لم يكن نهار لبنان عاديا، فقد انشغل خلاله السياسيون ورؤساء الجمهوريات والحكومات السابقين والشخصيات الدينية والدبلوماسية وزعماء الكتل النيابية لدعم المملكة العربية السعودية لوقوفها الدائم الى جانب لبنان في أحلك الظروف، في التعبير عن رفضهم لموقف وزير الخارجية شربل وهبي الذي تنحى عن منصبه صباح الأربعاء.
كان يوماً خصصه اللبنانيون لاستنكار ما يشوه مسيرة ديبلوماسية بلدهم على مر السنين، ولرفض أي إساءة صدرت بحق المملكة ودول الخليج العربي.
فما صدر من كلام غير لائق من وزير الخارجية اللبناني في حكومة حسان دياب المستقيلة، المتنحي من مهامه جعل اللبنانيون بكل أطيافهم يتوافدون الى دارة سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان وليد بن عبد الله بخاري في منطقة اليرزة شرق بيروت.
واستقبل بخاري ضيوفه من أهل السياسة والوفود الشعبية والوجوه الإعلامية الذين اتوا من مختلف مناطق لبنان من الشمال والجنوب والبقاع والجبل وبيروت بالترحاب.
وطمان السفير السعودي في حديثه مع الصحافيين، في ختام اليوم التضامني الذي بدأ صباح الأربعاء واستمر لساعة متأخرة بأن : " ما يحكى عن سعي المملكة لترحيل اللبنانيين عن أراضيها لا أساس له من الصحة وقال: "إن أخلاقيات ومرتكزات المملكة لا تسمح بأن يتم التعرض لكل مقيم على الأراضي السعودية، ناهيكم عن اللبنانيين الموجودين في المملكة".
وأضاف: "ما شاهدناه من شائعات لا يعكس موقف المملكة، فالقيادة الرشيدة في المملكة تركز على صون كرامة المواطن السعودي وأي مقيم على أرض المملكة".
وأكد أن : "العلاقات السعودية - اللبنانية هي علاقات بين شعبين وعلاقة وجدانية تربطها روابط العروبة والدم والأخوة والإسلام وعلاقات النسب، وما شهدناه اليوم من مواقف وتضامن يعكس حقيقة مواقف الشعب اللبناني بكل انتماءاته، ومفاخر المملكة وأصالتها أكثر من أن تعد وتحصى ولا ينكر ذلك إلا جاهل مضللَّ ".
وكشف السفير بخاري "أن اجتماع مجلس الأعمال السعودي - اللبناني الخميس أجل موقتاً لثلاثة أيام، وسنستأنف البحث في موضوع الحظر على تصدير المنتوجات والزراعات اللبنانية، ونفيدكم بأي جديد".
وقال: "تلقيت مكالمة هاتفية بالأمس من وزير الخارجية شربل وهبة أعرب فيها عن اعتذاره الشديد والصريح لما بدر منه في لقائه التلفزيوني، وأخبرني بأنه سيتنحى صباح اليوم".
ورداً على سؤال عما إذا كان اعتذار وهبة كافياً ، قال: "الأهم ليس أن نعتبره كافياً أم لا، بل مراجعة السياسات الخارجية بإرادة سياسية جامعة تجاه المملكة ودول مجلس التعاون ، وعندما تكون هناك مراجعة حقيقية، فهذا يعني أن هناك مؤشرات إيجابية لإستعادة ثقة المجتمع الدولي، وعلى رأسه المملكة".
وشكر السفير السعودي في لبنان " كل الكتل السياسية والنيابية والحزبية والدينية والإعلامية وكل المتضامنين، على ما عبروا عنه من مواقف تضامنية تعكس جوهر الإنسان اللبناني وحقيقته".
ومن بين زوار السفير السعودي رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان الذي اعتبر الزيارة تعبيراً عن الموقف الحقيقي للمواطن اللبناني مما حصل بالأمس، تجاه دول الخليج عموماً والمملكة العربية السعودية "، ورأى سليمان أنه من واجب مجلس الوزراء إقرار السياسة العامة للدولة وكل مسؤول فيها".
وصباحاً زار السفير السعودي مفتي الجمهورية اللبنانية الدكتور عبد اللطيف دريان الذي اعتبر أن ما صدر من إساءة مرفوض ومدان ومستهجن بكل المعايير، مؤكداً أن علاقتنا مع السعودية والدول العربية لن تكون الا علاقة أخوة واحترام.
وقال: "ننتظر الإجراءات الحاسمة التي يمكن أن تصحح ما صدر من إساءات في حق السعودية ودول مجلس التعاون وعلى المسؤولين اللبنانيين الإسراع في رأب هذا الصدع، ونحن مؤتمنون على الوفاء للمملكة وما صدر من إساءة مرفوض ومدان ومستهجن".
وقالت رئيسة كتلة المستقبل النيابية بهية الحريري التي حضرت على رأس وفد "المملكة ودول الخليج لم يتركوا لبنان ولم يميزوا بين اللبنانيين مطلقا ونرفض الإساءة والاستنكار لا يكفي جئنا لنحمل سعادة السفير الاعتذار من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده وحكومة المملكة والشعب السعودي كله وشعب الخليج".
وقال النائب تيمور جنبلاط "المملكة ودول الخليج أصحاب فضل تاريخياً على لبنان ، والكلام الذي صدر عن وزير خارجية لبنان غير مسؤول وغير أخلاقي".
وقال رئيس وفد الجمهورية القوية النائب بيار بو عاصي الذي يمثل حزب القوات اللبنانية" الاستنكار ليس للكلام الذي صدر عن الوزير السابق والمستقيل شربل وهبه، بل لاستسهال السياسيين في لبنان تدمير العلاقات والجسور بين الشعوب التي بناها أجدادنا والجيل الجديد ليقوم من هو في موقع المسؤولية بتدميرها بكلام سطحي لا يشبه اللبناني بشيء بعد لقاء بخاري " مصالح الشعب اللبناني ليست ملك "بيت بي حدا".
وقال ريئس الجمهورية اللبنانية السابق أمين الجميل بعد زيارته للسفير السعودي: “جينا الى السفارة اليوم، لكي نعبر عن تعلقنا ومحبتنا للمملكة العربية السعودية التي تعود الى عشرات السنين. وهذه التظاهرة اليوم هامة، وكان من الضروري أن تحصل"
وتعليقاً على زيارات الوفود والوقوف الى جانب سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري، إعتبر رئيس هيئة العلاقات اللبنانية - الخليجية إيلي رزق لموقع سكاي نيوز عربية " أن ما شهدته اليوم دار السفير السعودي هي ردة فعل طبيعية من الشعب اللبناني وتعبر عن أدبيات هذا الشعب، وعن مسيرة لبنان في السلك الدبلوماسي.