قال الرئيس العراقي، برهم صالح، يوم الأربعاء، إن بلاده استضافت عدة جولات من المحادثات بين إيران والمملكة العربية السعودية في عملية وصفها بـ"المستمرة".
وأورد صالح، الذي تحدث زهاء ساعة في جلسة نقاش استضافها "بيروت إنستيتيوت"، يوم الأربعاء، عبر تطبيق "زوم"، إن "أكثر من جولة محادثات عقدت بين إيران والسعودية في العراق.
ووصف ما يحصل بـ "الهام"، قائلا إن العراق قادر على لعب دور الوسيط في المنطقة، بدل أن يكون مصدراً لعدم الإستقرار، وذلك حتى يكون مصدر ترابط ".
وأعرب صالح عن دعمه "للمبادرة السعودية للسلام في اليمن"، قائلا إن البلاد باتت "مأساة إنسانية ومشكلة أمنية لكل دول المنطقة".
وكانت ندوة "بيروت إنستيتيوت" عقدت احتفاءً بمرور عام كامل من الندوات الافتراضية، وشارك فيها إلى جانب الرئيس العراقي برهم صالح، الأمير تركي الفيصل؛ الرئيس الشريك لقمة "بيروت إنستيتيوت" والجنرال دايفيد بتريوس القائد السابق للقيادة المركزية الأميركية .
أدارت الجلسة الرئيسة التنفيذية للمؤسسة الفكرية الصحافية راغدة درغام فلفتت إلى أنه "لا طريقة للإحتفال في الذكرى السنوية الأولى لحلقات السياسة الإلكترونية، أفضل من استضافة ضيف مرموق ومميز كفخامة الرئيس برهم صالح".
وأضافت: "نحن نسعى للمضي قدماً في حلقاتنا حول السياسة الإلكترونية استعداداً لقمة "بيروت انستيتيوت" بنسختها الرابعة في أبو ظبي، والتي ستجري في شهر اكتوبر إذا سمحت بذلك الظروف العالمية. واضافت" لم تكن إقامة قمة "بيروت انستيتيوت" وحلقات السياسة الإلكترونية.
وقال الفيصل: "أنا فخور بانضمامي إلى هذه المناسبة واستكمال حوارنا الجيو-سياسي مع ضيوف بارزين كالرئيس صالح والجنرال بتريوس الذي لطالما كان الصديق الأكثر ولاء لقمة بيروت انستيتيوت في أبو ظبي".
أما بتريوس، فنوه بصالح وباستضافته وقال " من الرائع أن نجتمع مجددا افتراضيا في قمة بيروت انستيتيوت ونستمع لأفكاره عن سعيه ورئيس حكومته مصطفى الكاظمي لمواجهة التحديات والاستفادة من الفرص الكثيرة المتاحة في بلاد الرافدين".
وقال صالح أيضاً إن بغداد وواشنطن لا ترغبان بوجود عسكري أميركي دائم في العراق، مضيفا أن انسحاب القوات الأميركية بشكل نهائي من العراق مرتبط بقدرة القوات العراقية في الحرب على الإرهاب المتمثل في تنظيم داعش.
وتطرق صالح الى مسألة انسحاب القوات الأميركية من العراق، وما إذا كان سيطلب انسحابات مماثلة للقوات والمستشارين الإيرانيين.
ولدى حديثه عن الوجود الأميركي في العراق، أجاب "نحن في حوار استراتيجي مستمر مع الأميركيين وكل ما يتعلق بوجودهم العسكري. وهناك تأكيد على أن إنهاء العمليات القتالية في العراق من قبل الولايات المتحدة والتحالف الدولي مرهون بقدرات قوات الأمن العراقية، التي تشهد تحسناً بدرجة كبيرة بسبب مساعدة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة. "
وأضاف "لا نشعر بالخجل من توجيه الشكر إلى شركائنا، لكن هناك أمر أساسي يتمثل في أن الجانبين العراقي والأميركي لا يريدان وجوداً دائماً للقوات الأميركية في العراق، والجانبان متفقان على أن أجهزة الأمن العراقية يجب أن تتطور بطريقة يمكنها الاعتماد على قدراتها بشكل كامل".
وقال صالح " بالنسبة للوجود الإيراني، سأكون صريحاً، فالإيرانيون جيران ساعدونا في وقت حساس حين اجتاحت "داعش" الأراضي العراقية، ونحن ممتنون جداً لذلك ، لكن مسائل السيادة العراقية مثل الوجود العسكري الأجنبي يجب أن يقرره العراقيون".
وأضاف صالح "نسعى الى علاقات جيدة مع ايران، الجار الهام للغاية، ولا نريد أن نعود الى أيام الصراع في العراق، والشعب لا يريد أن يرى أي تدخل أجنبي في شؤوننا الداخلية، وإذا استمرت إيران بالتواجد هنا، فهذا سيعني أن غيرها من البلدان سيأتي أيضاً، مثل تركيا التي تتواجد في كردستان العراق بذريعة محاربة حزب العمال الكردستاني".
الحشد الشعبي
وقال الرئيس العراقي"الحشد الشعبي مؤسسة عراقية تتمتع بشرعية البرلمان وهي جزء من أجهزة الأمن العراقية. لكن هناك بعض المجموعات التي تنشط خارج إطارها، كالمجموعات التي تعمل داخل سوريا والتي لا تمثل الحكومة العراقية".
وأضاف "لا نرغب بأي تواجد لعراقيين ينشطون من تلقاء أنفسهم في سوريا، أي مجموعة عراقية في سوريا لا تمثل الحكومة العراقية".
وشدد على أن " الحشد الشعبي تأسس في العراق حين اجتاحت داعش الموصل وكانت على أبواب بغداد، ونحن ما زلنا نعمل على مأسسة هذه القوات (الحشد الشعبي) بطريقة تجعلها خاضعة بشكل كلي للدولة العراقية"، مشيرا إلى أن "هناك تقدما لكن ما زالت هناك تحديات، لافتاً إلى أن "معظم مجموعات الحشد الشعبي تخضع لهرمية القيادة (العسكرية)، مشدداً على كلمة "معظم".
الحشد الشعبي والسعودية
ورفض صالح بعض التهجمات من قبل قيادات في الحشد الشعبي ضد المملكة العربية السعودية. وقال "المملكة العربية السعودية جار هام جداً للعراق. وكان لي شرف لقاء الملك وولي العهد في الرياض"، وأضاف أن بعض البيانات تجاه السعودية من قبل من يعرفون أنفسهم بـ"مسؤولين عراقيين" غير مقبولة بالمطلق ولا تتفق مع توجهات دولة وحكومة العراق."
وقال مؤكداً "مصممون على إقامة أفضل العلاقات مع جيراننا، والتغيير في المواقف والمحادثات وتحسن العلاقات التجارية مع المملكة العربية السعودية هو أمر ملحوظ".
وأضاف صالح أن "العراق أمامه تحد طويل المدى للتعافي السياسي والاقتصادي"، مضيفاً "أننا نواجه توترات إقليمية لكننا نرى بوادر انتشار لهذا الصراع في المنطقة، والعراق يحاول جمع الأطراف المتخاصمة، حيث لا يمكن للعراق أن يكون ضعيفا ولا يمكن أن نغرق في الصراع".
وقال "أغلب العراقيين يرغبون بالمضي قدماً بمساعدة شركائنا وأصدقائنا في المنطقة من أجل بناء عراق مستقر ومزدهر."
مخيم الهول
وتابع الرئيس العراقي "لدينا مشكلة مخيم الهول، والجميع يريد أن يلقي بمشاكله علينا، ولدينا العديد من المقاتلين الأجانب، والعراق لا يستطيع التعامل مع هذا الملف ونحن بحاجة إلى تعاون دولي من أجل ذلك".
العلاقة مع واشنطن
قال الرئيس العراقي "وفد الولايات المتحدة الأميركية كان هنا في العراق مع منسق شؤون الشرق الأوسط واإفريقيا في مجلس الأمن، بريت ماكغورك، كما زار الوفد الأميركي الرياض وأبو ظبي، وذهبوا أيضا إلى القاهرة".
وذكر صالح "رسالتهم كانت ذات شقين، الأول هو أن الفكرة القائلة بأن إدارة بايدن تزيل بطريقة ما الشرق الأوسط من أولوياتها ليست صحيحة، إذ تبقى العلاقة مع الولايات المتحدة حيوية ويستمر العمل على هذه القضايا ".
وتابع" ثم أعيد التأكيد على أهمية العراق والالتزام بالحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة، القول إن علاقة العراق مع الولايات المتحدة تقتصر على التعاون الأمني إلى حد كبير أمر لا ينصف هذه
العلاقة".ورداً على سؤال حول الطريقة الممكنة لملاحقة فلول داعش في العراق؟ علّق صالح "هناك حاجة إلى إطار عمل إقليمي للتعامل مع هذه القضية. لا تستطيع الولايات المتحدة أو العراق بمفرده القيام بذلك. نحن بحاجة إلى اشراك مختلف الجهات الفاعلة في المنطقة، بما في ذلك الأتراك والإيرانيون، من أجل إيجاد أوضاع سياسية تسمح بالتعامل مع الأسباب الجذرية للمشكلة."
وأضاف "كانت رسالة بريت ماكغيرك بمثابة إعادة تأكيد العلاقة مع العراق وإيران جارتنا، ونريد دمجها في الإطار الإقليمي، لكننا نريد أن نكون حريصين جدًا على سيادتنا ولا نريد أن يكون العراق مجرد رهينة لديناميات أخرى في المنطقة".
الأزمة السورية
وفيما يتعلق بالأزمة السورية، قال صالح إن الحرب مع داعش تجاوزت الحدود العراقية، وأضحت حربًا إقليمية، فهي قاتلت المجموعات العراقية في سوريا، واستطيع القول باسم الحكومة ورئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة العراقية، بأننا لم نتغاض ونسهل قتال هذه الجماعات في سوريا، وأن العراق يدعم إعادة سوريا الى جامعة الدول العربية، ونأمل حصول عملية سياسية تحترم رغبة الشعب السوري في السلام والاستقرار".
وأضاف الرئيس العراقي "لست أنا من يقرر (ما اذا كانت إعادة تأهيل سوريا يجب أن تحصل مع بقاء بشار الأسد على رأسها).