تصاعدت حدة التحذيرات في العراق، من استغلال بعض الأحزاب والجهات السياسية، الأموال العامة، في الدعاية الانتخابية، وذلك في ظل اشتداد الموسم الانتخابي، وضراوة التنافس الحاصل بين الأطراف.
ومن المقرر أن يُجري العراق، انتخابات مبكرة، في العاشر من أكتوبر المقبل، استجابة للاحتجاجات التي شهدتها البلاد عام 2019.
وفي ظل الأجواء المشحونة انتخابيا، وإصرار حكومة مصطفى الكاظمي على إجراء الاقتراع في موعده، حذرت مفوضية الانتخابات، وأطراف معنية، من استغلال أموال الدولة، ضمن الدعاية الانتخابية، أو تخصيص الموارد العامة، لتوجيها إلى مناطق تقع ضمن الدوائر الانتخابية لبعض المرشحين.
كما اتهمت أحزاب مشاركة في الانتخابات، نظيرتها، باستغلال الأموال العامة، لكسب أصوات الناخبين، والترويج لمرشحيهم، وسط مطالبات لرئيس الحكومة بالتدخل، لوقف نزيف المال العام.
ترويج حزبي
ويؤكد النائب في البرلمان العراقي، محمد الخالدي، أن "استغلال أموال الدولة، يتم من خلال المسؤولين التابعين لتلك الأحزاب، عبر تنشيط مشروعات في بعض المناطق، وتقديم خدمات عاجلة للسكان، وفق الاختصاص، فضلا عن قضايا الرشاوى، والدفع المباشر، والوعود الانتخابية، وهو ما تصاعد بشكل واضح خلال الأيام الماضية".
وأضاف الخالدي خلال حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "الصراع على المناصب الذي حدث خلال الفترة الماضية، جاء من أجل استغلال تلك المواقع في الترويج الانتخابي، إذ أن الأشخاص الذين يمتلكون سلطة ونفوذا أو وجاهة قبل الانتخابات، تكون حظوظهم بالفوز أكبر، وهذا ما يجعل التنافس على المواقع الحكومية، والأموال العامة، يشتد بشكل كبير، وكأنها غنائم".
ولفت إلى "ضرورة تدخل الجهات المعنية، مثل هيئة النزاهة، ولجنة النزاهة في البرلمان، فضلا عن مفوضية الانتخابات، التي ينبغي أن تكون واضحة في مسائل الاستغلال الانتخابي، وفرض عقوبات صارمة".
ويرى مراقبون للشأن العراقي، أن غياب التشريعات التي تحاسب الأحزاب بشأن مصادر التمويل مكّنتها من تأسيس إمبراطوريات مالية تؤثر في سير الانتخابات، سواء عن طريق شراء الذمم والسيطرة على الدعاية الإعلامية، أو السلاح المنفلت، الذي يموّل بالمال السياسي لتأثيره في العملية السياسية والانتخابية.
ويوم الاثنين، قال "تحالف عزم" الذي يترأسه رجل الأعمال السني، خميس الخنجر، إن هناك قلقا من إدارة صندوق إعمار المناطق المحررة، فيما طالب رئيس مجلس الوزراء بالتدخل بشأن "تحول أموال الشعب الى دعايات انتخابية".
وقال التحالف في بيان: إنه "يتابع بقلق بالغ طريقة إدارة مشاريع صندوق إعادة إعمار المناطق المتضررة من العمليات الإرهابية بطريقة غير شفافة، وحسب ميول وتوجهات جهة سياسية معينة، حتى صار الكلام عبر مواقع التواصل والقنوات بلا خجل عن تمويل واضح لحملات انتخابية لمرشحين محددين في كل منطقة، وتجري مراحل بعض المشاريع بإشراف مباشر من نواب ومرشحي كتلة محددة وبصورة مكشوفة".
وأضاف: "نأمل سحب يد رئيس الصندوق وتخويل فريق مهني بالإشراف على إدارة مشاريعه بعيدا عن أي حزب أو تحالف انتخابي، وضرورة التأكيد على إيقاف توزيع وتنفيذ المشاريع إلا بعد مصادقة اللجنة المالية عليها وحسب تبويب الموازنة المعتمدة".
وتقول مفوضية الانتخابات العراقية، إن الأحزاب في بداية تأسيسها ستودع أموالها في المصارف، وهناك سجلات منتظمة للحسابات تتضمن الإيرادات والنفقات، وسيقدم تقرير سنوي بشأن، ذلك ويرفع الى ديوان الرقابة المالية.
عوائق تمنع الرصد
ويرى مراقبون ومهتمون بالشأن العراقي، صعوبة رصد الأموال التي تحققها الأحزاب، بسبب غياب البيئة التكنولوجية، وضعف الإجراءات من قبل المفوضية، التي يجب عليها مراقبة مصادر الأموال، خاصة في ظل امتلاك بعض الأحزاب، لهيئات اقتصادية، تمارس الأعمال التجارية، على حساب الصالح العام، وتلحق ضررا باقتصاد البلاد.
ويعتقد الباحث في الشأن الاقتصادي، سرمد الشمري، أن "ضبط الحملات الانتخابية، يكون عبر تحديد مبلغ معين لكل حملة انتخابية، على أن تقدم الأحزاب والشخصيات، بيانات واضحة، بشأن طبيعة المصروفات، مع أدلة تثبت حقيقة هذا الإنفاق، مع إجراءات تقوم بها المفوضية للتحقق من ذلك".
ويضيف الشمري لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "المناصب العليا وبسبب التقاسم الحاصل بين الكتل السياسية، أصبحت هدفا لكل الأحزاب، مع قرب موعد الانتخابات، لما توفره تلك المناصب، من قوة معنية، ومادية، في مواجهة الخصوم، وضربهم، أو إقصائهم، وغير ذلك".
ولفت إلى "ضرورة فتح هذا الملف بشكل كامل من قبل الأحزاب والكتل والمفوضية، وجميع المعنيين بالعملية الانتخابية، وعدم الاقتصار على الإجراءات الحكومية، فالعملية تكاملية، ويجب إشراك الجميع فيها".
وفي نهاية الشهر الماضي، شدد رئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، على ضرورة عدم استغلال وزراء حكومته وزاراتهم لأغراض انتخابية.
وأوضح الكاظمي خلال جلسة مجلس الوزراء: أنه "على الوزراء النزول لدوائرهم والعمل الميداني لمتابعة متطلبات المواطنين وحل الإشكالات وتسهيل الإجراءات، وكذلك الاطلاع على إجراءات السلامة في جميع المباني"، مشيرا إلى أن "الحكومة الحالية حكومة خدمات ولا تسعى للتنافس الانتخابي لتحقيق أهداف سياسية، فقد وضعت نصب أعينها خدمة المواطن أولا وأخيرا".
وخاطب الكاظمي وزراء حكومته قائلا: "عليكم أن تتذكروا أنكم جئتم لأسباب خدماتية لخدمة أبناء شعبنا، وليس لأهداف سياسية قبل التفكير بالترشح للانتخابات، وعليكم عدم استغلال وزاراتكم للانتخابات".