شهدت الأيام القليلة الماضية تصاعد وتيرة الأحداث في القدس، واندلاع اشتباكات بين قوات الشرطة الإسرائيلية وفلسطينيين على خلفية اقتحام قوات الشرطة الإسرائيلية لباحات المسجد الأقصى، ومحاولة منع المصلين من أداء صلواتهم، الأمر الذي دعا إلى صدور استنكار عربي لما يمكن وصفه بتجاوزات الشرطة الإسرائيلية.
وعلى الفور أعربت دول عربية، تؤيد عملية السلام الشامل، وتتمسك في الوقت ذاته بالحق الفلسطيني، عن رفضها القاطع لكافة محاولات الجانب الإسرائيلي التغول على حقوق الشعب الفلسطيني، مشددة على ضرورة الالتزام بالقانون الدولي وحماية المدنيين واحترام قدسية المسجد الأقصى، وعدم السعي إلى مزيد من التصعيد، وما يترتب عليه من أحداث ستزيد من قتامة المشهد الفلسطيني الإسرائيلي.
تقويض لعملية السلام
وأعربت الخارجية المصرية عن استنكارها لاقتحام المسجد الأقصى، مطالبة بضرورة وقف أي ممارسات تنتهك حُرمة المسجد المبارك، أو الهوية العربية الإسلامية والمسيحية لمدينة القدس ومقدساتها، وتغيّر من الوضع التاريخي والقانوني القائم.
ولفت المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، السفير أحمد حافظ، إلى ضرورة رفض سياسة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية من خلال بناء مستوطنات جديدة، أو مصادرة أراضي جديدة أو تهجير الفلسطينيين مثلما يحدث في حي الشيخ جراح، واصفا ما يحدث بالانتهاك للقانون الدولي، وتقويض لفرص التوصل إلى حل الدولتين.
وفي السياق ذاته، أكدت دولة الإمارات العربية المتحدة، إدانتها لاقتحام المسجد الأقصى الشريف وتهجير العائلات الفلسطينية من حي الشيخ جراح.
وقال خليفة شاهين المرر، وزير دولة في بيان رسمي، إن الإمارات تدين وتستنكر اقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى المبارك، مطالبا بضرورة وقف أي ممارسات تنتهك حرمة المسجد الأقصى.
وشدد شاهين المرر على ضرورة تحمل السلطات الإسرائيلية لمسؤوليتها وفق قواعد القانون الدولي لتوفير الحماية اللازمة للمدنيين الفلسطينيين، وكذلك حقهم في ممارسة الشعائر الدينية، داعيا إسرائيل إلى ضرورة تحمل المسؤولية في خفض التصعيد، وإنهاء كافة الاعتداءات والممارسات التي تؤدي إلى استمرار حالة من التوتر والاحتقان.
وفي الرباط، عبر المغرب، يوم الأحد، عن قلقه إزاء "الأحداث العنيفة المتواترة في القدس الشريف وفي المسجد الأقصى"، معتبرا "الانتهاكات عملا مرفوضا" من شأنها أن تزيد من حدة الاحتقان.
وقال في بيان حول الأحداث في القدس "تابعت المملكة المغربية بقلق بالغ الأحداث العنيفة المتواترة في القدس الشريف وفي المسجد الأقصى وما شهدته باحاته من اقتحام وترويع للمصلين الآمنين خلال شهر رمضان المبارك".
وأضاف "وتعتبر المملكة المغربية التي يرأس عاهلها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله لجنة القدس هذه الانتهاكات عملا مرفوضا ومن شأنها أن تزيد من حدة التوتر والاحتقان، كما تعتبر أن الإجراءات الأحادية الجانب ليست هي الحل وتدعو الى تغليب الحوار واحترام الحقوق، وتؤكد على ضرورة الحفاظ على الوضع الخاص لمدينة القدس وحماية الطابع الإسلامي للمدينة وحرمة المسجد الأقصى المبارك".
على قلب رجل واحد
وفي هذا الصدد قال أستاذ العلوم السياسية، طارق فهمي، إن الدول العربية كافة تحركت تجاه إدانة ما يحدث في القدس من تجاوزات من جانب القوات الإسرائيلية، لافتا إلى أن دولة الإمارات أجرت اتصالات على أعلى مستوى ومكثفة في هذا الصدد.
وأضاف فهمي في تصريح خاص، أن مصر والأردن كذلك أصدرا بيانات قوية ومباشرة رافضة أي محاولة من قبل إسرائيل في انتهاك المسجد الأقصى وزيادة التوتر في الداخل الفلسطيني، لافتا إلى أن الفترة المقبلة يجب أن تشهد تهدئة للأجواء وألا يكون هناك اشتباكات أو أحداث تزيد من حالة الاحتقان.
وتابع أستاذ العلوم السياسية: "الدول العربية على قلب رجل واحد والجميع بلا استثناء يتحرك من أجل وقف ما يحدث في القدس وعودة الهدوء إلى الداخل المقدسي من جديد وعدم تصاعد الأحداث".
الأردن يحذر من مغبة التصعيد
وأعرب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأردنية، ضيف الله الفايز، عن رفضه الكامل لما وصفه بـ"الانتهاك الصارخ والسافر والهمجي لاقتحام الحرم والاعتداء على المصلين، مطالبا إسرائيل بضرورة إخراج الشرطة والقوات الخاصة من باحات المسجد الأقصى وترك المصلين الآمنين لتأدية الشعائر الدينية بكل حرية.
وحذر الفايز السلطات الإسرائيلية من "مغبة هذا التصعيد الخطير وحمّلها مسؤولية سلامة المسجد والمصلين"، وطالبها بالتقيد بالتزاماتها وفق القانون الدولي الإنساني.
ودعا وزير الخارجية الأردني المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لوقف التصعيد والانتهاكات في المسجد الأقصى وفي القدس.
السعودية
كما أعربت المملكة العربية السعودية عن رفضها الكامل لمحاولة إسرائيل توسيع رقعة الاستيطان وإجبار الفلسطينيين على إجلاء منازلهم.
وقالت الخارجية السعودية في بيان لها: "المملكة تدين أي إجراءات أحادية الجانب، وأي انتهاكات لقرارات الشرعية الدولية، وكل ما قد يقوض فرص استئناف عملية السلام لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة".
وأكدت المملكة دعمها للشعب الفلسطيني، وكذا كافة الجهود الرامية إلى الوصول لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية بما يمكن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967.
في بؤرة الاهتمام
من جانبه قال السفير محمد العرابي، وزير الخارجية المصري الأسبق، إن الأحداث الأخيرة التي شهدتها القدس أعادتها إلى بؤرة الاهتمام الدولي من جديد، لافتا إلى تحرك الولايات المتحدة ودول العالم للتنديد بما يحدث بحق الشعب الفلسطيني.
وأضاف العرابي في تصريح خاص، الدول العربية جميعها ترفض انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني، سواء عبر تهجير العائلات في حي الشيخ جراح، أو اقتحام باحات المسجد الأقصى، لافتا إلى أن البعض كان يعتقد أن العلاقات مع إسرائيل ستمنع الدول العربية من إدانة الأحداث، وهو تصور غير حقيقي.
وطالب العرابي بضرورة عمل الجانب الإسرائيلي على تهدئة الأجواء وإعادة الاستقرار للملف الفلسطيني الإسرائيلي، موضحا أن أي خطوة سلبية من كافة الأطراف تزيد من عملية الاحتقان، وسيكون من شأنها أن تقوض عملية السلام الشامل التي تسعى لها العديد من الدول العربية.
وتابع وزير خارجية مصر الأسبق: "بالتأكيد ما يحدث على الأرض سيعجل الحديث عن ضرورة الوصول إلى حل للأزمة الفلسطينية، وسيعيد فتح ملف القضية الفلسطينية على الساحة الدولية من جديد، والبحث عن حل شامل وواضح يضمن حقوق كافة الأطراف".