حاصرت العشرات من السيارات المسلحة التابعة للميليشيات في الغرب الليبي فندق كورونتيا في العاصمة طرابلس، وهو مقر إقامة رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، حسبما كشفت مصادر مطلعة.
وأوضحت المصادر، لـ"سكاي نيوز عربية"، أن هذا التحرك جاء بعد ساعات قليلة من اجتماع قادة الميليشيات وأمراء مجموعات مسلحة شغلت مواقع قيادية بتكليف إبان حكومة فائز السراج، حيث أبدوا رفضهم لقرار الرئاسي تعيين حسين العائب رئيسا لجهاز المخابرات بدلا من عماد الطرابلسي.
وذكرت أن عدد من قادة الميليشيات ألقوا كلمات خلال الاجتماع توعدوا فيها "الرئاسي" وحكومة الوحدة، وأبدوا نيتهم حصار مقر "الرئاسي" ووزارتي الداخلية والخارجية، للضغط من أجل التراجع عن الإطاحة بالطرابلسي.
وأشارت المصادر إلى أن قادة الميليشيات، ومنهم وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، أرادوا المنصب، الذي سيطرت ميليشيا النواصي عليه خلال الأعوام الماضية، واستخدمته في ضرب خصومها داخل العاصمة، مشددة على أن العائب ليس دخيلا على الجهاز وعمل بصفوفه في السنوات الأخيرة والكثيرون يشيدون به كرجل مهني.
"إساءة" استخدام المخابرات
وقال المحلل السياسي الليبي عزالدين عقيل إن الميليشيات كانت تسعى إلى استخدام المخابرات في جمع معلومات وأعمال مشبوهة، وهو ما فجر الوضع حاليا، لدى الإعلان عن الإطاحة بالطرابلسي.
وأضاف عقيل، في حديثه إلى "سكاي نيوز عربية"، أن تلك الأعمال المشبوهة تتعلق بالتخطيط للفوز بالانتخابات المقرر عقدها في شهر ديسمبر المقبل، لكي تستمر في بقائها كـ"سلطة أمر واقع" يعاني منها الليبيين.
وجدد المحلل السياسي تأكيده أنه لن تنتهي الأزمة الليبية إلا بالقضاء على تلك الميليشيات لأنها وضعت معاييرها وتوصيفاتها التي تلائمها كقيد على تقلد الليبيين للمناصب وشغل مراكز الإدارة العامة، كما أنها تسعى لاحتكار السلاح، وتبسط هيمنتها على النقد الأجنبي وتجارة العملة وفرضها للإفلاس الفني على البنوك وتدميرها لشبكة الأسواق الوطنية.
وأكد الباحث السياسي محمد قشوط إن الميليشيات غاضبة بسبب سطوتها على الجهاز، وإنها أحلام البعض منهم من أجل تولي رئاسته، مشيدا بخطوة الرئاسي، "وتسليمه الجهاز لأهل الاختصاص والخبرة"، داعيا إلى تحركات مماثلة في جهات وهيئات أخرى.
ويرى قشوط أن الميليشيات أدركت أخيرا أنها الخاسرة بعدما نضج المسار السياسي في البلاد، ورأت أن هناك توجه دولي يحول دون اندلاع حرب جديدة، وهو ما تسعى لحدوثه لأنها لا تجد ملاذا سوى في الفوضى، وأن مسألة الذهاب إلى الانتخابات أمر لا يخدمها لأنها ترى في تسوية خطر يداهمها وعودة القرار للشعب، ما يعني في الأخير انتهاء وجودها.
مهمة في الجنوب
وبالعودة إلى اجتماع الميليشيات في طرابلس، فقد لفتت المصادر إلى أنه كان مناسبة لها من أجل تأكيد الولاء إلى تركيا، ومهاجمة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش التي طالبت بإخراج مرتزقتها من البلاد.
ودعا مفتي جماعة الإخوان في ليبيا الصادق الغرياني الميليشيات للخروج في مظاهرات من أجل "تقديم الشكر إلى تركيا" ودعم بقاء قواتها في ليبيا، موجها الاتهامات والشتائم إلى نجلاء المنقوش، فيما رآه مراقبون أنه "تهديد" لسلامتها.
وفي الوقت الذي اجتمعت فيه الميليشيات بالعاصمة الليبية، كانت المنقوش على بعد مئات الكيلومترات في أقصى الجنوب، وبالتحديد في مدينة القطرون، بعدما زارت سبها، حيث التقت بعدد من ممثلي القبائل والمسؤولين الأمنيين والبلديين في تلك المناطق.
وأوضح وكيل وزارة الخارجية الأسبق حسن الصغير أن وزيرة الخارجية استهدفت من الزيارة الوقوف على الوضع في منفذ التوم الحدودي مع النيجر؛ الذي يمثل خط عبور للهجرة غير الشرعية، ما يمثل مشكلة حدودية كبيرة لليبيا، وهو أحد أهم الملفات للوزارة.
وأشار الصغير إلى أن المنقوش أرادت أن ترى الوضع على أرض الواقع، وذلك ضمن مهامها، حيث انتقد البعض زيارتها وكأنها تتدخل في ملفات لا تخصها وإنما تتعلق بالوضع الداخلي، لكن الأمر غير صحيح، فالزيارة تأتي في إطار تنفيذ الاتفاقيات الموقعات مع الاتحاد الأوروبي وإيطاليا، وتشمل تقديم دعم مادي يصل إلى نحو نصف مليار يورو لتعزيز القدرات الليبية في مواجهة الظاهرة.
وتابع: "لذا ذهبت الوزيرة إلى عين المكان، واطلعت على الإمكانات هناك، وما ينقص المسؤولين عن مراقبة الحدود من أجل استكمال التجهيزات، وذلك بموجب الاتفاقيات سالفة الذكر، وأيضا متابعة أوضاع المهاجرين، ما يجعل موقفها أقوى، ومعلوماتها أدق، وحديثها يكون من منطلق دراية ومعاينة، وليس فقط تقارير وروايات".