يستعد المغرب لاستضافة مناورات "الأسد الأفريقي 21 "، التي تنظمها القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (AFRICOM)، بداية من الأسبوع المقبل، وستشمل هذه التدريبات لأول مرة منطقة الصحراء المغربية إضافة إلى مناطق مغربية أخرى.
وقال رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، إن إقامة هذه المناورات العسكرية التي سيجرى جزء منها لأول مرة في الصحراء المغربية، وبالضبط منطقة المحبس وقرب مدينة الداخلة، يعتبر تتويجا للاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء.
وأكد العثماني في تغريدة عبر موقع "تويتر"، أن هذه المناورات العسكرية التي ستقام ما بين 7 و18 يوينو الجاري، ستعرف مشاركة نحو 10 آلاف عسكري مغربي وأميركي، إلى جانب آخرين من 8 دول وملاحظين من 21 دولة.
ويرتقب أن يشارك إلى جانب المغرب والولايات المتحدة الأميركية في هذه المناورات العسكرية الأضخم على المستوى الأفريقي، كل من بريطانيا وكندا وهولندا والبرازيل وإيطاليا وتونس والسنغال.
وتجرى نسخة سنة 2021 من برنامج "الأسد الأفريقي"، دون حضور إسبانيا، لأسباب متضاربة ووسط تصعيد غير مسبوق تشهده العلاقات الدبلوماسية بين الرباط ومدريد، بعد استضافة إسبانيا زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية، إبراهيم غالي، بهوية مزورة من أجل العلاج.
دعم الولايات المتحدة
وانطلقت الأسبوع الماضي أولى أنشطة "الأسد الأفريقي" بتمارين القوات الخاصة في منطقة "تيفنيت" والقاعدة الملحقة لإنزكان (جنوب المغرب)، بحسب منتدى " فار ماروك" المتخصص في نشر أخبار القوات المسلحة الملكية المغربية.
وقال المنتدى إن " القوات الأمريكية وضعت مركز قيادة متنقل وسط المطار العسكري لإنزكان، من أجل تمرين لقيادة العمليات CPEX، يهدف إلى الرفع من مستوى التنسيق وتقارب الأدوات لقيادة عمليات عسكرية متنوعة ".
ويرى مراقبون أن مناورات "الأسد الأفريقي" لهذه السنة، تختلف عن باقي النسخ السابقة، وتحمل إشارة واضحة على وقوف الولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب المغرب ودعمه وحدة أراضي المملكة.
وكان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، قد أعلن في 10 ديسمبر الماضي، عن اعتراف بلاده بسيادة المغرب على الصحراء المغربية، وفتح قنصلية أمريكة في مدينة الداخلة.
ويعتبر أحمد درداري، رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات، أن اختيار إقامة هذه التدريبات في جزء من أراضي الصحراء المغربية، تأكيد صريح على دعم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لقرار سيادة المغرب على الصحراء.
ويوضح درداري في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن هذه التدريبات التي تحتضنها المغرب وترعاها الولايات المتحدة الأميركية، تسير في اتجاه تقوية القدرة العسكرية المغربية وتحديثها واستعمال أدق التقنيات في الحروب، وهي رسائل يتوجب على خصوم الوحدة الترابية للمملكة التقطاها".
غياب إسبانيا
وتغيب اسبانيا عن المشاركة في نسخة "الأسد الأفريقي" لهذا العام، بعد أن دأبت ومنذ سنوات على حضور التدريبات الضخمة التي تجرى في المغرب.
وفي الوقت الذي عزت فيه وزارة الدفاع الإسبانية ذلك إلى أسباب مالية، أكدت صحف إسبانية أن السبب الحقيقي وراء عدم المشاركة في مناورات هذه السنة، يعود لقرار تنظيم جزء منها على أراضي الصحراء المغربية، وهو ما قد يسبب مشاكل لمدريد ويفهم بكونه اعترافا بسيادة المغرب على كامل الصحراء.
في المقابل أكد منتدى "فار ماروك"، أن القوات المنظمة لمناورات الأسد الإفريقي لهذه السنة، قررت عدم إشراك القوات الإسبانية بهذا التمرين الضخم، نظرا للأزمة التي خلقتها مدريد مع المغرب منذ متم أبريل الماضي.
ويرجح صبري لحو، الخبير في القانون الدولي وقضايا الهجرة ونزاع الصحراء، "سبب غياب اسبانيا عن المشركة في نسخة هذه السنة من "الأسد الإفريقي" التي تقام لأول مرة في الصحراء المغربية، إلى التبرير الذي قمته وزارة الدفاع الإسبانية، بغض النظر عن الخلفية السياسية لهذا القرار الذي يأتي في ظل الأزمة بين الرباط ومدريد ".
وقال لحو في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "إسبانيا لم يعد لها أي دور في نزاع الصحراء، وليس لموقفها أي أهمية فيما يخص هذا الملف بالنسبة للمغرب، وبالتالي لن يشكل غيابها عن المناورات العسكرية أي فارق قد يؤثر على هذه التدريبات السنوية".
يضيف المتحدث أن إجراء هذه المناورات العسكرية في مناطق الصحراء المغربية، ينسجم مع الإعلان الأمريكي الاعتراف بسيادة المغرب على كامل أراضيه، ويبين ثبات جميع المؤسسات الدستورية الأميركية على هذا القرار بما فيها العسكرية.
وتبرز هذه الخطوة حسب لحو أن الرئاسة الجديدة للولايات المتحدة الأميركية لن تتراجع عن دعمها للوحدة الترابية للمملكة على أرض الواقع، وسعيها إلى حل النزاع في إطار سيادة المغرب.
الأهم في إفريقيا
وتهدف نسخة هذه السنة من برنامج الأسد الأفريقي الذي تم تأسيسه سنة 2002 بين مشاة البحرية الأميركية والقوات المسلحة المغربية، إلى التدرب على مواجهة كل التهديدات الأمنية في شمال إفريقيا وجنوب أوروبا، حسب القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا.
وتسعى المناورات المبرمجة بشكل سنوي، إلى تعزيز وتقوية القدرات القتالية للدول المشاركة في هذه التدريبات العسكرية، وستعرف نسخة 2021 تنظيم تمارين برية وجوية وبحرية، ستكون الأكبر على المستوى الإفريقي.
يقول أحمد درداري، رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات، إلى أن الموقع الجيو استراتيجي للمغرب وعلاقته القوية بالولايات المتحدة الأمريكية كحليف يحظى بالثقة الأمنية والعسكرية والاقتصادية، جعلت من المملكة المكان الأفضل لإقامة هذه التدريبات الضخمة.
وأوضح المتحدث أن هذه المناورات التي تجرى بالتعاون بين المغرب والولايات المتحدة الأميركية وشركائهما، تندرج ضمن الاهتمام الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية بمنطقة الغرب المتوسط وشمال غرب إفريقيا، في ظل التهديدات الإرهابية التي تحيط بهذه المناطق.
ويوضح درداري أن الغاية من برنامج "الأسد الإفريقي" الذي يرمز للتعاون والإمكانات العسكرية والتدريبات فائقة التطور، اكمن في إظهار القدرة على المناورات بين الدول في هذه المنطقة ووضع رؤية استراتيجية خاصة تقتضي التعاون العسكري والأمني.