ما تزال الطريقة التي دخل بها إبراهيم غالي، زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية، إلى مدريد، تثير الجدل، خصوصا وأن المنظمة التي تزعم قيادتها لجمهورية لا تحوز أي شرعية دولية، بحيث لا تعترف بها الأمم المتحدة، ولا الاتحاد الأوروبي، وهو ما جعل زعيمها يدخل إسبانيا للاستشفاء بجواز سفر مزور، بحسب ما يسجله مراقبون.

وكان غالي قد دخل إسبانيا، نهاية أبريل الماضي، حاملا جواز سفر مزور، وذلك خوفا من ملاحقته أمام القضاء الإسباني بتهم تعود إلى العام 2008، وهو ما أثار غضب الرباط، وتسبب في حدوث أزمة في العلاقات المغربية الإسبانية، فيما كشف ذلك ما اعتبره البعض "زعامة كاذبة" لغالي، خصوصا وأنه يقود "جمهورية" توجد كلها خارج الأراضي التي تزعم أنها تحكمها.

وتساءل عدد من مستعملي التواصل الاجتماعي عن الطريقة التي دخل بها الزعيم الانفصالي إلى إسبانيا، في إشارة إلى التناقض بين تلك الطريقة، وبين ادعاءات البوليساريو بكون المنظمة شرعية، ولديها اعتراف من عدد من الدول، فيما استغرب البعض لطريقة الدخول التي وُصفت بكونها تشبه أساليب المجرمين والفارين من العدالة، وسط ترقب بأن يواجه غالي متابعات قضائية بسبب تهم منسوبة إليه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

وفيما تزعم البوليساريو أنها تمتلك دولة وعلما ولديها إصدارات نقدية، وكذلك جوازات سفر وبطاقات هوية، أطلق مغردون ومدونون موجة من السخرية من غالي، معتبرين أنه يستحيل على تنظيم لديه وجود سياسي شرعي أن يدخل زعيمه تراب دولة أخرى بهوية مزورة، تشمل اسما مزورا هو "محمد بن بطوش"، وما صاحب ذلك من تغيير لمعالم وجه غالي، عبر صباغته لشعره وحلقه لشاربه، حسب ما تؤكده صورة لغالي عرفت تداولا واسعا عبر تطبيق الرسائل الفورية واتساب، خلال الأيام الماضية.

سقوط الأساطير

وفي هذا الصدد، أكد الباحث السياسي والاستراتيجي، لحسن بوشمامة، أن "الطريقة التي دخل بها المدعو إبراهيم غالي الديار الإسبانية، فيها دلالة واضحة على سقوط كل الأساطير التي لطاما تغنى بها الكيان الانفصالي"، مشيرا إلى أنه "كما أسقط تدخل الجيش المغربي لتحرير معبر الكركارات من تحرشات المرتزقة، أسطورة الأراضي المحررة، فقد أسقط دخول غالي إلى إسبانيا أسطورة زعامته الوهمية لكيان وهمي".

وقال بوشمامة، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "البوليساريو قد شهدت مراحل متعددة منذ نشأتها في العام 1973، وكانت حينئذ حركة مقاومة مغربية للاستعمار الإسباني، مثل كل حركات المقاومة المغربية التي حفل بها تاريخ كفاح المغاربة ضد الاستعمار الفرنسي والإسباني"، موضحا أن "تلك الحركة قد تحولت إلى حركة انفصالية منذ العام 1975، حينما أصبحت عبارة عن تنظيم من المرتزقة يقودهم العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، قبل أن تصبح البوليساريو قطعانا من المرتزقة وشذاذ الآفاق القادمين من كل مكان".

وأشار المتحدث إلى أن "البوليساريو اليوم هي مجرد وهم، يمثله عدد من المجرمين والإرهابيين الذي يحتجزون الأبرياء، ويتاجر به ثلة من الأشخاص على شاكلة إبراهيم غالي"، منبها إلى أن "حادثة نهب المساعدات الدولية، ودخول غالي إلى إسبانيا كافيتين لإقامة الدليل على سقوط كل أساطير الانفصال".

أخبار ذات صلة

المغرب يصعّد ضد إسبانيا.. "أزمة إبراهيم غالي" كشفت التواطؤ
في هذا الموعد.. زعيم بوليساريو يمثل أمام القضاء الإسباني

لا وجود لشيء اسمه "بوليساريو"

من جانبه، أكد الباحث المختص في شؤون غرب إفريقيا بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن "كل المعطيات المتوافرة تشير إلى أنه لا وجود اليوم لشيء اسمه البوليساريو، لأنه إذا كان الأمر يتعلق بحركة تحرر كما يزعم انفصاليو بوليساريو، فإنه ينبغي أن يحترم زعماء هذا الكيان على الأقل القانون الدولي، والقوانين الوطنية للدول".

واعتبر صلحي، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "دخول غالي إلى إسبانيا بجواز سفر مزور، يعني أننا أمام مرتزقة تعودوا على خرق القوانين والتحايل عليها، وامتهنوا الكذب والاحتيال، وهو ما يضرب في العمق كل الشعارات التي يرفعونها زروا وبهتانا، ويسائل بشكل عميق شرعية وجودهم ككيان يحظى بأي احترام".

ونبه صلحي إلى أن "هناك شخصيات من قبيل المحجوب السالك، الذي أسس خط الشهيد، وهو من مؤسسي البوليساريو، يؤكدون فعلا أن البوليساريو قد انتهى كتنظيم شرعي، وآل أمره إلى مرتزقة ولصوص ومجرمين، لأن هذا الخط ما يزال يتبنى مطالب الجبهة، لكنه يرفض تماما أن تكون الجبهة هي ذاتها التي يقودها غالي ومن يماثله".

فقاعة إعلامية

وعلى صعيد آخر، قال الباحث والكاتب أيمن مرابط، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "كل ما يفعله تنظيم البوليساريو اليوم لم يعد يتعدى مجدر الفرقعات الإعلامية، والتي تستخدم بعض الشعارات الموروثة عن حقبة الحرب الباردة".

وأشار إلى أن "كل شيء بات في البوليساريو وهما، حرب وهمية لا وجود لها، وأراض وهمية، وجمهورية وهمية، والآن زعيم وهمي يدخل إلى دولة أخرى بهوية وهمية"، معتبرا أن "المحصلة هي أننا بتنا أمام حالة غريبة في القانون الدولي، وظاهرة يجب أن تدرسها علوم الإعلام، من حيث كونها نموذجا من نماذج الدعاية السياسية الرخيصة والهشة".