحدود بشكل موسمي مقابل تعويضات هزيلة".
عقود عمل مؤقتة
وبحكم انحداره من منطقة وزارة شمال غرب المغرب ومجاورته لعدد من الأسر التي تشتغل نساؤها كعاملات موسميات في الحقول الإسبانية، يؤكد الأكاديمي المغربي أن هؤلاء النساء يتقاضين ما يقارب 30 ألف درهم مغربي (حوالي 3 آلاف دولار) مقابل العمل لمدة تقارب 4 أشهر.
ويضيف أن أغلب العاملات الموسيات اللواتي يتجهن نحو إسبانيا كل سنة ينحدرن من مناطق قروية في المغرب، مشيرا إلى أن بعضهن يشتكي من المعاملة غير الإنسانية ومن الاعتداءات التي يتعرضن لها في إسبانيا.
وتجمع المغرب وإسبانيا اتفاقية لتنظيم تنقل اليد العاملة بين البلدين تم توقيعها بمدريد سنة 2001، يتم بموجبها تسهيل عملية انتقال العمال المغاربة بشكل موسمي إلى إسبانيا تبعا لحاجيات سوق هذا البلد الإيبيري.
وكانت 12725 عاملة موسمية انتقلت إلى إسبانيا خلال هذه السنة، من بين 14 ألفا كان متفق على توظيفها في إطار برنامج التوظيف الخاص في ضيعات هويلبا، وفق جريدة "إلباييس" الإسبانية.
وحسب ذات الصحيفة، فإن حوالي 7 آلاف عاملة موسمية فقط من أصل 17 ألفا استطاعت العبور صوب إسبانيا العام الماضي، قبل أن يتم اللجوء إلى تشديد قيود السفر بين البلدين بسبب أزمة كورونا.