صدمة تعرض لها الموالون لجماعة الإخوان في ليبيا، بعد التفاعل الشعبي الكبير والإيجابي مع العرض العسكري الذي نظمه الجيش في مدينة بنغازي، وذلك في الذكرى السابعة لإطلاقة "عملية الكرامة"، التي نجحت في استعادة الأمن والقضاء على المجموعات المتطرفة في مساحات شاسعة من البلاد.
وكشفت مصادر مطلعة لـ"سكاي نيوز عربية"، أن "الإخوان" مصرون على منع إجراء انتخاب رئيس الدولة مباشرة من الشعب، وذلك في الموعد المقرر للانتخابات 24 ديسمبر المقبل، ويسعون بشتى الطرق إلى تمرير بند في القاعدة الدستورية المنظمة للانتخابات، تنص على اختيار الرئيس عبر مجلس النواب المقبل.
ولفتت المصادر إلى أن العرض العسكري زادهم إصرارا على السعي في هذا المسار، بعدما حظى العرض العسكري بمتابعة كبيرة من الشعب الليبي، وخصوصا كلمة القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر، الذي تحدث عن جاهزية القوات المسلحة للتحرك من أجل "فرض السلام" بالقوة إذا ما تمت عرقلته.
وقال الباحث السياسي الليبي الهادي عبدالكريم إن "الإخوان" يرفضون بشدة الانتخابات الرئاسية المباشرة لأنهم يخشون من شعبية المشير خليفة حفتر، رغم محاولات تشويهه من قبل إعلامهم المحلي والدولي، وأنه سيفوز بالرئاسة حال ترشحه.
وأضاف أن حفتر هو الوحيد القادر على إنهاء المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون بعد انتخابه، وذلك في أيام معدودة، خصوصا وأن الشرعية في ليبيا ستكون واحدة في حينها، معقبا أن أكثر الأبواق الإخوانية المهاجمة للمشير حاليا هي التي تروج لـ"منافسين" آخرين منهم وزير الداخلية السابق في حكومة السراج فتحي باشاغا.
وذكّر عبدالكريم بنجاح قائد الجيش الليبي في بناء قوات نظامية بتراتبية هرمية منضبطة، في المقابل تنشط في المنطقة الغربية ميليشيات "جهوية" لها ميول إيدلوجية معينة، وتتناحر فيما بينها، كما تأتمر بعدة رؤوس مختلفة.
وهنا يؤكد المحلل السياسي الليبي عز الدين عقيل خشية "الإخوان" من سيناريو انتخاب الرئيس مباشرة، ولذا فهم يدفعون من أجل إقرار مادة اختيار الرئيس عبر البرلمان، إذ يمكنهم في هذه الحالة ممارسة ضغوط متعددة على النواب، وبالتالي تحديد هوية الرئيس القادم.
وأضاف عقيل لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن بعض العواصم المتدخلة في الشأن الليبي تدعم هذا التوجه.
وتابع أن النفوذ القوي الذي يتمتع به الإخوان لدى الغرب، يمكنهم من تمرير مخطاطاته، محذرا من أن سير الانتخابات وفق هذا التصور لن يحقق أي استقرار، بل العكس هو ما سيقع، أي دفع البلاد من جديد وبقوة نحو مربع العنف والفوضى، ولعل هذا ما تفضله بعض العواصم التي تريد أن ترى حلقة جديدة بـ"مسلسل تهيئة مصالحهم الاستراتيجيه في ليبيا عبر نهج إغراق البلاد بالعنف والفوضى والفساد".
من جهته، يرى المحلل السياسي عبد الرحيم الجنجان، أن قطاعا عريضا من الليبيين يرغب في الذهاب إلي "الانتخاب المباشر" لرئيس الدولة، ويمكن تحديد مدة بقاء الرئيس في السلطة بنحو 3 سنوات.
وأشار، في حديثه إلى "سكاي نيوز عربية"، إلى أنه إذا كانت هناك جدية في المساعي لعقد الاستحقاق الذي يطالب به الشعب في 24 ديسمبر المقبل، فيجب تعديل مسودة الدستور، وتقديمها للاستفتاء عليها، ومن ثم الانطلاق للانتخابات، مكملا "ما نراه الآن بخصوص السعي لآلية أو قاعدة دستورية هو إطالة أمد الفوضي".
وأكمل: "لن يصح إلا سيناريو انتخاب الرئيس، لأنه يتماشى مع البيئة المحلية"، مؤكدا أن "صراع النفوذ والسلطة والتدخل الخارجي لنيل المكاسب وتحقيق المصالح" أنهك الأمة الليبية.
وهنا يوضح المحلل السياسي أنه يجب بعد انتخاب الرئيس، الذهاب إلى الاستفتاء على مشروع دستور يكون متوافقا عليه من الشعب، ثم عقد انتخابات برلمانية، ويليها انتخاب مجلس الشيوخ.
وتابع: "الشعب سينتخب رئيسا بسلطات مطلقة، لكن بشرط الإعداد للدستور الدائم، الذي سوف يعرض على الأمة الليبية وإذا تمت الموافقة عليه سيكون الانتخاب الرسمي للبرلمان واختيار مجلس الشيوخ رقيبا عليه بعد ثلاثة سنوات من اختيار رئيس الدولة".
يذكر أن ملتقى الحوار السياسي الليبي انعقد على مدار يومي 26 و27 مايو من أجل مناقشة القاعدة الدستورية للانتخابات، إلا أنه لم ينته إلى توافق بشأنها بسبب الخلافات التي حدثت داخله، مع حديث البعض عن الاستفتاء على مشروع الدستور أولا، إضافة إلى مقترحات مثل اختيار الرئيس عبر البرلمان ومنع ترشح أفراد الأمن والجيش، وهو ما اعترض عليه الكثير من أعضاء الملتقى.