أنهى رئيس الحكومة الليبية، عبد الحميد دبيبة، مؤخرا، جولته في الخارج بعدما عقد فيها مباحثات مع قادة دول أوروبية؛ على رأسها إيطاليا وفرنسا وإسبانيا، وسط مساع إلى تعزيز التعاون على أكثر من صعيد.
وتصدرت عدة ملفات المباحثات بين رئيس الحكومة وقادة دول أوروبا؛ والتي كان على رأسها الملف الاقتصادي حيث بحث الجانبان سبل زيادة التبادل التجاري واستعادة الأموال الليبية المجمدة .
وسبق لدبيبة أن أجرى مباحثات مع بعض قادة دول أوروبا؛ وعلى رأسها أسبانيا وألمانيا وروسيا، وكان الملف الاقتصادي والأموال الليبية المجمدة في صدارة المناقشات بجوار بحث دعم جهود تنفيذ المصالحة الليبية.
وكشف مصدر مطلع مقرب من حكومة دبيبة لـ"سكاي نيوز عربية"، أن الوفد الليبي تحدث مع مسؤولين في إيطاليا وفرنسا حول ملف الأموال الليبية المجمدة وقدموا طلبا رسميا لبحث الإفراج عن هذه الأموال لإعادة إعمار ليبيا.
وأضاف المصدر أن إيطاليا وبريطانيا وبلجيكا وألمانيا والنمسا وفرنسا من أكبر الدول التي تضم بنوكها أموالا ليبية، فضلا عن الأصول التي تم تجميد التصرف فيها.
وأوضح المصدر أن الوفد الليبي أكد أثناء المباحثات مع بعض الدول الأوروبية أن هذه الأموال ستذهب لعمليات التنمية وإعادة الأعمار، كما طالب بضرورة الإفراج عنها لبدء خطط التنمية.
وأشار المصدر إلى أن بعض الدول الأوروبية متمسكة بالتحفظ على الأموال، لأن هذا القرار صادر من مجلس الأمن، وطالبوا الحكومة بشكل رسمي بمخاطبة المجلس لرفع الحظر عن هذه الأموال.
وبحسب إحصائيات رسمية فإن الأموال المجمدة داخل البنوك الأوروبية، بما يشمل الأصول والسندات، تصل إلى ما يقارب 200 مليار دولار.
وجمدت هذه الأموال بموجب القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي في مارس 2011، ومسجل برقم 1973، ويتضمن فرض عقوبات على نظام معمر القذافي بعد اتهامه بقمع احتجاجات ضده.
وجرى تجميد الأصول الليبية، بما يشمل كل الأصول المالية والأموال والموارد الاقتصادية التي يملكها النظام السابق بصورة مباشرة أو غير مباشرة في الخارج.
وعلى جانب آخر، أكد المصدر أن الجانب الاقتصادي وملف الهجرة كانا من أبرز الملفات التي ناقشها رئيس الحكومة في إيطاليا وفرنسا حيث اتفق دبيبة على زيادة حجم التبادل التجاري، فضلا عن تعاون ليبي أوروبي مشترك بشأن تدريب خفر السواحل الليبية للتصدي لعمليات الهجرة غير الشرعية.
أموال محجتزة
وقال المحلل السياسي، سلطان الباروني، إن ملف عودة الأموال المجمدة من أهم الملفات التي يجب مناقشتها مع قادة أوروبا حيث أن هناك 200 مليار دولار من الأموال الليبية المحتجزة في بنوك حول العالم، مضيفا أنه من غير الطبيعي أن تستفيد هذه الدول من أموال الليبين فيما يعاني الليبيون أنفسهم الفقر.
وأضاف الباروني لـ"سكاي نيوز عربية"، أنه عندما يتعلق الأمر بالأموال الليبية المجمدة في الخارج، فإن القضية تعني استثمارات في شركات وبنوك أوروبية كبيرة، بالإضافة إلى ودائع وأسهم وسندات تشمل مئات البنوك والشركات.
وأضاف أن الأوراق الرسمية تقول أن هناك استثمارات حدثت في أوروبا عبر "صندوق الاستثمارات الليبي" الذي تأسس عام 2006 بأكثر من 70 مليار دولار، غالبيتها في شركات وبنوك إيطالية وبريطانية وألمانية.
وأكد أن الصندوق استثمر في شركات مثل "فيات لصناعة السيارات" و"إيني للطاقة" و"باير الألمانية للكيماويات" و"بنك يونيكريدت الإيطالي" و"البنك الملكي الاسكتلندي" و"بنك يوروكلير" البلجيكي و"دويتشه بنك" الألماني.
وأوضح أن البنوك البلجيكية تضم بداخلها أكثر من 18 مليار دولار منها، فضلا عن أموال للقذافي وعائلته وصلت إلى 70 مليار دولار .
وأشار إلى أن حجم الأصول المجمدة والأموال المسالة لصالح البنك المركزي وصل إلى 40 مليار دولار، مؤكدا أن كل هذه الأموال إذا عادت إلى ليبيا ستسطيع البلاد المضي قدما في إعادة الإعمار وعمليات التنمية المخطط لها.
وأشاد الباروني بوضع الحكومة هذه الملف نصب أعينها وجعله موضع نقاش دائم في أي محادثات مع الدول الأوروبية.
من جانبه، أكد وفد ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة أن البلاد تكبدت خسائر جراء قيام بعض الدول بوضع اليد على بعض الأصول الليبية الثابتة واستثماراتها العقارية، مستغلة الظروف السياسية والاستثنائية التي تمر بها ليبيا.
وقال نائب المندوب المكلف لدى البعثة الليبية، موسى الشرع، في كلمته خلال فعاليات الدورة الـ32 المعنية بمكافحة الفساد التي عقدت بنيويورك، أن قيام بعض الدول بوضع اليد على بعض الأصول الليبية الثابتة واستثماراتها العقارية مستغلة الظروف السياسية والاستثنائية التي تمر بها البلاد أثر بالسلب على الاقتصاد الليبي ومعدلات التنمية.