انطلقت الخميس حملة الانتخابات التشريعية في الجزائر، المقررة في 12 يونيو المقبل، وبدأ الناخب في اكتشاف وجوه المرشحين لهذا الاستحقاق الأول من نوعه الذي تشهده البلاد بعد حراك فبراير 2019.

وعرف اليوم الأول من الحملة الانتخابية حالة من الفتور العام على مستوى الجزائر العاصمة، وتركزت مرحلة "جس النبض" عبر مواقع التواصل الاجتماعي من خلال نشر المرشحين لصورهم، واللافتات التي تحمل الأرقام الخاصة بهم.

وبدت الأحزاب التقليدية أكثر تنظيما في بداية حملاتها، وذلك مقارنة بالقوائم الحرة التي ركز أصحابها على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة "فيسبوك".

وتراهن السلطة كثيرا على هذا الموعد الانتخابي، لتشكيل أول برلمان شعبي يقدم نخبة سياسية جديدة، مع قطع الطريق أمام المال الفاسد.

أحزاب جزائرية تنتقد إقصاء عدد من القوائم الانتخابية

تشجيع للنخب الشابة

ولضمان مصداقية أكثر للعملية الانتخابية وعدم التأثير على نتائج الصندوق، فقد تزامن موعد انطلاق الحملة مع قرار صرف الدولة لمبلغ 30 مليون سنتيم جزائري (حوالي 1800 دولار) لكل مرشح حر يبلغ أقل من 40 عاما، لدعمه في طباعة صوره ومنشوراته الخاصة بالحملة.

والملاحظ في هذه الانتخابات هو غلبة القوائم الحرة (837 قائمة حرة)، وذلك بعد تراجع مصداقية الأحزاب التقليدية (646 قائمة حزبية).

وقد برزت مشاركة فئة كبيرة من "التكنوقراط" غير المتحزبين، وأغلبها من النخب العلمية التي كانت تصنف في خانة الغالبية الصامتة.

وظهر اهتمام الطبقة السياسية بالنخب والقدرات المعرفية والتكنولوجية من خلال عدد الممثلين لمختلف الفئات المرشحة في هذه القوائم، سواء الحزبية أو الحرة.

أخبار ذات صلة

الجزائر .. انتخابات برلمانية على صفيح ساخن
الداخلية الجزائرية تحذر: يجب التصريح بخروج المسيرات

في هذا الصدد قال أستاذ علوم الإعلام بجامعة الجزائر عبد الكريم تفرقنيت، المرشح في قائمة حركة البناء الوطني بالعاصمة، لموقع "سكاي نيوز عربية": "الخطاب السياسي للحكومة يشجع على الاهتمام بالنخب وإدماجها في الحياة السياسية والبرلمانية".

وأوضح تفرقنيت أن "النخب تمثل عبر التاريخ أهمية كبرى بالنسبة لتطور الحضارات وارتقائها نحو الأفضل، منذ عهد الإغريق إلى المراحل المعاصرة، ومن الطبيعي أن تشجع الجزائر هذا التوجه".

وأضاف أستاذ الإعلام: "الدولة تدرك اليوم أن من يعمل على تغييب النخب وتهميشها، فإنه يتسبب في فقدان المجتمعات لعقلها الواعي المخطط للتقدم والازدهار".

القواعد الصامتة

ووصف رئيس المنتدى العالمي للوسطية أبو جرة سلطاني، الأسبوع الأول للحملة بمرحلة "جس النبض".

وقال لموقع "سكاي نيوز عربية": "من الطبيعي أن يكون اليوم الأول باهتا من حيث الظهور والمنافسة، فكل قائمة لن تغامر بحرق أوراقها، وإنما ستنتظر لفهم الوضع العام لدى المنافسين".

وعن حظ القوائم الحرة في الوصول إلى قبة البرلمان وطريقة تسييرها للحملة، قال: "أكبر حزب سياسي في الجزائر يملك أقل من مليون مشترك، وكل أمام اختبار البحث عن القواعد الشعبية الصامتة في المرحلة الحالية".

أكثر من 100 إعلامي مرشح

ويدافع الإعلاميون المرشحون عن فكرة الذهاب لخيار الصندوق، باعتباره الحل الأمثل للخروج من الأزمة السياسية.

وقال الإعلامي زكريا عليلات المرشح عن قائمة "الحصن المتين" لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن الترشح يمثل استمرارا لمسار التغيير الذي بدأه الشعب الجزائري في 22 فبراير 2019، موعد بدء الحراك الذي دفع الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة إلى التنحي.

الجزائر.. جدل بشأن مشروع قانون يجرم من يعرقل الانتخابات

وأوضح عليلات في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "الأهم من ذلك بداية القضاء على الفكر التسلطي والأبوية التي مورست ضد الشعب الجزائري لسنين عديدة".

واعتبر المرشح أن "الجزائر أمام منعرج تكريس مبدأ الديمقراطية الحقة، التي يكون الفاعل الرئيس فيها هو الشعب عبر قطع الطريق أمام الديناصورات السياسية".

من جهة أخرى، توجهت أصوات المعارضين للانتخابات في اليوم الأول من الحملة للتهكم على المرشحين، خاصة الذين رفعوا شعارات غريبة وصورا مثيرة.

وعلق الكاتب الصحفي مهدي براشد على الكم الهائل لعدد الإعلاميين الذين أعلنوا ترشحهم رسميا: "صحفي التزم الصمت ولم يقل الحقيقة وهو يتقاضى مبلغ 3 مليون سنتيم شهريا، كيف نتوقع كلامه وهو يتقاضى مبلغ 30 مليون سنتيم؟"، وذلك في مقارنة بين متوسط أجر الصحفيين وأجر نواب البرلمان.

وحسب أرقام السلطة الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخابات، فإن أزيد من 100 صحفي تقدموا للترشح في قوائم حرة وحزبية.

وبشكل عام، فإن المتابعين للمشهد السياسي في الجزائر يؤكدون أنه من الصعب معرفة ما ستفرزه الانتخابات المقبلة، وهو العنوان العريض الذي ظهر على مختلف الصحف المحلية في اليوم الأول للحملة.

ويرى الخبراء أنه في حال تمكنت النخب من الفوز بمقاعد برلمانية، فإن الجزائر ستكون سابقة في المجتمعات العربية في هذا الاتجاه، مما سيخلق برلمانا متنوعا تكون فيه الغالبية للنخب لا للأحزاب السياسية التقليدية".

واعتبروا أن ذلك "يكسر شوكة أكبر الأحزاب القديمة على رأسها حزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي"، اللذين يوصفان بأحزاب السلطة، بعد أن سيطرا على البرلمان لعقود.