حذّر مختصّون اجتماعيون من ارتفاع معدلات الطلاق في سوريا، لاسيّما مع الانتشار الواسع لموقع فيسبوك، مؤكدين أنّ منصّات التواصل الاجتماعي أحد أهم المسبّبات التي ساهمت في رفع حالات الانفصال بين الأزواج.

وشهدت مدينة اللاذقية، غربي سوريا، حالة طلاقٍ لم تعُد غريبة على المجتمع السوري بين زوجين بسبب تعليقٍ على منشور في منصة فيسبوك.

وفي التفاصيل، قالت مصادر إخبارية، إنّ رجلا انفصل عن زوجته في المحكمة بعدما رفضت أن تحذف تعليقا وصفته بالعابر، وضعته على مقالٍ لأحد الكُتّاب قالت فيه " جميلة جداً، سلمت يدا من كتبها"، ليرُدَّ صاحب المنشور بكلمات شكرٍ, الأمر الذي تسبّب بحالة احتقانٍ بين الزوجين لتنتهي بالطلاق.

كما شهدت عدّة مدن سورية، خلال السنوات الماضية، حالات طلاقٍ مشابهة تصدّرتها مدينة حلب، التي تسبّبت فيها التكنولوجيا الحديثة بتفكيك عائلات وانفصال الأزواج بسبب تعليقات على التطبيق الشهير، أو ما يوصف بـ"خيانات زوجية" على تطبيقي فيسبوك وواتساب.

وأثار تعليق لسيدة من مدينة حلب على لوحة فنيّة لرسّامٍ وصفت فيه اللوحة بـ"الجميلة جداً، سلمت الأيادي" غضب زوجها الذي طلّقها بعد رفضها إزالة تعليقها.

وسجلت إحصائية مديرية الشؤون المدنية أكثر من 4470 حالة طلاق في مدينة حلب خلال شهري نوفمبر وديسمبر لعام 2018، وبالمقارنة مع معدّلات الطلاق التي حصلت بين شهري يناير وسبتمبر من العام 2019 والتي بلغت 944 حالة طلاق، سجّلت المحاكم الشرعية باللاذقية في الفترة ذاتها لعام 2020 ارتفاعاً في حالات الانفصال في المدينة، وصلت إلى 1001 حالة.

وأكد شكيب صبّوح، المحامي العام في اللاذقية، ارتفاع نسبة الطلاق في المحافظة رغم انخفاض نسبة الكثافة السكانية فيها.

أسباب الانفصال

وعن أسباب واقعات الطلاق والانفصال، اعتبرت المحامية هبة نوّار، وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك) المُسبّب الرئيسيَّ في حصول الانفصال بين الأزواج خلال الأزمة التي تعيشها البلاد.

وقالت في تصريح خاص لـ"سكاي نيوز عربية"، إنه ووفق الدعاوى المقدمة من قبل المتزوجين، فإن غياب الأزواج لفترات طويلة، وحتى غياب الزوجات عن البيت لدواعي العمل والفراغ العاطفي، يدفع الطرفين للولوج إلى العالم الافتراضي، والانجرار لنشر الأسرار الشخصية، والوقوع فريسةً لشبكات القرصنة الالكترونية.

وأضافت أنه في بعض الأحيان، تبحث تلك الشبكات عن فرائس سهلة فيبتزّونها ويُهدّدونها بنشر رسائل غرامية أو مقاطع إباحية لهم، ونشر أسرارهم الشخصية على الملأ وفضحها مقابل مبالغ مالية أو ابتزاز جنسي.

وأوضحت أن هذه مُسبّبات وقوع الفُرقة بين الزوجين، إلى جانب أسباب اجتماعية أخرى كتدخل الأهل في العلاقات الزوجية، وتدهور الوضع المعيشي، وفَرق السنِّ بين الزوجين وغيرها.

وبيّنت نوّار أن الخيانات الزوجية ارتفعت بنسبة كبيرة بسبب استخدام مواقع التواصل الاجتما، والتي تسبّبت بدورها برفع نسبة الطلاق في البلاد بشكل كبير.

ودعت المحامية هبة نوّار إلى ضرورة تسخير مواقع التواصل الاجتماعي لخدمة المجتمع والسُّموَّ به، لا في تدمير العلاقات الأُسرية وهدمها .

رأي الطب النفسي

وحول دور الحالة النفسية في رفع معدلات الطلاق، حذّر الطبيب النفسي فهيم مجيد من حالة العزلة والفراغ العاطفي التي تفرضها منصّات التواصل الاجتماعي واتسآب وفيسبوك على رُوّادها من الأزواج.

أخبار ذات صلة

تحت وطأة الأزمة.. حكايات سوريات يبعن شعرهن

وعزا فهيم في حديث مع "سكاي نيوز عربية"، زيادة معدّلات الانفصال إلى حالة الإحباط التي يعيشها الأزواج وفقدانهم الشعور بالرضى، فينقطع حبل الودِّ والحب بين الطرفين، فتنهار العلاقة الزوجية بينهما.

وأشار فهيم إلى شعور أحد الشريكين أو كليهما بفتور حياتهما، ممّا يدفعهم للبحث عن البدائل، فيجدون في الشاشة الزرقاء والعالم الافتراضي المتنفّس في الإفصاح عن رغباتهم المكبوتة، وإشباع عاطفتهم، وهذا الأمر ينتهي غالباً بنتائج كارثية كالفضيحة التي تسبق واقعة الطلاق وقد تؤدي إلى جريمة قتل في بعض الحالات.

أخبار ذات صلة

شاب سوري يقتل فتاة رفضت الزواج منه بقنبلة يدوية

ووفق مصادر قضائية، فإن الأشهر التسعة الأولى من عام 2020 الماضي، سجلت 19 ألف حالة طلاق في عدة مدن سورية، فيما لم تتوفر إحصائيّات دقيقة عن معدلات الطلاق في بقية المناطق السوريّة.