مع بدء العد العكسي للانتخابات العراقية العامة المبكرة في شهر أكتوبر القادم، بدأت مختلف القوى السياسية في البلاد، تحركاتها ولقاءاتها بهدف بلورة تحالفاتها واصطفافاتها الانتخابية.
وتحظى قوى إقليم كردستان العراق البارزة تقليديا، وكالعادة بمكانة مهمة ووازنة في اللعبة الانتخابية في بلاد الرافدين.
في هذا السياق يزور العاصمة العراقية بغداد، وفد رفيع المستوى من الاتحاد الوطني الكردستاني، يقوده بافل طالباني الرئيس المشترك للاتحاد، حيث يجري سلسلة لقاءات مع مختلف الجهات الرسمية، وفي مقدمها رئيسي الجمهورية والحكومة، برهم صالح ومصطفى الكاظمي، والعديد من القوى السياسية الرئيسية، حيث اجتمع الوفد مع عمار الحكيم رئيس تيار الحكمة والمتحالف انتخابيا مع ائتلاف النصر الذي يقوده رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي، كما وأجتمع الوفد الكردي مع نوري المالكي رئيس الوزراء السابق ورئيس ائتلاف دولة القانون، ومن المقرر أن يجري سلسلة لقاءات أخرى.
في خطوة يرى مراقبون فيها توطئة لبلورة تحالفات هذا الحزب في بغداد، والذي يشكل أحد الحزبين الرئيسيين في كردستان العراق، جنبا إلى جنب الحزب الديمقراطي الكردستاني.
فكلا الحزبين الكرديين يخوضان الانتخابات العامة العراقية، بقائمتين مستقلتين عن بعض، بل وثمة تنافس محموم بينهما، خاصة وأن حجومهما البرلمانية العراقية متقاربة.
وهما كانا قد خاضا معركة كسر عظم معلنة بعد الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة، في العام 2018، في سبيل الظفر بمنصب رئيس الجمهورية العراقية، والتي تمكن في النهاية الاتحاد الوطني من حسمها لصالحه، عبر فوز مرشحه برهم صالح برئاسة الجمهورية، ضد منافسه فؤاد حسبن مرشح الديمقراطي، والذي يشغل الآن منصب وزير الخارجية العراقي.
ولن يختلف الأمر هذه المرة أيضا، حسب قراءات المراقبين للمشهد، وعليه فإن لكل حزب حساباته ورهاناته الخاصة به، رغم أن ثمة بطبيعة الحال، قواسم مشتركة عديدة تجمعهما في المعركة الانتخابية، لكن ثمة أيضا منافسات وحساسيات تاريخية بين الطرفين، يرى المراقبون أن لها الكلمة الفصل في تحديد خياراتهما خلال الانتخابات.
يقول مصدر كردي عراقي مطلع، فضل عدم ذكر اسمه، في حوار مع "سكاي نيوز عربية": "يتمتع كلا الحزبين بعلاقات تاريخية وطيدة مع مختلف القوى السياسية العراقية الحاكمة في العراق، منذ سقوط نظام صدام حسين، لكن الاتحاد يتفوق في هذه النقطة على غريمه ومنافسه الديموقراطي، كون علاقاته مع مختلف القوى والتيارات العربية بالعراق، وعلى وجه الخصوص، الشيعية منها الدينية والليبرالية والعلمانية، هي علاقات واسعة بما لا يقاس بعلاقات الديمقراطي معها".
ويضيف: "نتذكر جميعا في هذا الصدد كيف أن مرشح الاتحاد، فاز برئاسة الجمهورية بعد الدورة الانتخابية الأخيرة، وبفارق كبير من الأصوات على مرشح الديمقراطي، وهذا بمثابة توكيد لحقيقة أن وزن الاتحاد الوطني السياسي في بغداد أقوى".
ويتابع: "يبدو لي أن الاتحاد أقرب لقوى انتخابية كالحكيم والمالكي، بينما الديمقراطي يبدو أقرب للصدر، حيث جمعتهما قبل أيام في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، لقاءات تمهيدية ربما لإعلان توافق انتخابي ما بينهما".
ويتابع: "من المبكر الجزم بطبيعة التحالفات من الآن، لكن لا شك أن مرحلة جس النبض والتمهيد قد بدأت، والثابت أنه لن تحصل تغييرات كبيرة في التحالفات الكردية التقليدية في بغداد".
جدير بالذكر أن هذه الانتخابات العامة المبكرة، تقررت على وقع الاحتجاجات الشعبية العارمة أواخر العام 2019، الرافضة لسوء ادارة البلاد، وارتهانها لدول إقليمية ولميليشياتها المسلحة، وتفشي الفساد والبطالة، وتردي الواقع المعيشي والخدمي والحياتي، في بلد ثري يسبح على، بحار من الثروات الطبيعية.
وكان مقررا تنظيمها بداية، في شهر يونيو من العام الجاري، لكن لاعتبارات فنية ولوجستية متعلقة بعامل الوقت، وتفشي فيروس كورونا المستجد، وطبيعة المناخ الصيفي الشديد الحرارة في العراق خلال شهر يونيو، قررت الحكومة العراقية تأجيلها، بطلب من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، لتتم في العاشر من أكتوبر 2021.