وصف خبراء ومحللون سياسيون إقالة عماد الطرابلسي من منصب مدير جهاز الاستخبارات وتعيين حسين العائب بدلا منه، بأنها خطوة تعيد الجهاز الأكثر حساسية في ليبيا "إلى وضعه الصحيح"، بعد أن طاله العبث لأكثر من 10 سنوات منذ سقوط نظام معمر القذافي.
وأصدر المجلس الرئاسي قرارا يقضي بتعيين العائب رئيسا لجهاز الاستخبارات الليبية خلفا للميليشياوي الطرابلسي، الذي عينه فايز السراج رئيس حكومة الوفاق المنحلة، في صفقة كان هدفها الحصول على دعم ميليشياته في قتال الجيش الليبي.
ويحمل العائب رتبة عقيد في الجيش الليبي، وسبق له أن عمل تحت إمرة عبد الله السنوسي الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العامة في ليبيا، غير أن له علاقة قوية مع القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر.
وعلم موقع "سكاي نيوز عربية" من مصادر موثوقة داخل المجلس الرئاسي الليبي، أن هذا الاختيار جاء بتوافق من كافة الأطراف الليبية، حيث دارت مناقشات موسعة قبل اعتماده.
وتوقعت المصادر أن يكون أول الملفات التي سيعمل عليها رئيس الاستخبارات الجديد حل الميليشيات وإخراج المرتزقة من ليبيا.
ويُشهد للعائب بالكفاءة في أداء عمله، وقدرته على حسم الأمور والتعامل مع الأزمات السياسية والأمنية.
وبهذا القرار أنهى المجلس الرئاسي حقبة للجهاز الاستخباراتي الليبي وصفت بالسيئة منذ تولي الطرابلسي مسؤوليته، حيث طالته شبهات فساد مالية وسياسية.
وقال وزير الداخلية الليبي السابق عاشور شوايل، إن إقالة الطرابلسي وتعيين العائب "أعاد الأمور لنصابها"، وأوضح أن الخطوة "بداية الانضباط داخل أهم جهاز أمني في الدولة".
وأضاف شوايل لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "جهاز الاستخبارات كان مخطوفا من قبل الميليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية منذ عام 2011"، مشيرا إلى أن "استخبارات العالم امتنعت عن التعامل مع الجهاز الليبي نظرا لقلة ثقتها فيمن يتحكمون به".
وأشار إلى أن جهاز الاستخبارات "أساس القرار السياسي"، كما اعتبر أن "إقالة الطرابلسي بداية للتوجه لأن نكون دولة ذات سيادة، نظرا للخبرة الكبيرة التي يتمتع بها العائب. ستكون هناك نتائج إيجابية للعمل الاستخباراتي الليبي".
وأوضح شوايل أن "الرئيس الجديد ستكون له قدرة كبيرة على التعامل مع الميليشيات المسيطرة على مفاصل الدولة، نظرا لخبرته في العمل الاستخباراتي"، مؤكدا على أن "أهم الملفات التي يجب أن يبدا بها تنظيف الجهاز من الداخل، وإبعاد المحسوبين على الميليشيات والاعتماد على أصحاب الخبرة".
من جهة أخرى، قال المحلل السياسي داود العبادلي في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن تعيين العائب "خطوة في الاتجاه الصحيح"، وتؤكد أن "المجلس الرئاسي يعمل بالفعل لصالح ليبيا".
وأوضح العبادلي أن "هذا الجهاز شهد عبثا على مدار 10 سنوات، حيث إن كل ملفات الأمن القومي الليبي كانت مستباحة. نقلت ملفات مهمة لأجهزة استخبارات دول أخرى بسبب وصول الإخوان لأعلى منصب بهذا الجهاز".
وأشار إلى أن "جهاز الاستخبارات الليبي الذي كان صميم عمله يقتضي التعاون مع استخبارات الدول المجاورة لتحقيق الأمن في البلاد، كان منبوذا لغياب العمل النظامي عنه، وتولي قادة الميليشيات مناصب حساسة به".
وأوضح العبادلي أن "العائب يحظى بثقة عالية من أبناء الشعب الليبي، حيث كان عضوا بالجهاز وتمرس في مهنته".
وأكد المصدر أن الجهاز الاستخباراتي الليبي الذي كان من ضمن أفضل الأجهزة في إفريقيا سابقا "مر بوعكة خطيرة منذ سقوط نظام القذافي ووصول تيارات الإسلام السياسي إلى الحكم".
وأشار إلى ما حدث في مصر خلال فترة تولى تنظيم الإخوان الحكم فيها، بعد أن سربت الجماعة ملفات في غاية الأهمية والسرية لاستخبارات دول معادية لمصر.
وأكمل العبادلي أن "ليبيا شهدت ما هو أفظع مما حدث في مصر التي استطاعت احتواء الموقف وكان لها رد فعل سريع جدا، لكن كان الوضع في ليبيا مختلفا تماما بسبب الفوضى الأمنية التي ضربت البلاد".
وأوضح أن "هذا القرار هو الأفضل منذ المصالحة الليبية وتولي المجلس الرئاسي الليبي المسؤولية".