عاد سيف الإسلام، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، ليحتل صدارة حديث الليبيين بعد أن نشرت جريدة "التايمز" البريطانية أنه يستعد للسباق حول منصب الرئيس، ليثور التساؤل، هل هذا سيكون حلا لليبيا أم مأزقا جديدا يزيدها انقساما.
وبحسب "التايمز"، فإن سيف الإسلام تحدث هاتفيا لتأكيد هويته، والقول إنه بخير وذلك في مكالمة رتبت لتوضيح علاقته بفريق من المستشارين يتصرفون نيابة عنه".
وذكرت الصحيفة أن نجل القذافي كان يتواصل مع الدبلوماسيين الغربيين وغيرهم من الدبلوماسيين بهدف إثبات أوراق اعتماده أثناء عودته إلى الحياة العامة.
وعن الانتخابات كتبت أن سيف "يخطط لخوض الانتخابات المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر، لكن من السابق لأوانه الجزم أو التحدث في التفاصيل قبل المصادقة على قانون الانتخابات، حيث قد يسعى المعارضون لإضافة بند يمنعه من الترشح".
وللتأكد من صحة المنشور تواصلت "سكاي نيوز عربية" مع محامي سيف الإسلام الذي نفى تماما إجراء موكله أي حوار مع الجريدة البريطانية: "لم يتم أي تصريح بهذا الشأن، ومن السابق لأوانه الحديث علي هذا الموضوع".
وموجها نقدا لاذعا للجريدة قال: "إننا نستغرب هكذا تصريحات تثير التشويش والريبة بالوسائل الإعلامية في مثل هذا الوقت، مع احتفاظنا بحق الرد القانوني علي الصحفي والصحيفة".
ووصف المقال المنشور بحق موكله بأنه يثير الريبة، ولكنه لم ينف في الوقت ذاته نية موكله الترشح للرئاسة، قائلا "إنه لم يحن الوقت للحديث في ذلك".
وهذه ليست أول مرة يُشار فيها لنية سيف الإسلام للترشح لرئاسة ليبيا، ففي مارس 2018 عقد أيمن بوراس، الذي قدم نفسه بالمتحدث باسم رؤية سيف الإسلام وتنظيم الجبهة الشعبية لتحرير ليبيا، مؤتمرا صحفيا بالعاصمة التونسية، أعلن فيه نية سيف الإسلام للترشح.
موقف الميليشيات
وتباينت أراء محللين سياسيين في ليبيا عن فرص فوز سيف الإسلام بمنصب الرئيس الآن؛ فالبعض رأى أن 10 سنوات من العبث السياسي في ليبيا ستساعده في الوصول لكرسي الحكم، والبعض الآخر قلل من احتمالية وصوله بسبب مذكرات التوقيف الصادرة بحقه داخل ليببا وخارجها.
ففي رأي السياسي الليبي إبراهيم الفيتوري، فإن سيف الإسلام "إذا وصل بالفعل إلى القوائم النهائية للانتخابات قد يصل إلى مراحل متقدمة بتصويت الليبيين، إلا أن احتمالية خوضه للسباق الرئاسي قد تكون ضعيفة جدا أو شبه مستحيلة بسبب وجود معارضين كثر له داخل ملتقى الحوار السياسي الذي سيقر القاعدة الدستورية للانتخابات".
وعما نشرته "التايمز" علق الفيتوري، في حديثه مع "سكاي نيوز عربية" بأنه "قد يكون بمثابة جس نبض للشارع الليبي، وتحذير لبعض التيارات السياسية بأن هناك منافس شرس بعيدا عن الأضواء قد يسبب المشاكل لهم إذا خاض المنافسة".
أما نفي محامي سيف الإسلام لهذا التقرير، فتوقع الفيتوري أن هذا يؤكد هذه الفرضية "وهي التنبيه على وجود خصم يجب إقصاؤه قبل الوصول إلى القوائم النهائية للانتخابات".
ويستبعد المحلل الليبي أن تكون مذكرات التوقيف المحلية والدولية الصادرة بحق سيف سببا في عدم القدرة على خوض الانتخابات، أما العقبة فهي أنه "إذا فاز سيف في الانتخابات بالنهاية قد ينتج عن هذا معضلة عسكرية كبيرة، خاصة في المليشيات المتمركزة بالغرب الليبي؛ فهم مازالوا يطلقوا على أنفسهم ثوار، وأنهم هم من أنقذوا ليبيا من حكم القذافي".
فوضى سياسية
في المقابل، يتوقع المحلل السياسي عثمان بركة أن سيف الإسلام القذافي سيكون قادرا على بلوغ المراحل النهائية للانتخابات الرئاسية حال ترشحه؛ لأنه "في السنوات الأخيرة التي شهدت فيها ليبيا فوضى سياسية جعلت المواطنين ناقمين على الأوضاع والقوى السياسية في البلاد".
وعلى هذا يرى بركة في حديث لـ"سكاي نيوز عربية" أن الليبيين "لن ينتخبوه كونه سياسيا فذا قادرا على حل المشكلات، ولكن أملا في العودة لفترة الاستقرار السياسي التي عاشوها قبل الثورة مباشرة؛ فإذا وضع سيف مقارنة مع القوى السياسية المتحكمة في صنع القرار الآن سنجد أن الليبيين يفضلون سيف الإسلام عليهم"، في إشارة إلى القوى المتحكمة في طرابلس العاصمة وغرب ليبيا عموما، وكثير منها مقرب من تنظيم الإخوان الإرهابي.
مأزق كبير وانقسام جديد
ويتفق المحلل السياسي معاذ الثليب مع زميليه السابقين في أمور ويختلف في أمور، فيقول لـ"سكاي نيوز عربية" إن ترشح سيف الإسلام القذافي "سيزيد ليبيا انقساما، ولكن لا شك أن العبث السياسي الذي واجهته ليبيا على مدار 10 سنوات سيجعله الأكثر حظا".
ومن العقبات التي توقعها الثليب في هذا الطريق أن "المعادلة ستكون صعبة جدا على سيف بأن يتوافق مع كافة القوى السياسية الموجودة على الأرض، خاصة وأن أغلبها هم من قاتلوا إبان ثورة فبراير".
ولذا فإن "ورقة الشعب بالتأكيد مع سيف، ولكنها لن تكون كافية أو قادرة على مواجهة طوفان المليشيات والسلاح المنتشر في ليبيا، وانتخابه قد يكون معضلة كبيرة ومأزقا سياسيا لن يُحل بسهولة"، بحسب تعبير الثليب.
وألقي القبض على سيف الإسلام من قبل ميليشيات تسيطر على مدينة الزنتان، غرب ليبيا، سنة 2011، وأحيل إلى المحاكمة بتهم قتل المعارضين لأبيه معمر القذافي خلال أحداث ومظاهرات فبراير، وحُكم عليه بالإعدام عام 2015.
وفي 2017 حصل على عفو من برلمان شرق ليبيا، وخرج من السجن ليختفي عن الظهور الإعلامي، وسط تأكيدات على أن مشايخ وأعيان المدينة هم من طلبوا منه ذلك بأن يعيش بحرية دون الظهور في الحياة العامة.
وبالرغم من عدم توقيع ليبيا على ميثاق المحكمة الجنائية الدولية، إلا أن المحكمة أصدرت مذكرة لاعتقال سيف الإسلام منذ 2011 بحجة ارتكاب جرائم حرب، في إشارة إلى قمع مظاهرات فبراير.