أكد مختصون ومراقبون سودانيون تمتع إدارة الأدلة الجنائية التابعة لوزارة الداخلية السودانية، بقدرات فنية وبشرية عالية تمكنها من فحص محتويات المئات من الصور ومقاطع الفيديو المنتشرة بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي والمتعلقة بجريمة فض اعتصام الثوار السودانيين أمام القيادة العامة للجيش في الثالث من يونيو 2019 والتي قتل وفقد خلالها المئات من الثوار.   

وتسود الشارع السوداني حالة من الإحباط الشديد بسبب تأخر نتائج التحقيقات في الجريمة التي شاركت فيها وحدات عسكرية ضخمة ترتدي الزي الرسمي للجيش وقوات الدعم السريع والشرطة، في مشهد دموي عنيف أثار جدلا محليا ودوليا مستمرا.

واعتبر العديد من السودانيين أن التباطؤ في إصدار نتائج التحقيق يشكل جزءا من الخلل الكبير في ملف العدالة الذي يعتبره الكثيرين أضعف حلقات ثورة ديسمبر التي أطاحت بنظام المخلوع عمر البشير في ابريل 2019.

أخبار ذات صلة

ختام مناورات "حماة النيل".. ورسالة للمتربصين والأعداء
مجلس الأمن يمدد حظر الأسلحة على جنوب السودان

جدل كبير

وأشار نبيل أديب رئيس لجنة التحقيق في الجريمة خلال مؤتمر صحفي السبت، إلا أن واحدا من الأسباب التي أدت إلى تأخير نتائج التحقيق يعود إلى عدم توفر الإمكانيات والقدرات الفنية المحلية اللازمة للتحقق من الصور ومقاطع الفيديو وغيرها من الأدلة المادية التي وثقت للجريمة.

لكن المختصون والمراقبون دحضوا المبررات التي ساقها رئيس اللجنة والتي اشار فيها إلى جزء من اسباب تأخير نتائج التحقيق يعود إلى اعتذار الاتحاد الافريقي عن تقديم الدعم الفني لفحص الأدلة.

وأوضح ضابط كبير في الشرطة السودانية على دراية تامة بطبيعة تجهيزات وعمل الإدارة العامة للأدلة الجنائية أن الادارة تتمتع بكفاءة عالية على مستوى التجهيزات والكوادر العاملة فيها، مشيرا إلى أنها تعتبر مركز إقليمي يقدم المساعدات الفنية للعديد من دول الاتحاد الأفريقي والمنطقة.

وقال الضابط لموقع سكاي نيوز عربية إن الأجهزة والمعدات المتوافرة بالمركز تعمل وفقا لأعلى المعايير العالمية ويشرف عليها متخصصون من حملة الدرجات العلمية العليا ومن ذوي الخبرات الكبيرة في مجال التحقق من الأدلة المادية بما في ذلك الصور ومقاطع الفيديو وكافة الادلة الاخرى المتعلقة بمسرح الجريمة.

أجهزة متطورة

واعتبر الخبير في التحقيقات الجنائية عمر عثمان أن إدارة الأدلة الجنائية التابعة لوزارة الداخلية السودانية واحدة من الإدارات المتطورة جدا في المنطقة بدليل تحولها إلى مركز اقليمي يقدم خدماته حتى خارج البلاد.

وقال لموقع سكاي نيوز عربية: "إدارة الأدلة الجنائية السودانية متطورة جدا من الناحية التقنية والبشرية".

وأكد عثمان عثمان، وهو ضابط تحقيقات متقاعد، أن من السهل جدا مطابقة مقاطع الفيديو مع إفادات شهود العيان الذين كانوا يتواجدون لحظة تنفيذ فض الاعتصام قرب مقرات وزارة الدفاع السودانية لأن الآلاف من السودانيين شاهدوا هذه العملية.

وأوضح "الشهود سيثبتون أنهم شاهدوا نفس الوجوه والأشخاص والسيارات والأسلحة والمعدات التي كانت مع القوات العسكرية التي داهمت مقرات الاعتصام".

ويشير عثمان إلى أن رئيس اللجنة خبير في القانون لكنه لا يملك قدرات في التحريات. ويضيف "أبدى أديب انزعاجه من نشر جهات مجهولة مقاطع جديدة لفص اعتصام القيادة العامة وكان ينبغي عليه أن يكون سعيدا بالخصول على بينات جديدة تدعم تحقيقاته".

تأخر التحقيقات

يرى هشام أبو ريدة القيادي بالجبهة الوطنية العريضة ومسؤول مكتب حقوق الانسان في رابطة المحامين والقانونيين ببريطانيا ان التحقيق في فض الاعتصام لا يحتاج لكل هذا الوقت نظرا لوضوح القرائن والادلة التي تثبت ضلوع الجهات التي خططت وأمرت ونفذت الجريمة.

ووفقا لأبو ريدة فإن ما يجري حاليا يشير إلى عملية التفاف حقيقي حول العدالة خصوصا في ظل الحديث عن المسؤولية الجنائية الفردية.

ويقول أبو ريدة لموقع سكاي نيوز عربية إن السخط الشعبي الحالي تجاه اداء لجنة فض الاعتصام يعود إلى تأخر اللجنة في إعلان نتائجها رغم مرور قرابة العشرين شهرا على تشكيلها.

وفي ذات السياق يشدد الصحفي خالد فتحي الذي عمل لفترة طويلة في مجال التغطيات والتحقيقات المتعلقة بالجرائم على أن معامل وكوادر إدارة الادلة الجنائية اثبتت قدرات عالية في التعامل مع الجرائم الجنائية، وبالتالي يرى أنه ليس من المنطق ان تقف مسالة الدعم الفني المطلوب للتحقق من الصور ومقاطع الفيديو عائقا أمام تأخير نتائج التحقيق في جريمة فض اعتصام الثوار امام القيادة العامة للجيش كل هذه المدة.