في مبادرة لاقت استحسانا كبيرا، تبرعت مجموعات من مشجعي ناديي الوداد والرجاء بدمائها في الدار البيضاء، في مشهد كشف روح العطاء والمساعدة رغم اختلاف الانتماء الكروي.
ولبى هؤلاء نداء الدعم، بعد تواتر أنباء عن تضاؤل مخزون الدم في أكبر مدينة في المغرب، فساهمت جماهير كرة القدم في إنقاذ الموقف، بعد أن تبرع ما يزيد عن 840 مشجعا بالدم قبل أيام، في واحدة من أكبر عمليات التبرع بالدم تشهدها جهة مغربية في يوم واحد.
ومنذ بداية جائحة كورونا، تأثر المخزون الاستراتيجي من هذه المادة الحيوية، بشكل كبير، على مستوى الدار البيضاء، التي تستهلك 38 بالمئة من إجمالي الدم الذي يتبرع به المغاربة بجميع الجهات المغربية.
وقالت مديرة مركز تحاقن الدم في الدار البيضاء "سطات" آمال داريد إن عدد المتبرعين يصل حاليا إلى ما يقارب 300 شخص يوميا، أي 300 كيس من الدم في اليوم الواحد.
وتابعت مديرة مركز تحاقن الدم بجهة الدار البيضاء سطات، في معرض حديثها، أن مبادرات التبرع بالدم التي بادر إليها مشجعو فريقي الوداد والرجاء، شكلت نقطة مضيئة في تاريخ التبرع بهذه المادة الحيوية بالجهة، حيث سجلت أرقاما غير مسبوقة.
حاجة متزايدة للدم
وتسلط هذه المبادرة الضوء على الانخفاض في مخزون الدم في المستشفيات الجامعية بالمغرب، وخاصة على مستوى المدن الكبرى، والمدينة الأكثر تضررا هي الدار البيضاء.
وحسب مسؤولة التواصل في المركز الوطني لتحاقن ومبحث الدم نجية العمراوي فإن حاجيات المدن الكبرى من الدم، ترتفع مع تزايد عدد ساكنتها.
وأضافت في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية": "المدن الكبرى مثل الدار البيضاء والرباط وفاس ومراكش، تتوفر على مستشفيات جامعية، وعدد كبير من المصحات. وتستقبل هذه المؤسسات الصحية عددا كبيرا من المرضى من مختلف الحواضر والقرى المجاورة، وبالتالي فإن حاجياتها من الدم أكبر من غيرها من المدن."
وبالأرقام، أكدت العمراوي أن الدار البيضاء تحتاج إلى 400 كيس في اليوم على الأقل، أما الرباط فحاجياتها من الدم تتراوح بين 250 إلى 350 كيسا. فيما تحتاج فاس إلى 250 كيسا في اليوم وطنجة لحوالى 150 كيسا".
ولفتت الطبيبة إلى أن تخزين الدم ومدة صلاحيته، تطرح عدة إشكاليات؛ فالكرات الحمراء يمكن أن تُخزن لمدة 40 يوما، في حين أن مدة صلاحية الصفائح لا تتجاوز 5 أيام. وهذا يعني أنه لا يمكننا الحصول على كمية كبيرة من الدم وتخزينها لمدة طويلة؛ بل نحن في حاجة إلى متبرعين منتظمين".
وأضافت العمراوي "أن الرجال يمكنهم التبرع مرة في كل شهرين والنساء مرة كل ثلاثة أشهر، مشددة على أن كمية الدم المستخلصة التي لا تتجاوز 450 ميليلتر، يعوضها الجسم في أقل من 48 ساعة. والأجدر بنا جميعا أن نتبرع بالدم مرتين في السنة على الأقل، لكي نحقق الاكتفاء الذي حددته منظمة الصحة العالمية".
أرقام تنذر بالخطر
وكشفت مديرة المركز الوطني لتحاقن الدم خديجة الحجوجي، في 14 من يونيو الماضي، الذي يصادف اليوم العالمي للمتبرعين بالدم، أن مخزون الدم يغطي حاليا 3 إلى 4 أيام من الاستهلاك، وهذه المخزونات هي أقل من الاحتياجات التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية، فكحد أدنى يجب التوفر على مخزون أمان لسبعة أيام من الاستهلاك حسب المنظمة الأممية.
وأكدت المتحدثة أن التبرع بالدم بانتظام يساعد على الوقاية من أمراض معينة بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم والذبحة القلبية.
ويقلل التبرع بالدم من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان، كما يساعد على تقليل مخزون الحديد، ولهذا لا يمكن للمصابين بفقر الدم التبرع، وبالتالي يقلل من الأضرار الناتجة عن ترسب الحديد في بعض الأعضاء مثل الكلى.
أسباب العزوف عن التبرع
وعن أسباب عزوف المغاربة على التبرع بالدم، قالت الحجوجي: "إن التبرع بالدم ليس ممارسة شائعة لدى المغاربة. هناك أشخاص يخافون من وخز الإبرة أو من الإصابة بمرض ما. وتعتبر جائحة كوفيد-19 أحد الأسباب أيضا، حيث كان لهذا الوباء تأثير مباشر وغير مباشر على التبرع بالدم في جميع أنحاء العالم."
وتابعت: "في هذا الصدد، أود أن أشير إلى أن جهاز الاستخلاص في التبرع بالدم يستخدم مرة واحدة، وجميع الدراسات العلمية التي تم إطلاقها على المستوى الدولي حول كورونا أثبتت عدم وجود عمليات انتقال فيروس كورونا عن طريق الدم. كما يتم تسجيل أكبر انخفاض خلال فترات الإجازة المدرسية والصيف وشهر رمضان".
ولتعزيز ثقافة التبرع، اعمتد المركز الوطني لتحاقن الدم سياسة جديدة، من خلال إنشاء خطة وحدة متنقلة، كما يعتزم المركز افتتاح بعض دور التبرع بالدم، أولاها هي قيد الإنشاء في الرباط.