أعرب رئيس الوزراء الصومالي محمد حسين روبلى، عن تفاؤله بالدورة الجديدة من المحادثات التي بدأت في مقديشو، الخميس، للمساعدة في كسر الجمود السياسي الحالي في الانتخابات المؤجلة.
وقال روبلي قبل اجتماع بين الحكومة والقادة الخمسة بالولايات الفيدرالية: "إننا مستعدون تماما لعقد مؤتمر استشاري وطني حول الانتخابات، فأنا أشعر بالتفاؤل بأنه سيبدأ بسلاسة وينتهي بالشكل المرضي حتى ينتقل الصومال إلى انتخابات شفافة وحرة وعادلة"، مضيفا "أنني ملتزم باتخاذ جميع التدابير التيسيرية التي ستقود إلى نجاح هذا المؤتمر".
من ناحية أخرى جاء تعيين رئيس غانا السابق جون ماهاما بمنصب ممثل أعلى للاتحاد الإفريقي في الصومال ليسلط الضوء على هذا البلد الغارق في أزمة سياسية خانقة.
وزادت حدة التوتر في الصومال منذ انتهاء ولاية الرئيس محمد عبد الله فرماجو في 8 فبراير، بدون تنظيم انتخابات جديدة، قبل أن يقر البرلمان قانونا يمدد ولاية الرئيس لعامين إضافيين بعد انقضائها وينص على إجراء انتخابات عامة مباشرة عام 2023، ما أثار غضب المعارضة.
عقب ذلك طلب فرماجو من رئيس الاتحاد الإفريقي، الكونغولي فيليكس تشيسكيدي التوسط بين الأطراف الصومالية للتوصل إلى وفاق شامل حول أزمة الانتخابات العامة.
وتحول المأزق الانتخابي إلى مواجهات مسلحة بين قوات حكومية ومقاتلين موالين للمعارضة أقاموا حواجز في أحياء عدة بالعاصمة مقديشو، في تصعيد خطير أدانه المجتمع الدولي.
ضغوط محلية ودولية أجبرت فرماجو على التراجع عن قرار التمديد، وتكليف رئيس الوزراء محمد حسين روبلي بتنظيم الانتخابات المقبلة بأقرب فرصة ممكنة، في تكتيك يخشى محللون أن يكون مناورة جديدة للبقاء بالحكم.
ومن المنتظر أن يصل رئيس غانا السابق جون ماهاما صاحب الـ 62 عاما، إلى الصومال في 23 مايو الجاري، وسيعمل ماهاما مع الأطراف الصوماليين للتوصل إلى تسوية مقبولة من الجميع، من أجل إيجاد حل شامل لتنظيم انتخابات في أسرع وقت ممكن.
ويؤكد الصحفي الصومالي معاوية فارح والباحث في الشأن الإفريقي، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن المبعوث الإفريقي للصومال قادر على تحقيق وساطة بين الأطراف الصومالية ومسؤوليته هو إيجاد مخرج للأزمة الانتخابية بين الصوماليين وتحقيق مسار توافقي وسط وشامل بعد تعثر الجهود "الصومالية -الصومالية".
وأضاف أنا ماهاما يحظى بدعم دولي ومحلي عدا فرماجو الذي يستفيد كل يوم يمر عليه من حالة الاحتقان السياسي بالبقاء في السلطة، عقب انقضاء ولايته الدستورية في 8 فبراير الماضي، معتقدا أنه بالإمكان تقليص الشروط المتبادلة وكذلك التعنت الذي يبعثر كل الأوراق في نهاية كل جولة مفاوضات.
وتابع فارح قائلا: "يملك الصوماليون فرصة أخيرة وهي تنحي الرئيس الصومالي المنتهية ولايته محمد عبد الله فرماجو من قيادة مسار المفاوضات حول الانتخابات سياسيا وأمنيا مطلع مايو الجاري عقب تراجع قرار التمديد أمام البرلمان وتكليف قيادة ملف الانتخابات لرئيس الوزراء محمد حسين روبلى، والذي سيقود أول مؤتمر تشاوري يجمع بين الحكومة الفيدرالية والولايات الإقليمية 20 مايو الجاري في مقديشو، وفي حال فشل هذا المؤتمر في صياغة اتفاق نهائي توافقي حول أزمة الانتخابات سيكون المخرج الوحيد نافذة جون ماهاما الإفريقي".
وكانت هناك جهود من الحكومة الفيدرالية الصومالية بتأجيل وصول ماهاما إلى مقديشو وإعطاء فرصة لرئيس الوزراء والمؤتمر التشاوري، ومن ثم التدخل في حالة الفشل، ولكن الاتحاد الإفريقي رفض هذا المنطق وأعلن أن ماهاما سيصل إلى مقديشو قريبا، إلا أن جهود دبلوماسية عبر دولة جيبوتي تمكنت من إقناع الاتحاد الإفريقي قبول طلب التأجيل حتى 23 مايو الجاري وإعطاء فرصة أخيرة للصوماليين.
وأوضح معاوية فارح، في تصريحاته لـ "سكاي نيوز عربية"، أن نقاط قوة ماهاما تتمثل في أنه يحظى بدعم دولي وإقليمي كبيرين، كما أن تدخله سيأتي بعد فشل الصوماليين في تحقيق مسار توافقي للانتخابات العامة عقب مشاورات استمرت منذ يوليو من العام الماضي بمراحل مختلفة.
وأشار إلى أنه على ماهاما إيجاد حلول سريعة للخروج من المأزق السياسي حول الانتخابات، وعدم السماح بانهيار كيان الدولة الصومالية الذي سيكون حتمًا على المحك في حال الفشل بإيجاد تسوية سلمية لأزمة الانتخابات العامة، لافتا إلى أن الوسيط الإفريقي جاء بعد طلب رسمي صومالي لحل المأزق السياسي في البلاد.
من ناحية أخرى يقول الباحث في الشأن الإفريقي عطية عيسوي لموقع "سكاي نيوز عربية": "من الممكن أن ينجح ماهاما ومن الممكن أن يفشل، حيث يتوقف ذلك على مدى تشدد أو مرونة الأطراف الصومالية، مشيرا إلى أنه خطوة تراجع الرئيس عن تأجيل الانتخابات لمده عامين وتراجع البرلمان عن التمديد للرئيس لمدة سنتين، جاءت بعد ضغط دولي ومحلي، لكن ما زالت المواقف متباعدة بين قاده الولايات في الصومال من ناحية وبين المعارضة والحكومة والأطراف الموالية لها من ناحية أخرى.
وأضاف عيسوي أنه إذا حدث تجاوب مع الوسيط الإفريقي في هذا الأمر أعتقد أنه من الممكن أن يقرب بين وجهات النظر ويؤدي إلى الاتفاق على النقاط الخلافية القائمة بين الأطراف، وبالتالي يتم تحديد موعد لإجراء انتخابات وتشكيل حكومة وطنية صومالية.
وأوضح أن ولايتي "جوبا لاند" و"بونط لاند" تختلفان بشدة مع الحكومة المركزية في مقديشو حول كيفية إجراء انتخابات بشكل حر ونزيه، وإذا تم الاتفاق من قبل حكومة عبد الله فرماجو على طريقه لإجراء الانتخابات بشكل يرضي قاده هاتين الولايتين بالتحديد، أعتقد أنه من الممكن التوصل إلى حل.
وردا على سؤال لموقع "سكاي نيوز عربية" هل الانتخابات طريقة لتسكين الخلافات القائمة؟ قال عطية عيسوي إن إجراء انتخابات حرة ونزيهة ستنزع فتيل الأزمة الحالية والتي أدت في وقت من الأوقات إلى حشد قوات المعارضة المسلحة في مقديشو وحدوث اشتباكات بين الطرفين، لكن هناك مشاكل مزمنة قائمة بين الأطراف الصومالية لأنها تتشكل من قبائل وعشائر كثيرة، وهذه المشاكل تتعلق بالصراع التقليدي على السلطة والثروة.
فهل سيكون جون ماهاما هو الملاذ الأخير للأزمة في الصومال، أم أن الصوماليين أنفسهم سيتمكنون من حل أزمتهم قبل وصول مبعوث الاتحاد الأفريقي إلى البلاد مطلع الأسبوع المقبل؟