تعقد آمال عريضة على دولة الإمارات بعد منحها عضوية غير دائمة في مجلس الأمن الدولي؛ لاستكمال أدوارها التاريخية في تهدئة الصراعات وحل النزاعات الإقليمية بشكل خاص، والدولية بشكل عام.
وانتخبت الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الجمعة، دولة الإمارات عضوا غير دائم في مجلس الأمن الدولي، إثر حصولها على 179 صوتا، وهو ما يتوج عملا ديبلوماسيا دؤوبا جرى تحت شعار "أقوى باتحادنا".
ويعدُ التصويت على عضوية الإمارات عن مجموعة آسيا والمحيط الهادئ، تتويجا لمسار الدولة البارز في العمل الإنساني ودعم السلم الدولي والتشبث بمبادئ الأمم المتحدة.
وقال دبلوماسيون وخبراء لـ"سكاي نيوز عربية"، إن الإمارات ستعمل بشكل جاد على تعزيز تعزيز حضور القضايا العربية على ساحة مجلس الأمن، وسيكون لها تأثير إيجابي وبارز في التقريب بين وجهات النظر الدول المختلفة، بما يساهم في حل النزاعات الدولية.
من جانبه، قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد حجازي، إن اختيار دولة الإمارات العربية للمقعد غير الدائم بمجلس الأمن يمثل فرصة لدعم القضايا العربية بمجلس الأمن، بما يوفره من تنسيق لجهود وطاقات الوفود العربية ونقل رؤاهم ودول المنطقة حول القضايا المهمة التي يبحثها مجلس الأمن خاصة في هذه المرحلة التي تعد من أهم وأخطر المراحل التي تمر بها المنطقة العربية.
وفي نظر حجازي، فإن العديد من الأزمات ستكون حاضرة بمجلس الأمن ذات الصلة بالمنطقة العربية ومنها، الأزمة الليبية والأزمة السورية، والأوضاع في العراق واليمن، وأزمة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، وأمن البحرين المتوسط والأحمر، والقضايا المرتبطة بأمن شرق أفريقيا خاصة قضية سد النهضة.
وأكد الدبلوماسي المصري السابق أن أمن الخليج سيكون محورًا مهما للدور الإماراتي في مجلس الأمن بالنظر إلى التدخلات الفجة لأطراف إقليمية في الشأن العربي وعلى رأسها تركيا وإيران، مما يستلزم التصدي لتلك التهديدات من خلال صوت عربي معروف عنه الاعتدال والحكمة والانتماء للقضايا العربية.
وشدد على أن الإمارات ستدعم إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية باعتبارها القضية الأم للوطن العربي، و"كلنا ثقة أن دولة الإمارات مؤهلة لتحقيق التوازن في المواقف الدولية والحث على إطلاق عملية سياسية، مشددا على أن توقيه اتفاقية مع السلام هي في حد ذاتها أداة تستخدمها الإمارات للضغط لتحقيق المصالح الفلسطينية، فانتماء الإمارات العروبي أمر محل تقدير، مع حرصها على دعم القضايا العربية".
وأضاف "كلنا ثقة أن الصوت العربي في مجلس الأمن سيكون مرتفعا، وسينضم صوت الإمارات لصوت تونس ليشكلا معا كعضوين غير دائمين بمجلس الأمن، جبهة عربية تدافع عن مصالح الوطن العربي وقضاياه ويعملان معا من أجل أن يكون المصالح العربية مُصانة".
محور الاستقرار
ويرى الخبير المختص في العلاقات الدولية، أيمن سمير، أن انتخاب الإمارات كعضو غير دائم في مجلس الأمن بـ 179 صوتًا، أكبر دليل على ما تحظى به من مكانة لدى كافة الدول العالم في كافة الأقاليم، وليس فقط مجموعة آسيا والمحيط الهادئ التي ترشحت عنها.
وأضاف سمير أن النهج الإماراتي باعتباره محورا للاستقرار والبناء والتعاون في كافة القضايا سواءً العربية أو الإقليمية أو الدولية، خلق نوعا من القبول للسياسة والدبلوماسية الإماراتية بكافة الأوساط الدولية.
واتفق سمير مع حجازي في أن الإمارات ستكون صوتا للعالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط ولكافة الدول التي تسعى للاستقرار وحل القضايا بالطرق السلمية، كما ستكون صوتا قريبا من كل المستضعفين في العالم، لأنها من أكثر الدول التي تقدم مساعدات إنسانية ويدها ممدودة لكافة المحتاجين بالعالم.
وشدد على أن الإمارات تعد من الدول القليلة التي تضفي لمسة أخلاقية على الدبلوماسية والسياسة الخارجية، وكل هذا جعل منها وجها مقبولا ويمكن الاتكاء عليه والعمل معه لحل كافة القضايا الخلافية.
صوت حكيم
وفي اعتقاد الخبير المتخصص في العلاقات الدولية، فإن عضوية الإمارات تمثل صوتا عاقلا وحكيما في مجلس الأمن، وله تأثير إيجابي على التقريب بين وجهات النظر الدول المختلفة خصوصا بين الولايات المتحدة من جانب والصين وروسيا من جانب آخر في القضايا الجيوسياسية الكبيرة، بما تمتلكه من علاقات جيدة مع كافة الدول الـ 5 دائمة العضوية بمجلس الأمن.
هذه العلاقة يمكن البناء عليها في إيجاد تفاهم وحلول مشتركة من أجل حل قضايا المتعلقة بالمنطقة، وقضايا الإرهاب المتفشي في أفريقيا، وانتشار داعش في دول بآسيا، والقضايا العابرة للحدود والتي تمثل أزمات كبيرة مثل سباق التسلح النووي، بحسب "سمير".
وقال إنه يمكن التعويل على السياسة الإماراتية التي تعمل على تهدئة الصراعات والخلافات في العالم، باعتبارها لعبت دورا في إنهاء 20 عاما من الحرب ما بين إريتريا وإثيوبيا، و17 عاما من الحرب بين الحكومة السودانية والجبهة الثورية في السودان، كما قامت القوات المسلحة الإماراتية بأدوار كبيرة في حفظ الأمن والسلام بالعالم.
دولة محورية
وفي وقت سابق، أكدت لانا نسيبة، مساعدة وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية للشؤون السياسية المندوبة الدائمة للدولة لدى الأمم المتحدة، أن الإمارات تؤمن بأن لديها الكثير لتقدمه إلى مجلس الأمن وإلى النظام المتعدد الأطراف بأكمله.
وقالت لانا نسيبة في حوار مع وكالة أنباء الإمارات (وام)، إن "الإمارات دولة دينامية في المنطقة تتطلع إلى المستقبل وتسعى لبناء جسور مع المجتمع الدولي، كما تقوم بدور قيادي في مجال العمل الإنساني وتعتبر مركزا عالميا للاقتصاد والتجارة والابتكار".
وأضافت "رغم اختلاف عالمنا اليوم عما كان عليه في الفترة 1986-1987 عندما كانت دولة الإمارات تشغل عضوية مجلس الأمن لأول مرة في تاريخها، فإننا مازلنا نؤمن بأن أفضل وسيلة لتحقيق السلم والأمن الدوليين هي وقوف المجتمع الدولي معا ووضع العمل المتعدد الأطراف في صلب جهودنا لذلك فإن شعار حملتنا يدور حول مفهوم نحن أقوى باتحادنا".
وأوضحت أن "التعاون يعتبر أحد القيم المتأصلة في تاريخ دولة الإمارات منذ تأسيسها وقد سعت دائما للعمل مع الشركاء لإيجاد حلول مفيدة لمجتمعنا الإنساني"، مؤكدة أن الانضمام لمجلس الأمن وهو الجهاز المسؤول في الأمم المتحدة عن حفظ السلم والأمن الدوليين يعتبر فرصة كبيرة لتنفيذ مبدأ حفظ السلم والأمن الدوليين على أعلى مستويات العمل المتعدد الأطراف من أجل معالجة أهم القضايا العالمية.