تطرح بعض الأحزاب المشاركة في الانتخابات البرلمانية لـ 12 يونيو بالجزائر، رؤيتها للمشهد لما بعد الاستحقاق الانتخابي، خاصة ما تعلق بشكل وتشكيل وطبيعة الحكومة المقبلة، وترى هذه القوى السياسية أن "الماراثون" لا يتوقف عند إعلان النتائج من طرف السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات وإنما يتعداه لم لا إلى قصر الدكتور سعدان (مبنى الحكومة).  

وتنظر بعض الأحزاب التي دخلت غمار الانتخابات البرلمانية الجزائرية إلى أفق المشهد السياسي بعينين: واحدة حول الصندوق وطريق البرلمان وأخرى حول المسار الذي يقود نحو الجهاز التنفيذي القادم، أي الحكومة التي تتشكل فيما بعد الانتخابات البرلمانية، في حين أن المستقلين (القوائم الحرة) تتلخص نظرتهم وفق خطابهم إبان الحملة الانتخابية في المشاركة واقتحام الغرفة السفلى للبرلمان من أوسع أبوابها.

أخبار ذات صلة

انتخابات الجزائر - تغطية مستمرة

تحالف رئاسي أو حكومة بحزام موسع

وأبانت كبرى الأحزاب المشاركة في الانتخابات التشريعية خلال الحملة الانتخابية التي تنتهي الثلاثاء 8 يونيو، عن تصوراتها لشكل وطريقة تشكيل الحكومة المقبلة، وقد وضّحت عدة قيادات منها رؤيتها للمرحلة القادمة، في ظل المتغيرات السياسية والاقتصادية التي تعرفها الجزائر.

وترى هذه الأطراف أن وضع البلاد اليوم وفق نظرتها يلحّ على التفكير في وضع تصور سياسي مشترك مع جميع الأحزاب المصوت لها شعبيا، لتشكيل حكومة ذات "حزام سياسي موسع" ولم لا العودة إلى صيغة "التحالف الرئاسي" (اتحاد سابق جمع ثلاثة أحزاب في عهد الرئيس الأسبق لدعم برنامجه)، وهذه الصيغة طرحها الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، الطيب زيتوني.

أخبار ذات صلة

الجزائر تدخل مرحلة الصمت الانتخابي.. كيف تبدو الشوارع؟
الجزائر.. التنمر يلاحق مرشحات البرلمان

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الفكرة لم تجد صدى وسط الطبقة السياسية المشاركة في الانتخابات البرلمانية، بحيث لم تعلق عليها لا إيجابا ولا سلبا وظلت مجرد بالون اختبار وسط حملة انتخابية تتقاذفها الألسن في كل الاتجاهات.

ويعتبر القيادي في التجمع الوطني الديمقراطي، محمد قيجي في تصريح لـموقع سكاي نيوز عربية أنه "لا يمكن لحزب واحد الحكم بمفرده، وبالتالي كلما توسعت الحكومة لباقي الأطياف السياسية كلما يساهم ذلك في بناء جدار سياسي متين وجبهة داخلية متماسكة في ظل المخاطر البارزة وراء الحدود الوطنية".

ويشرح القيادي في حزب "الأرندي"، محمد قيجي تصور تشكيلته السياسية للحكومة المقبلة، بالقول إنها "مع التوافق السياسي المسؤول، بحيث يشكل الجهاز التنفيذي من الأحزاب التي لديها نقاط تلاقي مشتركة من أجل إخراج البلاد من وضعها الاقتصادي الحالي".

بالمقابل، طرحت بعض الأحزاب من التيار الإسلامي موضوع قيادة الحكومة المقبلة، في حال تحصل أحزابها على الأغلبية البرلمانية، في غضون ذلك، هناك من اقترح تشكيل "حكومة وحدة وطنية" يشارك

فيها الجميع بما فيهم المقاطعين للانتخابات البرلمانية وكأنه إبداء لحسن نية في ظل دعوات للحوار لتجاوز الوضع السياسي الراهن.

الواقع الدستوري

في غضون ذلك، يشير الدستور الجديد المستفتى عليه شعبيا في تشرين الثاني، نوفمبر 2020 حسب المادة 103 منه إلى منطق تعيين الوزير الأول من الأغلبية البرلمانية، وهذا في حال إفراز الصناديق لأغلبية مريحة، وهو الأمر الذي يبقى نسبيا في هذه الانتخابات البرلمانية التي تبقى كل التكهنات حولها مطروحة في المزاد السياسي.

ويرى الخبير الدستوري، عامر رخيلة في اتصال مع " سكاي نيوز عربية" أن الدستور الجزائري وقانون الانتخابات الجديد "واضح بخصوص تشكيل الحكومة بحيث يشير إلى حكومة تتشكل بأغلبية برلمانية وهذه الأغلبية تكون لحزب واحد وليس لمجموعة أحزاب أو كتل سياسية".

ويعتقد العضو السابق في المجلس الدستوري، عامر رخيلة أنه "لن تكون هناك أغلبية برلمانية في ظل قانون الانتخابات الجديد لأنه وضع نظاما انتخابيا يهدف إلى التمثيل الكلي وبالتالي فإننا سنكون بعد إعلان النتائج أمام برلمان فسيفساء".

وحسب الخبير الدستوري ذاته، فإن الأحزاب ليس لديها دور في تشكيل الحكومة، وإنما الأمر من الصلاحيات الدستورية لرئيس الجمهورية.

وحسب قراءات فإنه يحدد دستور 2020 طبيعة وصلاحيات مسير الحكومة الذي سيكون وزيرا أولا في حال أفرزت الانتخابات البرلمانية أغلبية رئاسية أو رئيسا للحكومة إذا ما كانت الأغلبية برلمانية. وتشير المادة 103 من التعديل الدستوري الأخير إلى أنه "يقود الحكومة وزير أول في حال أسفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية رئاسية" و"رئيس حكومة، في حال أسفرت عن أغلبية برلمانية".

ففيما يتعلق بالحالة الأولى، يعين رئيس الجمهورية وزيرا أولا ويكلفه باقتراح تشكيل الحكومة وإعداد مخطط عمل لتطبيق البرنامج الرئاسي الذي يعرضه على مجلس الوزراء.

المستقلون عكس الأحزاب

وعكس خطاب التشكيلات السياسية تراهن القوائم الحرة (837 قائمة حرة) على إيجاد مكانة لها تحت قبة الغرفة السفلى للبرلمان، ومزاحمة القوى السياسية في هذه المرحلة، خاصة أن دخولها بكل هذا الزخم إلى الانتخابات البرلمانية أخلط أوراق بعض الأحزاب التي انتقدت قبول هذا الحجم من القوائم المستقلة، وحذرت من "طوفان" تمثيل الأحرار الذي سيطغى على البرلمان القادم.