أعلن مجلس النواب الليبي، تأجيل جلسة مناقشة الميزانية إلى 29 من الشهر الجاري، مع استدعاء الحكومة إلى مقر المجلس من أجل مناقشة بعض التفاصيل.
وهذه المرة الثالثة التي تتم فيها مناقشة الميزانية داخل المجلس، حيث لم يقر سوى بند الرواتب فقط وتم تعطيل كافة البنود الأخرى.
وكان رئيس الحكومة الليبية، عبد الحميد الدبيبة، قد اقترح ميزانية تقدر بـ96.2 مليار دينار (21.5 مليار دولار)، قبل أن يعترض مجلس النواب على اعتمادها ثم أعادها إلى الحكومة.
ورجح الكثيرون بأن مجلس النواب لن يقر الميزانية كاملة دون حسم المناصب السيادية، لأن أهم منصبين وهما محافظ البنك المركزي ورئاسة ديوان المحاسبة في أيدي تنظيم الإخوان، مما يسمح لهم بالعبث بثروات الليبيين دون حساب.
وبحسب مخرجات مؤتمر برلين الأول، يفترض أن يختار مجلس النواب بالتشاور مع مجلس الدولة ممثلي المناصب السيادية على أساس جغرافي مقسم بين (طرابلس وفزان وبرقة).
لكن مجلس الدولة عرقل كل المحاولات التي أجريت بسبب إصراره على فرض عناصر من داخل التنظيم لتولي مناصب حساسة في الدولة.
وفي المقابل، تمسك مجلس النواب بأن يكون المرشحون لتولي المناصب السيادية من ذوي الخبرة والكفاءات حتى لا تقع ليبيا مرة أخرى في دوامة من الفساد السياسي بسبب تكليف أشخاص على أساس الجهات لتولي بعض المناصب.
الوضوح أولا
وقال مصدر من داخل مجلس النواب لـ"سكاي نيوز عربية"، إن هناك إصرارا من أعضاء مجلس النواب على ضرورة إقرار المناصب السيادية أولا قبل إقرار باقي بنود الميزانية.
وأضاف المصدر أن تأجيل الجلسة ليوم 29 قد يكون عديم الفائدة إذ لم يتم حسم ملف المناصب السيادية، فالجميع داخل المجلس متفق على أهمية هذا الملف قبل إقرار الميزانية.
وأشار المصدر إلى أن مجلس النواب أعطى مهلة خلال الفترة ما بين هذه الجلسة والجلسة القادمة لحسم المناصب السيادية وإقرار الميزانية.
وكشف عدد من أعضاء مجلس النواب، خلال الجلسة، تخوفهم من أوجه صرف مليارات الدولارات من باب التنمية ونفقات التسيير الذي تطلبه الحكومة، خاصة وأنه لم يتم حسم المناصب السيادية، فيما يوجد أشخاص مشكوك في نزاهتهم ومتهمون بالفساد على رأس مناصب سيادية.
وأكد النواب أن المجلس اعتمد باب المرتبات الذي يهم المواطنين حتى لا تتعطل أعمالهم، لأنه لا يوجد مبرر لعرقلة صرفها من المركزي عبر ربطها بأبواب جدلية مثل التنمية والتيسير والطوارئ.
وأعلن رئيس لجنة الطاقة والموارد الطبيعية في مجلس النواب، عيسى العريبي، رفضه لاعتماد الميزانية العامة للدولة قبل الانتهاء من ملف المناصب السيادية.
وطالب العريبي، في كلمته خلال الجلسة، بعدم اعتماد الموازنة المقدمة من حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة إلا بعد تسمية المناصب السيادية، خصوصاً محافظ مصرف ليبيا المركزي والرقابة الإدارية، وديوان المحاسبة.
في المنحى نفسه، طلب عضو مجلس النواب، سعيد امغيب طالب، هيئة الرئاسة بعدم عرض الميزانية المقدمة من حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة لاعتمادها من قبل المجلس إلا بعد تسمية المناصب السيادية.
وقال أمغيب، أثناء الجلسة، إنه لا يمكن صرف ميزانية بهذا الحجم دون حسم ملف المناصب السيادية، مطالبا أيضا باستدعاء رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد دبيبة لمناقشة ما تم إنجازه من الحكومة منذ توليها المسؤولية.
من جانبه، طالب أيضا عضو مجلس النواب زايد هدية، أعضاء مجلس النواب، بإتمام ملف المناصب السيادية والمضي قدما في استكمال هذه الوظائف؛ خاصة منصب الرقابة الإدارية وديوان المحاسبة ومكافحة الفساد ومحافظ مصرف ليبيا المركزي كونه الركيزة الأولى في متابعة ومراقبة عمل الحكومة المؤقتة.
تفادي العبث
وشدد هدية على ضرورة عدم إتمام الميزانية في ليبيا دون حسم ملف المناصب السيادية بالكامل حتى لا يتم العبث بمقدرات الليبيين.
من جانبه، قال الباحث السياسي، إبراهيم الفيتوري، لـ"سكاي نيوز عربية"، إن مجلس النواب أعلن صراحة أنه لا إقرار للميزانية دون إقرار المناصب السيادية في الدولة، لأن أعضاء المجلس غير واثقين في الجهات التي ستتولى التصرف في هذه الأموال والمتمثلة في البنك المركزي وديوان المحاسبة الذي يتولى رئاسته أعضاء من تنظيم الإخوان.
وأضاف الفيتوري أنه إذا لم يحسم هذا الملف قبل الموعد المقبل فإن المجلس لن يقر الميزانية، مشيرا إلى أن الحل الآن متروك لمجلس الدولة المتعنت في ملف المناصب السيادية والذي يريد فرض أجنده خاصة به.
وتابع الفيتوري أن موقف مجلس النواب صحيح، فعلى مدار عشر سنوات كاملة، صرفت أموال الليبيين على السلاح والمليشيات وأصبح الشعب الذي من المفترض أن يكون الأغنى وسط شعوب المنطقة تحت خط الفقر بسبب ألاعيب الإخوان فكيف يؤتمنون مرة أخرى على كل هذه الأموال؟