خسائر فادحة شهدتها غزة بعد 11 يوما من الغارات والقصف الإسرائيلي، سواء بشرية أو مادية، فإلى جانب 232 قتيلا ومئات المصابين، هدمت عشرات المباني في القطاع المحاصر، ولحقت أضرار بالغة بالبنية التحتية.
وفتح وقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة الذي دخل حيز التنفيذ صباح الجمعة، المجال أمام طرح ملف إعادة إعمار القطاع، الذي كانت القاهرة سباقة فيه بمبادرتها الأخيرة، حيث أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تقديم مصر مبلغ 500 مليون دولار لإعادة الإعمار.
ولا تتوافر حاليا إحصاءات أو تقديرات دقيقة حول حجم الخسائر التي لحقت بالقطاع، لكن في تصور السياسي الفلسطيني أسامة شعث المستشار في العلاقات الدولية، فإن كلفة إعادة الإعمار هذه المرة ستكون أعلى مما كانت عليه عام 2014 الذي شهد موجة عنف إسرائيلية شبيهة، مرجحا أن تصل إلى 8 مليارات دولار.
ويقول شعث في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، إنه "من المفترض أن يكون هناك مؤتمر دولي لدعم جهود إعادة الإعمار، على غرار ما جرى في 2014"، مشيرا إلى أن "إحصاء وتقدير حجم الضرر الواقع على القطاع يحتاج لفترة قد تصل إلى 3 أشهر".
أضرار بالغة
ويشير السياسي الفلسطيني إلى تضرر المباني السكنية وشبكات الاتصالات والكهرباء وخطوط المياه وشبكات الصرف الصحي وكل ما يتعلق بالبنى التحتية، و"بالتالي نحن بحاجة إلى إحصاء شامل للوقوف على تكلفتها ثم عقد مؤتمر دولي. أعتقد أن الخسائر المادية تزيد على 8 مليارات دولار، بخلاف عام 2014 حيث قدرت بـ5.5 مليار".
وفي أكتوبر 2014، بعد الحرب التي شهدتها غزة التي استمرت 7 أيام وأسفرت عن تشريد قرابة الـ100 ألف فلسطيني وألحقت أضرارا هائلة بالبنية التحتية في القطاع، احتضنت القاهرة مؤتمر إعادة إعمار غزة بمشاركة ممثلين لـ50 دولة ومنظمة، وشهد تعهدات من المشاركين بتقديم 5.4 مليار دولار دعما للفلسطينيين، نصفها لإعادة الإعمار.
وعقب المبادرة المصرية، خصص صندوق "تحيا مصر" حسابا لإعادة إعمار غزة في كل البنوك، لتلقي المساهمات من الداخل والخارج من أجل إصلاح ما تم هدمه، وتلبية احتياجات الفلسطينيين.
وضع متأزم
ومن جهة أخرى، يشير المحلل السياسي الفلسطيني ماهر صافي في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أن الأرقام غير واضحة الآن بخصوص حجم الضرر الذي لحق بالقطاع، فهناك مبان هدمت بشكل كلي، كما وقعت أضرار بالغة بالبنية التحتية، وهناك مبان أخرى تضررت جزئيا وبعضها لم يعد يصلح للعيش الآدمي.
وأوضح صافي أن "نحو 850 وحدة سكنية تعرضت للضرر بخلاف العديد من الأبراج السكنية، سواء بشكل كلي أو جزئي".
وتحدث المحلل السياسي عن الجهات المنوط بها تحمل تكلفة إعادة الإعمار، مشيرا إلى البنك الدولي والاتحاد الأوربي وبعض الدول العربية التي ستحذو حذو القاهرة.
مبادرة إنسانية
والثلاثاء اتفق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، على إطلاق مبادرة إنسانية في غزة، كما أعلن برنامج الأغذية العالمي منتصف الأسبوع، أن غزة "لم تعد تتحمل المزيد من الصدمات"، معبرا عن حاجته إلى 14 مليون دولار ليتمكن من تقديم المساعدة الطارئة خلال الثلاثة أشهر المقبلة لنحو 160 ألف شخص تضرروا في القطاع و60 ألفا آخرين في الضفة الغربية.
ورجح البرنامج، في بيان لمديرته الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كورين فلايشر، إمكانية زيادة أعداد المتضررين بشكل أكبر، كما أكد حاجته لـ31.8 مليون دولار إضافية لتقديم المساعدات الاعتيادية لأكثر من 435 ألف شخص في غزة والضفة الغربية لمدة 6 أشهر مقبلة.