بات في حكم المؤكد أن وضع صناديق الاقتراع في انتخابات الرئاسة السورية في المناطق الشمالية الشرقية من البلاد، سيقتصر على المربعات الأمنية والمناطق المحدودة، التي تسيطر عليها دمشق في كل من مدينتي الحسكة والقامشلي.
وطيلة المناسبات الانتخابية التي تمت خلال السنوات الماضية، سواء الرئاسية منها أو البرلمانية، في ظل الحرب السورية، اقتصرت المشاركة في مختلف المحطات الانتخابية في تلك المناطق على أماكن نفوذ الحكومة السورية في الحسكة والقامشلي، المدينتين الأكبر في شمال شرق سوريا، واللتان تسيطر عليهما قوات سوريا الديمقراطية، وقوى الأمن الداخلي (الأسايش) التابعتين للإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا.
وفي هذا السياق، قال سرتيب جوهر، الصحفي المطلع على ملف حوارات دمشق مع أكراد سوريا، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية": "ثمة محاولات غير مباشرة من قبل دمشق، حتى اللحظة وعبر أطراف ثالثة، لإقناع الإدارة الذاتية بوضع صناديق الاقتراع في الانتخابات الرئاسية، بمختلف المناطق الكردية والشمالية الشرقية ككل، لكنها لم تؤتي أكلها".
وأشار إلى أن الأمور "تتجه نحو عدم مشاركة مناطق الإدارة الذاتية في العملية الانتخابية، مع السماح كالعادة بتنظيمها في مناطق سيطرة النظام المحدودة، في بعض المدن والمناطق".
وأضاف جوهر: "لا يمكن للإدارة، كما تقول هي، أن تعطي هذه الورقة الرابحة لدمشق دون ثمن، إذ في المقابل لدى الإدارة مطالب واشتراطات، وهي ترى أن السماح بهذه الانتخابات في مناطقها في هذه الظروف وبهذا الشكل، ودون وجود اتفاقات وتفاهمات عريضة حول مجمل الوضع السوري المتأزم وطرق الحل، ودون الاعتراف بالإدارة من قبل دمشق، يشكل خدمة مجانية للنظام دون مقابل".
وتعرف المناطق الشمالية الشرقية من سوريا، بمواردها الطبيعية الوفيرة، فهي بمثابة سلة الغذاء وبحر الطاقة في البلاد، حيث تتركز غالبية الإنتاج السوري من النفط والغاز، إلى جانب المحاصيل الزراعية الاستراتيجية من قمح وقطن وعدس، مما يجعل من إشراكها في العملية الانتخابية هدفا ثمينا لدمشق".
وبعد إغلاق صناديق الاقتراع، الخميس، في الانتخابات الرئاسية السورية، التي تمت في مرحلتها الأولى في الخارج، سيصوت السوريون في الداخل الأربعاء المقبل، لاختيار رئيس للجمهورية لسبع سنوات جديدة، وسط إجماع من مختلف القراءات داخل سوريا وخارجها، على أنه لا منافس جدي وحقيقي للرئيس الحالي بشار الأسد.
يذكر أن سلطات الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، لم يصدر عنها حتى الآن أي موقف رسمي بخصوص الانتخابات الرئاسية السورية، مما يترك الباب مفتوحا على مصراعيه أمام الاحتمالات والتأويلات المتباينة، حول حقيقة موقفها من هذه الانتخابات.