استقبلت العاصمة المغربية الرباط، الاثنين، وزير الخارجية الموريتاني، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وذلك في زيارة رسمية يقوم بها إلى المملكة، بعدما كان قد أجل زيارته السابقة التي كان من المفترض القيام بها خلال مارس الماضي.
والزيارة التي جمعت بين الوزير الموريتاني ونظيره المغربي، ناصر بوريطة، يقوم خلالها أيضا إسماعيل ولد الشيخ بمهامه كمبعوث خاص من الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني إلى الملك محمد السادس، بحسب مصادر إعلامية موريتانية.
وفيما تباحث الطرفان عددا من الملفات، عقب الاستقبال الذي احتضنه مقر وزارة الخارجية المغربية، رأى مراقبون أن الزيارة تحمل دلالات قوية، خصوصا وأنها تأتي بالتزامن مع الأزمة الدبلوماسية التي تشهدها العلاقات المغربية الإسبانية، خصوصا في ظل تلويح المغرب بإمكانية تعليق التعاون مع إسبانيا في المجالات المختلفة.
ومنذ أن اشتعلت الأزمة بين الرباط ومدريد، بسبب استقبال إسبانيا للزعيم الانفصالي إبراهيم غالي، بهوية مزورة، لم يُبدِ اتحاد المغرب العربي أي موقف رسمي، مما يجعل زيارة وزير الخارجية الموريتانية، أول اتصال لبلد مغاربي مع الرباط، في ظل استمرار ضغط المغرب على إسبانيا لمحاكمة غالي بالتهم الجنائية المنسوبة إليه.
علاقات تاريخية تزداد قوة
ويقول الباحث الموريتاني، بون ولد باهي الداه، إن "العلاقات الموريتانية المغربية تاريخية واستراتيجية وقوية ومتينة، وهذا ما يبرهن عليه التطور الإيجابي الذي شهدته هذه العلاقات منذ وصول الرئيس محمد الشيخ الغزواني إلى سدة الحكم".
وأضاف، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "زيارة وزير الخارجية الموريتاني مبعوثا خاصا برسالة من رئيس الجمهورية إلى الملك محمد السادس، تأتي في وقت تشهد فيه العلاقات المغربية والإسبانية توترا غير مسبوق، وحديث من بعض القوى الدولية للقيام بوساطة وخصوصا فرنسيا"، مشيرا إلى أن "التوقيت ينبغي أن يؤخذ بعين الاعتبار في التحليل".
وأكد بون أن "زيارة وزير الخارجية الموريتاني التي تعد أول زيارة لوزير خارجية عربي للمغرب منذ اندلاع الأزمة بين المغرب وإسبانيا، هي على الأكيد رسالة تضامنية من الدبلوماسية الموريتانية مع الرباط في هذا الظرف".
رسائل إلى مدريد
وبحسب مصادر لموقع "سكاي نيوزعربية"، فإن نواكشوط قد تكون نيتها من خلال هذه الزيارة في هذا التوقيت، أن تبعث برسائل إلى مدريد أيضا، خصوصا وأن ثمة العديد من النقاط المشتركة التي تجمع بينها وبين المغرب فيما يتعلق بالعلاقة مع إسبانيا، منها مشكلة الهجرة، والموقف من مغربية الصحراء.
وأضافت ذات المصادر أن اتفاقيات الصيد البحري مع إسبانيا، التي تعتبر غير منصفة بالنسبة للمغرب وموريتانيا، قد تصبح موضوعا للمراجعة بعد الأزمة بين الرباط ومدريد، مما يشير إلى تحالف مغربي موريتاني، خصوصا في ظل النخبة السياسية الموريتانية الحالية التي تعتبر حليفا قويا للرباط، والتي يقودها الرئيس ولد الغزواني.
إشارات سياسية
من جانبه أكد الباحث في العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إسماعيل الرزاوي، أن "زيارة وزير الخارجية الموريتاني إلى المغرب تندرج في إطار التطور الإيجابي الذي تعرفه العلاقات الثنائية بين المغرب وموريتانيا منذ وصول الرئيس الموريتاني الغزواني إلى الرئاسة، بعد أن أثار تأجيل هذه الزيارة على مدى أكثر من شهرين الكثير من التأويلات الإعلامية حول الأسباب حيث ربطها البعض بجائحة كورونا فيما فسرها البعض باستقبال الجانب الموريتاني لقيادات من جبهة البوليساريو الانفصالية".
وأضاف، في تصريح لموقع "سكاي نيوزعربية"، أنه "وعلى العكس من ذلك، يتضح من خلال هذه الزيارة أن المغرب وموريتانيا عازمان على المضي قدما في تطوير العلاقات بينهما على جميع المستويات".
وأشار إلى أنه "توجد قناعة راسخة لدى الطرفين بضرورة الرفع من التعاون خاصة وأن البلدين جارين وتربطها أواصر تاريخية و امتدادات جغرافية كما تجمعهما تحديات أمنية مشتركة تتطلب نظرة واقعية وبراغماتية لتدبير العلاقات، ومما يعزز هذا التوجه وجود إرادة سياسية مشتركة ستعطي ثمارها على المدى القريب".
واعتبر رزاوي أن "هذه الزيارة تأتي في ظل سياق إقليمي مضطرب بفعل الأزمة الدبلوماسية الحادة بين المغرب وإسبانيا، مما يعني أن نواكشوط والرباط ترسلان إشارات إلى أن المغرب لا يمكن يُحاصر في مجاله الإقليمي، لما يعنيه الإقليم في موازين القوى الإقليمية من أهمية، خصوصا وأن للرباط تطلعا قويا نحو الجنوب".