عادت الاغتيالات المرتبطة بملف الانتخابات النيابية، إلى واجهة الأحداث في العراق، خلال الأيام القليلة الماضية، وسط مطالبات بإطلاق حملة كبرى لحماية المرشحين والعاملين مع مفوضية الانتخابات.
واغتيل أمس الجمعة الأول، هشام المشهداني، عضو تحالف عزم، الانتخابي، الذي يتزعمه رجل الأعمال السني، خميس الخنجر، وذلك في هجوم مسلح شمالي العاصمة بغداد.
وأثار الهجوم مخاوف كتل سياسية، وأحزاب وشخصيات، من تصاعد حملات الاغتيالات ضد المرشحين والناشطين، مع دخول الموسم الانتخابي، ذروته، في ظل الحملات المبكرة، والنشاط الملحوظ للأحزاب والقوى بهدف استقطاب الناخبين.
وقال النائب في البرلمان العراقي، طه الدفاعي، إن "التنافس الحاصل بين الأحزاب كبير، حيث يسعى الجميع للظفر بأكبر عدد ممكن من مقاعد مجلس النواب، وهو ما يحتم تعزيز الأمن الانتخابي، في جميع الدوائر، بعيداً عن سطوة وتدخل الأحزاب التي تمتلك المال السياسي، والميليشيات، التي تريد التأثير على نتائج هذا الاقتراع، وفي حال حصل ذلك، فإن الشكوك والخلافات ستحيط بتلك النتائج".
وأضاف الدفاعي، في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أن "هذا التنافس المحموم أدى إلى قتل، سواءً لشخصيات مرشحة أو عاملين في مفوضية الانتخابات"، مشيراً إلى أن "الحكومة الحالية تبذل قصارى جهودها، لتأمين الاقتراع، وتهيئة الأجواء المناسبة، لكن هناك تحديات كبيرة، تتمثل بانتشار السلاح المنفلت، وسطوة بعض الأحزاب، وغيرها".
ولفت إلى أن "أمن الانتخابات لا يُناط بالمؤسسة العسكرية فقط، بل على الأحزاب أيضاً الالتزام بقواعد التنافس الشريف، والحفاظ على عملية الاقتراع خالية من الشكوك التي ستنعكس سريعاً على النتائج، وتبقى تداعياتها مستمرة".
رسائل تهديد دموية
وقتل موظف، يوم أمس، يعمل في مفوضية الانتخابات، بمحافظة ميسان، جنوبي العراق، وفق ما أفادت به لجنة الأمن البرلمانية، وهو ما أثار مخاوف من اغتيالات أخرى قد تشهدها البلاد.
ويقول مراقبون عراقيون، إن تلك الاغتيالات لا تهدف دائماً إلى إقصاء أشخاص من المشهد الانتخابي، بل يتجه بعضها إلى إرسال رسائل تخويفية، إلى الأحزاب الأخرى، بضرورة الانصياع لبعض الجهات المتنفذة والمتورطة بتلك الاغتيالات.
ولم تعلن مفوضية الانتخابات، أسماء المرشحين إلى الانتخابات، بشكل رسمي لغاية الآن، غير أنها تسربت عبر وسائل إعلام محلية، ما يكشف عمق المخاوف من والمخاطر التي تحيط بمرشحي الانتخابات.
من جهته، قال مصدر في مفوضية الانتخابات، إن "إعلان أسماء المرشحين سياق طبيعي في كل انتخابات عراقية، لكننا بسبب الاحترازات الأمنية، ورفض أغلب المرشحين، إعلان أسماءهم، لم نعلن بطريقة رسمية لغاية الآن".
وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه لـ"سكاي نيوز عربية" أن "النواب الحاليين يعلنون ترشيحهم بشكل طبيعي بسبب حصانتهم وقدرتهم على حماية أنفسهم، لكن المرشحين الجدد، بحاجة إلى تأمين وضعهم، وهذا جعلنا في حرج، إذ يجب إعلان أسماء المرشحين أمام الرأي العام، لكن هناك اجتماعاً مرتقباً لأعضاء المفوضية، وسيطرح هذا الأمر".
قوة ردع
ونهاية العام الماضي، شكل رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، لجنة أمنية خاصة بالانتخابات المقبلة، حيث يتعلق عملها حصراً بالأمن الانتخابي، ومنع استخدام السلاح المنفلت في ترهيب المواطنين لانتخاب جهات معينة، كما حصل خلال انتخابات عام 2018.
بدوره، أكد المحلل الاستراتيجي، أمير الساعدي، أن "الجهات المعنية هي من تحدد إن كانت الاغتيالات الحاصلة سياسية أم لا، وفق التحقيقات، خاصة وأن قضية اغتيال المشهداني، ربما لم تكن ضمن رقعة التصفيات الانتخابية، وهو ما يضع عدة احتمالات لتلك الحادثة، مثل النزاع والخلاف العشائري، أو الجريمة الجنائية، وهذا ما حصل للناشط إيهاب الوزني، فعملية اغتياله لم تكن انتخابية، بقدر ما كانت وفق سياق محدد، وهو استهداف النشطاء من قبل الفصائل والمجموعات المسلحة".
يضيف الساعدي خلال حديثه لـ"سكاي نيوز عربية" أن "أول نقطة في ملف الانتخابات يجب أن تبدأ بحوار سياسي بين الأحزاب، المشاركة في الانتخابات، والاتفاق على ميثاق شرف، يعتمد بعض البنود، مثل أمن الوطن، وإبعاد سلامة الأفراد عن السباق الانتخابي، وذلك بهدف كسب ثقة الناخبين".
وأشار إلى أن "الحكومة شكلت عدة لجان عليا، تتألف من أغلب التشكيلات الأمنية، لكن الجهد الاستخباري، لا يكفي لوحدة، لأننا نتحدث عن عمليات مافيوية، وعمليات إسقاط جريمة جنائية، وبالتالي يجب أن تكون هناك عملية ردع، باستخدام ارهاب السلطة أمام السلاح المنفلت، لطمأنة الشارع والمرشحين والجهات القائمة على الانتخابات".