رفضت مصلحة الهجرة السويدية منح المواطنة لأشخاص انخرطوا عسكرياً وسياسياً مع تنظيمات كردية في سوريا، ويعود السبب بحسب تحقيق استقصائي أجراه راديو "إيكوت" السويدي، أن تلك التنظيمات ارتكبت انتهاكات ممنهجة ضد حقوق الإنسان، رغم أنّ السويد أثنت على الدور الذي لعبته هذه القوات في الحرب على الإرهاب بسوريا المتمثّل في تنظيم داعش.
لكن خبراء شكّكوا في حديثهم للإذاعة السويدية في منهجية تلك الانتهاكات، ومنها حجز عوائل داعش في المخيمات، واعتقال من تعاونوا مع التنظيم. وبدوره فنّد "بول ليفين" مدير معهد دراسات تركيا في جامعة ستوكهولم القرار، مؤكداً عدم وجود مبرّر للادّعاء بأن القوات الكردية ارتكبت انتهاكات واسعة النطاق وممنهجة ضد حقوق الإنسان.
واللافت أنّ المهاجرين الذين رُفضت طلبات منحهم المواطنة، هم ممّن لديهم تصاريح إقامة دائمة في السويد، وهم يرتبطون بطريقة ما مع الجهات الثلاثة، وهي وحدات حماية الشعب ( YPG)، وجناحه السياسي حزب الاتحاد الديمقراطي، وقوات سوريا الديمقراطية التي تصفهم الحكومة السويدية بالحليفة لها في الحرب ضد داعش بحسب التحقيق.
القانون يخالف الأخلاق
واعتبر "ماتس روسينكفيست" من مصلحة الهجرة، أنه من الخطأ أخلاقياًّ حرمان أي شخص حارب داعش من المواطنة، لكن الأخلاق مختلفة عن القانون، مشيراً أن الخطأ يكمُن في القانون السويدي وليس في شخصه.
من جانبه، قال مقاتل في قوات سوريا الديمقراطية، فضّل تسميته لسكاي نيوز عربية ببرخدان كوباني، وهو أحد الاشخاص الذين حُرموا من الجنسية السويدية، وكان قد جُرح خلال معارك تحرير كوباني، وفقد ذراعه خلال المعارك الشرسة التي شنّها تنظيم داعش ضد مدينته ولجأ إلى السويد بعد أن قتل شقيقه وأصيب.
وأضاف كوباني، أن القوانين السويدية ظالمة بحقّ الأكراد، فهي تتّهم التنظيمات الكردية أنها ارتكبت انتهاكات ممنهجة لأنّها احتجزت عوائل تنظيم داعش في مخيم الهول، واعتقلت الآلاف من مسلحيه الإرهابين في السجون، وقال "هل تنتظر السويد من الأكراد أن يفتحوا السجون لمقاتلي داعش ليهربوا إلى أوروبا ويرتكبوا جرائمهم بحقّ الأوروبيين.. المقاتلون الأكراد خلّصوا العالم من الإرهاب وهم يستحقون العدالة".
وقال كوباني "قرار الحكومة السويدية مُخالف للأخلاق بكل المقاييس، فهي تعتبر كلَّ من له صِلةٌ بالمقاتلين الأكراد في سوريا متّهماً بارتكاب انتهاكات رغم أنهم حاربوا تنظيم داعش، وبدلاً من تكريمهم، يحرمونهم من الجنسية وحقّ المواطنة".
إعادة دراسة القرار بعد استنكاره
وتعهّدت دائرة الهجرة السويدية بإعادة النظر في قرارها الأخير القائم على حرمان أكراد سوريين قاتلوا ضمن صفوف قوات سوريا الديمقراطية أو تعاملوا بطريقة ما مع وحدات حماية الشعب الكردية في الشمال السوري.
ولاقى القرار موجة غضب وردود فعلٍ سلبية في السويد، حيث استنكرت "مادلين سيدليست" من منظمة "أمنستي" في تصاريح صحفية قرارات دائرة الهجرة السويدية، داعية لطرح المسألة للنقاش ضمن مستويات قانونية عُليا، وأضافت أنه على مصلحة الهجرة دراسة قضايا من هذا النوع بشكل فردي.
كما ندّدت وزيرة الخارجية السويدية "آن ليندي" بالقرار الذي وصفته بالسيء، مؤكدة أن قوات سوريا الديمقراطية هي حليف موثوق في المنطقة وفي الحرب على تنظيم داعش .
ويَعتقد المتخصص في القانون الدولي "سمير أحمد" أن الحكومة السويدية ودائرة الهجرة ستُعيد دراسة قرارها، وقد تَعدِلُ عن تطبيقه، لاسيَما وأن القرار لاقى ردوداً سلبية بين المسؤولين والساسة في السويد. وأضاف في حديثه لسكاي نيوز عربية، أن القضايا التي تتحوّل لقضية رأي عام في السويد تُحقّق نتائجها المرجوة، وتضع القائمين عليه أمام خيار العودة والعدول عن تنفيذ قانون يتنافى مع مبادئ الدولة الأوروبية التي تبنّت الإنسانية شعارها الأساسي.
علاقات ودية
وتتّسم العلاقات بين دولة السويد وقوات سوريا الديمقراطية بالودّيّة بعد لقاءات عديدة جمعت خلال العام الحالي وفوداَ عسكرية وسياسية ودبلوماسيين سويديين مع سياسيين وقادة عسكريين من قوات سوريا الديمقراطية وجناحها السياسي مجلس سوريا الديمقراطية، حيث التقى وزير الدفاع السويدي "بيتر هولتكفيست" بمظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية عدّة مرات ناقشوا خلالها ملفات الإرهاب والحرب على تنظيم داعش ودعم قوات سوريا الديمقراطية، كما التقت وزيرة الخارجية السويدية "آن ليندي" عدّة مرات بمسؤولين في قوات سوريا الديمقراطية التي تعتبرها السويد حليفاَ قويّاً في الحرب على داعش.