يناقش مجلس النواب الليبي، الإثنين المقبل، ميزانية حكومة الوحدة الوطنية لسنة 2021، بمقر المجلس في مدينة طبرق، إضافة إلى ملف التعيينات الجديدة في المناصب السيادية، وهما من أخطر الملفات الساخنة على الساحة الليبية الآن.

وبحسب المصادر، فيتوقع أن تكون الميزانية في حدود ما بين 90- 93.8 مليار دينار، وهو مبلغ اختلف ليبيون في تقديره، هل مناسب أم مبالغ فيه، على أساس أن عمر الحكومة الحالية 6 أشهر، تنتهي بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في 24 ديسمبر المقبل.

ومشروع الميزانية- الموصوفة بأنها الأضخم في تاريخ ليبيا- واجه رفض في أبريل الماضي من مجلس النواب، وأعاده للحكومة التي أدخلت عليه تعديلات، وأعادته بدورها للبرلمان، وكان أهم البنود التي رفضها بند يتيح لوزارة المالية حق الصرف المباشر من مخصصات أي جهة ممولة من الخزينة العامة بعد موافقة مجلس الوزراء، وبند التصرف في ميزانية الطوارئ من قبل الحكومة الليبية، الذي خشى من أن يفتح الباب أمام توسيع الإنفاق العام، إضافة إلى التوسع الكبير في ميزانيات بعض دواوين الوزارات، بحسب تقرير وضعه المجلس في تقييم مشروع الميزانية.

مخاوف من انتقال المرتزقة من ليبيا إلى دول الساحل

أسباب لزيادة

ويصف أستاذ الاقتصاد بجامعة قاريونس في بنغازي عطية الفيتوري، مبلغ الميزانية بأنه "ضخم؛ فهو ضعف ميزانية عام 2020، إلا أنه يرى مبررات لهذه الزيادة، منها تخفيض قيمة الدينار الليبي بنسبة 70 بالمئة، أي رفع قيمة الدولار الأميركي 220 بالمئة مقابل الدينار.

ويضيف في حديث لـ"سكاي نيوز عربية" أن جزءً كبيرا من الميزانية العامة يجب دفعة بالدولار مثل تحويلات الحكومة للبعثات الدبلوماسية والدراسة والعلاج في الخارج على حساب الدولة، بالإضافة إلى الدعم السلعي لمواد غذائية وتشغيل الكهرباء وبنزين السيارات، إضافة لزيادة مرتبات العاملين بالدولة بنسبة 20 بالمئة.

سبب آخر يبرر زيادة الميزانية عند الفيتوري، وهو إضافة عاملين جدد، فالحكومة الآن باعتبارها حكومة وحدة وطنية تدفع مرتبات جميع العاملين في شرق وغرب ليبيا، بالإضافة باب استكمال المشروعات المتوقفة الذي تخصص له مبالغ كثيرة.

وتوقع الخبير الاقتصادي موافقة مجلس النواب على مشروع الميزانية المعدلة، والتي بلغت 93.8 مليار دينار، بعد أن استطاع وزير المالية الدفاع عن هذا الحجم، وهي ميزانية 12 شهر من أول يناير الماضي إلى نهاية ديسمبر القادم.

نفس الحال، توقع مدير مركز الدراسات المالية بوزارة المالية الليبية سعيد اسماعيل، في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية" أن يوافق البرلمان على الميزانية بعد اجراء التعديلات المطلوبة بحيث يكون التخفيض في حدود 90 مليار.

أخبار ذات صلة

زيارة أميركية خاطفة إلى ليبيا.. وهذه أسبابها وأهدافها
تحركات مكثفة للمليشيات.. هل يتكرر سيناريو 2014 في ليبيا؟

المناصب السيادية

أما الملف الخطير الثاني الذي يناقشه البرلمان الإثنين المقبل، فهو التعيينات الجديدة في المناصب السيادية، والذي تم وضع الترشيحات الخاصة بها بالفعل، وخطورته تنبع من أن تنظيم الإخوان يسعى إلى تعطيل التعيينات الجديدة بعد أن ظهر لهم خلو قوائم المرشحين من أذرعهم القديمة فيها، وبخاصة رئيسا المصرف المركزي وديوان المحاسبة.

وقد يشمل هذا التعطيل محاولة لإيجاد توتر وفوضى جديدة في البلاد، أو تعطيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة نهاية العام.

وظهر بوضوح غضب الإخوان في خطاب المجلس الأعلى للدولة، الذي يسيطر عليه التنظيم، إلى مجلس النواب، حيث دعاه إلى "عقد المزيد من اللقاءات" للتباحث حول الأمر، بدلا من النظر في قوائم الترشيحات التي أحالتها لجنة تابعة لـ"النواب".

وتعليقا على هذه الأجواء الساخنة، قال الباحث السياسي الليبي محمد قشوط لموقع "سكاي نيوز عربية" إن مجلس النواب توافق على حسم ملف المناصب السيادية قبل اعتماد الميزانية، ليضمن مراقبة حكومة الوحدة الوطنية، وتوحيد المؤسسات المالية والرقابية التي لازالت منقسمة حتى يومنا هذا.

ليبيا.. "المحكمة الجنائية" تهدد المرتزقة بملاحقات قضائية

وأضاف "الإخوان يدركون أن الأمر يهدد بإخراج شخصين عاثا فسادا، وكانا عصا التنظيم لتجويع وتركيع الليبيين لأجنداتهم، وهما محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير، ورئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك".

والصديق الكبير، المنتمي لتنظيم الإخوان، مستمر في منصبه منذ 10 سنوات، حيث عينه المجلس الانتقالي أواخر 2011، بضغط من التنظيم، الذي كان يسيطر على أغلبية المؤتمر الوطني الليبي، وعمل على ترسيخ وجود التنظيم بتوفير غطاء مالي كبير له، مكنه من توطيد أقدامه عسكريا في الغرب الليبي.

أما خالد شكشك، فقد قرر مجلس النواب في طبرق عام 2014 إنهاء خدمته، لشكوك حول دوره في تسخير أرصدة المؤسسات العامة والسيادية لصالح الإخوان.

هذا إلى جانب خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، فهو من مؤسسي حزب العدالة والبناء الإخواني بعد 2011، ويوصف بأنه "رجل تركيا الأول" في طرابلس.