مبادرة فريدة تلك التي قامت بها إحدى جمعيات المجتمع المدني بالمغرب، إذ تمكنت من حفر وتجهيز 50 بئرا بمختلف المناطق النائية بالمملكة المغربية.
مشاريع مبادرة "جمعية رواء" ستغطي احتياجات 35 ألف مغربي بالمناطق البعيدة، التي تشهد شحا كبيرا في المياه الصالحة للشرب، بالإضافة مشاريع تهم حوالي 800 لوح طاقة شمسية و آلاف الأنابيب المائية تم تركيبها لضخ المياه الصالحة للشرب وإيصالها إلى منازل المستفيدين.
رواء.. تروي العطش
ويقول بهاء الدين المرابطي، المدير التنفيذي للمشروع، لسكاي نيوز عربية، إن فريق جمعية رواء، لمس عن قرب معاناة سكان المناطق النائية بسبب قلة الماء، الذي لديه انعكاسات تهدد حياتهم اليومية.
ويضيف المرابطي أن انعدام الماء بتلك الدواوير يؤثر على المسار الدراسي للأطفال، بسبب قطع عشرات الكيلومترات من أجل الماء لأسرهم وماشيتهم.
وعن فكرة، حفر 50 بئرا، يقول المرابطي، إنها تبادرت إلى أذهان الشباب المتطوعين بعد سنوات من العمل الإغاثي بالمناطق المنسية، خاصة بعد زيارتهم لإحدى المناطق النائية رفقة بعض الأطباء واكتشافهم أن مشكلة المياه غير الصالحة للشرب التي يستعملها سكان المنطقة، تؤثر سلبا على صحتهم، خاصة على الصحة الإنجابية لنساء المنطقة.
ومن بين المناطق النائية التي استفادت من عملية حفر الآبار، يؤكد المرابطي، هي جماعات (بلديات) بإقليم الحوز جنوبي المملكة وتضم (جماعة مسيواة وتوامة وتازارات وتغدوين وزرقطن وأيت حكيم) وأخرى في بلديات بإقلم أزيلال بجبال الأطلس المغربي، وهي ( فطواكة ودمنات) ثم جماعة تلاوت بإقليم ورزازات جنوبي المملكة وجماعة مغراورة بإقليم تازة شرق المغرب.
ويوضح المتحدث أن آبارا إضافية سيتم حفرها وتجهيزها في مختلف المناطق النائية بالمملكة بهدف إيصال الماء الصالح للشرب لأكبر عدد من الأسر بمختلف المناطق البعيدة، ويضيف "حاليا نشتغل على مشاريع حفر الآبار في مناطق نائية بمدن بجنوب المملكة وهي الصويرة وتارودانت وأكادير".
عملية الحفر باهظة الثمن
ويشير المدير التنفيذي إلى أن فرق رواء لم تتوقف عن العمل التطوعي طيلة شهر رمضان، ومازالت تواصل عملها لإنهاء معاناة عدد كبير من السكان مع شبح شح المياه.
وبخصوص التكاليف المالية الإجمالية، يقول المرابطي: "البئر الواحد من مرحلة الحفر إلى مرحلة إيصال الماء لبيوت المستفيدين، يكلف ما بين 6000 دولار، و24 ألف دولار، بحسب المنطقة وتضاريسها، وما إذا كانت مياهها الجوفية وفيرة أم يجب حفر مئات المترات لإخراج الماء من باطن الأرض".
ولفت المدير التنفيذي، إلى أنه قبل بد عملية الحفر والتنقيب، تنتقل فرق رواء إلى القرى النائية للوقوف على الوضعية، ومدى الاحتياج إلى المياه الصالحة للشرب، ثم أن العمل يتم بشكل دوري و بتعاون مع الجمعيات المحلية، مشيرا إلى أن تكاليف الآبار تغطيها مساهمات المحسنين.
كما أن مشروع حفر الآبار، هو متكامل يبدأ بالحفر و التنقيب و بعد ذلك تأتي عملية بناء الخزان المائي وتركيب المضخات ولوحات الطاقة الشمسية، ثم تركيب الشبكة المائية وإيصال الماء إلى بيوت المستفيدين.
فرحة الأهالي
وحسب فرق رواء، كانت عملية الحفر تستمر لساعات طويلة وأحيانا تستمر بلا كلل و لا ملل إلى غاية الهزيع الأخير من الليل، و يستمر معها الترقب و الأمل، إلى أن يخرج الماء من باطن الأرض مازجا التراب بفرحة أهالي الدواوير شبابا ونساء وأطفالا فرحة عارمة تنسي شباب رواء عناء الطريق الطويلة و الوعرة التي قطعوها تاركين خلفهم أعمالهم و أسرهم كل نهاية أسبوع، و تنسيهم مغامرات التيه في الطرقات خلال الليالي الماطرة و الحالكة.
وبعد عملية حفر الآبار استبشر السكان المستفيدين خيرا، وعبروا عن فرحتهم بحفر بئر ببلدتهم وربط المنازل بالشبكة وإيصال الماء، وهناك عدد من الأهالي لم يصدقوا أن الماء وصل إلى بيوتهم.
وفي هذا الصدد، يؤكد عدد من المستفيدين لـ "سكاي نيوز عربية" أن جمعية رواء حققت حلمهم، في رؤية الماء يتدفق من صنابير بيوتهم، واستطردوا قائلين " كنا نعاني العطش وأولادنا يضرون لقطع مسافات طويلة من أجل جلب الماء الذين يكون في غالب الأحيان ملوثا، ويتسبب في عدد من الأمراض مثل تعفن الأمعاء".
وأما أسر أخرى، رددت بصوت عال "أخيرا ودعنا أيام الشقاء وطول انتظار شاحنة توزيع الماء الشروب ونقل العبوات مسافات طويلة".
ثقافة العطاء
وتطمح جمعية رواء من خلال مبادرتها إلى ترسيخ ثقافة العطاء و التضامن، و حث باقي الجمعيات و الجهات المعنية على مثل هذا العمل التطوعي، و تعتبر إدارة رواء أن سقي الماء من بين أعظم الأعمال التطوعية، التي تعيد الحياة لآلاف السكان بالمناطق النائية، و تنهي معاناة عدد كبير من الأسر.
وتؤكد فرق رواء، أنها مؤمنة بإتمام مسيرتها الخيرية، من أجل إنقاذ عدد كبير من سكان المناطق النائية من العطش، ورسم الفرحة على شفاهم من خلال قطرة ماء.