أكد خبراء ليبيون أن مؤتمر برلين 2 حول ليبيا الذي سيعقد في منتصف يونيو المقبل، يأتي في توقيت "حساس ومهم للغاية"، خاصة أن خارطة الطريق ستكون في مهب الريح إذا لم تتم تسوية بعض الملفات الشائكة.
المؤتمر الذي يأتي بعد عام ونصف تقريبا من النسخة الأولى التي رسمت خطوطا عريضة للحل في ليبيا، من المنتظر أن يهيئ الأجواء الأمنية والدستورية لعملية الانتخابات المقرر إجراؤها نهاية العام الجاري.
أجندة المؤتمر
وكشفت مصادر ليبية في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، الملفات التي من المقرر مناقشتها خلال المؤتمر، وهي إخراج المرتزقة وحل الميليشيات المسلحة وتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية، والتأكيد على "قدسية" موعد الانتخابات المقبلة التي ستنهي المرحلة الانتقالية.
وقال المحلل السياسي الليبي حسين المسلاتي إن المؤتمر يعقد في وقت حساس ومهم للغاية، لا سيما أن جل مخرجات برلين الأول لم تنفذ بصورة صحيحة، بل أصاب التعطيل والتلكؤ معظمها بعد تدخل تنظيم الإخوان والتيار الميليشياوي، على حد وصفه.
عرقلة الحلول
واعتبر المسلاتي، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "برلين 2" سيوجه رسالة شديدة اللهجة إلى الدول التي تتدخل بشكل سلبي في ليبيا، مؤكدا أنه "سيلزمها بأن تتوقف وترضخ للضغوط الدولية، تمهيدا لتوفير الأجواء اللازمة لإجراء انتخابات آخر العام، من الناحية الأمنية والدستورية".
وأضاف: "رغم أن مؤتمر برلين الأول وما صاحبه من قرارات دولية يعطي صلاحيات لفرض عقوبات على كل المعرقلين بشكل عام، فإن المجتمع الدولي لم يكن جادا في استخدامها، مما سمح لأطراف خارجية وداخلية بعرقلة الحلول وتعطيل مسيرة ليبيا".
محطة مهمة
المحلل السياسي الليبي محمد يسري وافق المسلاتي، لكنه أكد لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "برلين 2" سيكون محطة مهمة لدعم اتفاق جنيف وتنفيذ خارطة الطريق حتى الوصول إلى الانتخابات.
وقال يسري إن "برلين 2" سيسلط الضوء على استحقاقات المرحلة المقبلة في ليبيا، أهمها انتخابات الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل، كما سيقدم دعما لا محدود لحكومة الوحدة الوطنية لدفعها قدما لإنجاز هذا الملف.
ضغوط دولية
وأشار إلى أن المؤتمر الدولي سيزيد من الضغوط الموجهة على النظام التركي، مما سيدفعه نحو إيجاد حلول لإخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من البلد الإفريقي.
وتوقع المحلل السياسي الليبي أن تأتي النتائج والتوصيات متسقة تماما مع قرار مجلس الأمن رقم 2570، الذي نص في أحد بنوده على ضرورة إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب، مستبعدا فرض عقوبات على دول أو كيانات بعينها.
حلول متعثرة
وفي السياق ذاته، قال المحلل السياسي الليبي حسين مفتاح إن الحل الشامل للأزمة الليبية متعثر، و"لم يعالج الكثير من الملفات التي بقيت عالقة، خاصة الملف الأمني".
وأوضح أن المؤتمر المقبل سيناقش ضرورة تنفيذ قراري مجلس الأمن 2570 الذي يعنى بتنفيذ خارطة الحل في ليبيا وصولا إلى انتخابات ديسمبر، و2571 المعني بتنفيذ وقف إطلاق النار.
وأكد أنه في حال عدم تنفيذ القرارين وبشكل جاد عن طريق وضع أطر حقيقية، فإن العملية السياسية والخطط التي تعمل عليها الأمم المتحدة ستكون في مهب الريح، ما لم يتم وضع جدول زمني محدد لخروج كل القوات الأجنبية من ليبيا ودعم مؤسسات الدولة بما فيها الجيش.
أسباب الاجتماع
المحلل السياسي الليبي عز الدين عقيل، أكد لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن مصلحة الغرب في ليبيا تعارضت مع تواجد المرتزقة في ليبيا، الذين باتوا يشكلون "موطئ قدم متقدم لصالح تركيا وروسيا"، وفقا لتعبيره.
وأوضح عقيل أن "الأصوات الغربية انقسمت بشأن الدعوة لإخراج المرتزقة من ليبيا، مما أضعفها وجعلها بلا قيمة" على حد وصفه، لذا "سارعت الدول الأوروبية لعقد المؤتمر لتوحيد صفوفها وإجبار الدول الراعية للمرتزقة على وضع آلية لإخراج تلك العناصر".
وأشار إلى أن "الهدف الأول من وراء الاجتماع هو إنهاء النفوذ الروسي والتركي المسلح في ليبيا، من دون المساس بالميليشيات المحلية التي صنعها الغرب عام 2011، ولا يزال يصر على وجودها في ليبيا حتى إجراء الانتخابات المقبلة".
مفاوضات خلف الكواليس
وأكد المحلل السياسي الليبي أن خروج مؤتمر "برلين 2" بنتائج حقيقية يتوقف على نتائج المفاوضات التي تجرى خلف الكواليس بين الدول المعنية بالشأن الليبي، متوقعا مماطلة وتسويفا من أنقرة وموسكو إذا لم تحصل كل منهما على المكاسب التي دخلت ليبيا من أجلها.
تعاون إيطالي ألماني
وكان وزير الخارجية الألماني هايكو ماس قال خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الإيطالي لويجي دي مايو، الخميس، إن هناك تعاونا إيطاليا وألمانيا بالتنسيق مع الحكومة الليبية حول المؤتمر المزمع عقده خلال النصف الثاني من الشهر المقبل.
وأوضح الوزير الألماني أن "هناك تحديات عديدة في ليبيا، وهي إجراء الانتخابات في موعدها المقرر 24 ديسمبر، والانسحاب الكامل للمقاتلين الأجانب من البلاد".
وتوصل مؤتمر برلين حول ليبيا الذي عقد في 19 يناير 2020، بحضور مسؤولي 11 دولة، إلى فرض عقوبات على الجهة التي تخرق الهدنة، وبذل جهود دولية لتعزيز مراقبة حظر تصدير السلاح، مطالبا بتسريح ونزع سلاح الميليشيات.
ووعد المجتمعون باحترام حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة عام 2011 على ليبيا، وبعدم التدخل في شؤونها الداخلية، سعيا إلى إعادة السلم إلى البلد الذي تمزقه الحرب.
وأسهم مؤتمر برلين الأول في خروج مبادرات وضعت أساسا لحل دائم في ليبيا، من بينها إعلان القاهرة الذي طرحته مصر في يونيو 2020، وضم بنودا من بينها وقف لإطلاق النار، واستكمال مسار أعمال اللجنة العسكرية (5+5).