يحتل الملف الليبي قمة أولويات اللقاء الذي سوف يجمع الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتن، حيث أكد الأول على ضرورة وأهمية التعاون مع موسكو في الأزمة الليبية، وقد شدد على أنه سوف يكون "واضحا جدا" أثناء القمة المرتقبة، في جنيف، منتصف الشهر الجاري، في الوقت الذي تراجعت فيه العلاقات الروسية الأميركية إلى "أدنى مستوياتها".
وبخلاف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والذي كانت مواقفه باتجاه المنافسة الإقليمية، في الدولة الواقعة بشمال أفريقيا، غير حاسمة أو واضحة، واكتفت واشنطن فقط بدور المراقب، بحسب مراقبين، بينما تنامى الدور الروسي وتوغلت تركيا سياسيا وميدانيا، أكد بايدن على ضرورة سحب كل القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، مشددا على أن الحل في البلد الأفريقي يجب أن يكون ليبيا.
وقال المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية سامويل وربيرغ، إن واشنطن تدعم ليبيا كدولة ذات سيادة ومستقرة، مشيرا إلى أن بلاده تعمل مع كل الأطراف المعنية في ليبيا، لمنع أي تصعيد أو تدخل أجنبي.
وأوضح المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة تدعم الانتخابات في ليبيا بشكل كامل، خاصة بعد رؤية ما يستطيع الليبيون تحقيقه عندما يجتمعون ويقررون القيام بشيء معاً، لافتا إلى أن واشنطن ستقف مع حكومة الوحدة الوطنية أثناء استعداداتها للانتخابات المقررة أواخر العام الجاري.
وبحسب المسؤول الأميركي فإن الحل في البلد الأفريقي يجب أن يكون ليبياً- ليبياً، وتابع: "الملف يحظى بأهمية كبيرة لدى إدارة الرئيس جو بايدن، لذلك وجه بزيارة القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى جوى هود والسفير والمبعوث الخاص ريتشارد نورلاند لليبيا ومن ثم لقاء عدد من الشخصيات الليبية البارزة، بينهم رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة".
وأضاف أن "الشعب الليبي قادر على تحقيق المزيد من التقدم والتغلب على العقبات بمساعدة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، بعد الخطوات الإيجابية التي تم إحرازها مؤخرا في ليبيا".
إذاً، ما صرح به بايدان كان متوقعا رغم أنه تأخر بعض الوقت، بحسب الأكاديمي الليبي، الدكتور عادل ياسين، والذي قال لـ"سكاي نيوز عربية" إن "المجريات والأحداث المتصارعة في ليبيا وتعقيد الوضع السياسي في ظل التدخلات أو بالأحرى التحالفات الدولية والإقليمية التي تجري على قدم وساق جعلت إدارة بايدن تتخذ خطوات على الارض بعد أن كانت تلعب دور المتفرج وترك اليد الطولى لتركيا في ليبيا".
ويردف ياسين: "أيقنت واشنطن في ظل إدارة بايدن أن روسيا أصبحت تتوغل ولها نفوذ في الشرق والغرب، خاصة بعد حالة التفاهم بين موسكو وأنقرة، ولذلك سارعت إلى هذه التصريحات التي تعكس توجهات سياسية، تكتيكية واستراتيجية مغايرة، كما أنها تبعث برسائل مهمة لكافة الأطراف، كما يؤكد بايدن من خلال حديثه أن شريك في أي حل دون صدام مع روسيا".
ويلفت الأكاديمي الليبي إلى أن "هناك تيار قوي أصبح يطفو على الساحة في ليبيا، وهو تيار سيف الإسلام القذافي الذي أصبحت وسائل الإعلام تتحدث عنه، وبدأ يمد خيوط تقارب وتواصل بينه وبين روسيا، وهنا أدركت واشنطن أن النفوذ الروسي تغلغل بين الرجمة والزنتان وأن الحظوظ ربما تتسع رقعتها في الكعكة الليبية وهو ما يهدد المصالح الجيواستراتيجية في شرق المتوسط".
كما أن الولايات المتحدة تدرك أن "روسيا لديها خطوط اتصالات كثيره في ليبيا وتحالفها مع تركيا يمكن أن يجعل واشنطن بعيدة عن لعب أي دور سياسي، وهذا يقلق الإدارة الأميركية، ما يحرضها على التحرك بقوة لتستعيد هيمنتها في مناطق نفوذها التقليدية".
وكان القائم بأعمال المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة ريتشارد ميلز، قال في اجتماع لمجلس الأمن الدولي حول ليبيا "تماشيا مع اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في أكتوبر، نطلب من تركيا وروسيا أن تباشرا فورا بسحب قواتهما من البلاد وسحب المرتزقة الأجانب والوكلاء العسكريين اللتين قامتا بتجنيدهم ونشرهم وتمويلهم في ليبيا".
وبحسب الباحث والمحلل السياسي الليبي محمد شوبار، فإن التسوية بين الولايات المتحدة وروسيا بخصوص الملف الليبي ستتم من خلال تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 2570، الذي صدر بالإجماع تحت بند الفصل السابع والذي لا يمكن تعديله بينما يهدف إلى خروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب وجمع السلاح واسترداد سيادة الدولة الليبية.
ويضيف لـ"سكاي نيوز عربية أن الولايات المتحدة تحاول استعادة دورها السياسي والإقليمي في مناطق نفوذها بالمنطقة، وبالتبعية إحباط التأثير التركي والروسي في البلد الإفريقي المهم والحيوي ذات الموقع الاستراتيجي والذي يقع على أطراف أوروبا، ويتمتع بوفرة في الطاقة.
وبحسب شوبار فإن منطقة شرق المتوسط والتي هي "مفتاح الصراعات وبؤرتها في المنطقة، سوف تكون نقطة حاسمة للاتجاهات الاستراتيجية الأميركية القادمة، لاسيما وأن التواجد القوي للبحرية الأميركية والتعاون الدفاعي مع اليونان يمكنها من وقف وتعطيل الأنشطة العدوانية لروسيا أو تركيا".