بعد أيام من زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى جيبوتي، وبالتزامن مع اختتام جولات التدريب العسكري المشترك بين مصر والسودان، انطلق رئيس أركان الجيش المصري، الفريق محمد فريد، في زيارة إفريقية سريعة إلى روندا وكينيا.
ووفق المتحدث الرسمي للقوات المسلحة المصري، عاد فريد إلى القاهرة، الأحد، بعد أن ترأس مع الفريق روبرت كاربوكي كيبوتشي رئيس هيئة الأركان الكينية الجلسة الختامية للاجتماع الثالث للجنة العسكرية المصرية الكينية التي انعقدت بالعاصمة نيروبي لتطوير التعاون العسكري المصري الكيني في ضوء عمق الروابط التي تجمع البلدين.
أزمة سد النهضة
وتتزامن التحركات المصرية في إفريقيا مع جهود دبلوماسية وسياسية حثيثة، لحلحلة ملف سد النهضة، خاصة مع اقتراب موعد الملء الثاني للسد بما سيؤثر سلباً، على حصص مصر التاريخية في المياه.
ويرى أستاذ الموارد المائية بمعهد الدراسات الإفريقية عباس شراقي إن التحركات المصرية في إفريقيا تأتي في توقيت هام وتتوافق مع الجهود الدولية لإعادة المفاوضات بين الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، بشأن التوصل إلى اتفاق حول عملية الملء الثاني لسد النهضة.
حقيقة الملء الثاني
ويوضح الخبير المصري في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" أن التصريحات الإثيوبية لاتزال مستمرة بشأن البدء في عملية الملء الثاني لسد النهضة، بالرغم من إظهار صور دقيقة أن الانشاءات الهندسية لتعلية الممر الأوسط ضعيفة للغاية رغم مرور حوالى شهر ونصف على تجفيف الممر الأوسط مما يشكك في اتمام عملية التخزين وافتتاح المرحلة الأولى التي تؤجل كل عام منذ 2014.
ويعرج شراقي على الأسباب السياسية التي تدفع الحكومة الإثيوبية للتمسك بعملية الملء الثاني للسد، مشيراً إلى أن الأمر يرجع لقرب موعد الانتخابات الداخلية وما سينعكس على الحكومة من شعبية كبيرة راء تصريحاته بشأن السد خاصة في ظل توتر الأجواء السياسية داخل البلاد.
ويبرهن شراقي توقعه بعدم الشروع قريباً في عملية الملء الثاني للسد الإثيوبي، بأسباب علمية وفنية أهمها، أنه تم فتح أول بوابة لتصريف المياه يوم 14 أبريل الماضي ثم تلاها البوابة الأخرى بعد 3 أيام، وظهرت أول صورة بتوقف تدفق المياه من أعلى الممر الأوسط يوم 18 من نفس الشهر، كما يبلغ مستوى الممر الأوسط 560 متر فوق سطح البحر وهو يعلو المستوى العلوي لفتحتي تصريف المياه بحوالي 10 متر، مما يؤكد عدم تغير منسوب الممر الأوسط هو ثبات حجم بحيرة بين الفترتين.
ويشير إلى أن الإنجاز في وضع الخرسانة بطيء وبالتالي التخزين الثاني مهدد بأن لا يتم، وإذا تم فمن المتوقع أن يكون أقل من 10 أمتار بدلا من 30 متر وبالتالي تخزين أقل من 5 مليارات متر مكعبة بدلاً من 13.5 مليار متر مكعب كما كان مقرراً.
وأكد أنه بالنسبة لمصر والسودان الأهم من تخفيض التخزين الثاني أو إلغائه هو الوصول إلى اتفاق بقواعد الملء والتشغيل (ومنها خفض سعة الخزان القصوى) في يونيو المقبل.
عودة لدور مصر الاستراتيجي
من جانبها وصفت النائبة ريهام عفيفي، عضو لجنة الشئون الخارجية والعربية والإفريقية بمجلس الشيوخ المصري تحركات بلادها بأنها عودة إلى الدور الاستراتيجي والإقليمي لمصر في قلب القارة الإفريقية.
وأوضحت عفيفي لـ"سكاي نيوز عربية" أن الرئيس السيسي يضع إفريقيا كأولوية في ملف التحركات الخارجية المصرية، كما يسعى منذ توليه حكم البلاد، إلى تعزيز العلاقات القائمة على التعاون والتفاهم وتقديم الدعم الكامل لكل شعوب القارة السمراء.
وأكدت البرلمانية المصرية أن بلادها نجحت على مدار السنوات الماضية في رسم خريطة جديدة للعلاقات الاستراتيجية مع إفريقيا، كما دعمت العمل المشترك في الملفات المشتركة ومن أهمها، مكافحة الإرهاب ورفض التدخلات الخارجية وتحقيق السلام والتنمية المستدامة، وتعزيز التعاون السياسي والثقافي.
وبخصوص ملف سد النهضة قالت عفيفي إنه أولوية على أجندة التحركات المصرية في الوقت الحالي، مشيرة إلى ضرورة التعاون الأفريقي لإيجاد حل عاجل في إطار المسار التفاوضي بين الدول الثلاث.