يواجه الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في السودان "أصحاب الهمم" صعوبات كبيرة في ارتياد المدارس العامة، وذلك بسبب صعوبة الإدماج، وعدم توفر البيئة المدرسية اللازمة لاستقبالهم.
وتقدر آخر الإحصائيات الرسمية عدد الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في السودان بنحو 1.4 مليون شخص على مستوى البلاد أغلبهم في العاصمة الخرطوم.
ومن بين الصعوبات التي تواجه هذه الفئة التي تعاني من الإعاقة الحركية والذهنية والبصرية والسمعية تأخر عملية الإدماج في المدارس العامة، فبينما تقدم مدارس خاصة خدمات التعليم إلا أن الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة خارج العاصمة لا يمكنهم الحصول على مدارس خاصة، وفي نفس الوقت لا يمكن إدماجهم في المدارس العامة.
تمييز سلبي
لمعالجة الظاهرة ومنع التحايل، استحدثت وزارة التربية السودانية شهادة سميت بـ "شهادة المعاق" تمنح للأشخاص المعاقين لتسهيل الحصول على مقعد دراسي، لأن بعض الأطفال من المدارس العامة يستحوذون على فرص التعليم المخصصة لهذه الفئة.
لكن الخطوة واجهت انتقادات من الكثير من المختصين. وتقول مديرة معهد الأمل لتعليم الصم هيفاء عمر لـ"سكاي نيوز عربية" إن "شهادة المعاق" التي عممتها وزارة التربية والتعليم على الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة لحصر أعدادهم وبياناتهم أثارت حفيظة الكثيرين لأنها تعد تمييزا سلبيا بحقهم.
وذكرت عمر أن منظمات الدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة تكافح من أجل جعل الإدماج بين هذه الفئة والأطفال في المدارس العامة واقعا معاشا لكنها تهزم بمثل هذه الإجراءات السلبية.
وأشارت إلى تدهور كبير في الأمور بعد سنوات من الحراك الذي ابتدرته المنظمات والنشطاء لانتزاع حقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وضمان توفير تعليم جيد في المدارس.
والعام الماضي رفض سكان حي شمالي العاصمة الخرطوم تجهيز السلطات المحلية مدرسة مهجورة لتكون مركزا لتعليم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة واٌعتبر الرفض آنذاك انتكاسة لعملية الإدماج.
عوائق اجتماعية
في الواقع هنالك العديد من العوائق الاجتماعية التي تحول دون تذليل الصعوبات التي تعترض انتظام أصحاب الهمم في العملية التعليمية، مما دفع السلطات المختصة للبحث عن حلول.
وفي هذا السياق تقول مديرة إدارة التربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم فائزة حسن لموقع "سكاي نيوز عربية" إن وزارة التربية رأت تنظيم المسالة عبر إصدار شهادة مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة لتحد من استحواذ الأطفال غير المعاقين على فرص التعليم المخصصة لهذه الفئة.
وتابعت: "خلال الفترة الأخيرة ارتفعت أعداد الأطفال الأصحاء الذين يستحوذون على مقاعد المعاقين. العام الماضي تم تسجيل 20 ألف طفل أغلبهم غير معاقين، لكنهم كانوا يفضلون الدراسة في مدارس المعاقين".
وأضافت: "بعض العائلات ترسل أطفالهم الذين يواجهون مستويات أكاديمية متدنية للحصول على فرص المعاقين وقررنا التصدي لهذا التحايل عبر الاستمارة التي لا تعني التمييز السلبي ضد المعاقين".
صعوبة الإدماج
لا يتجاوز عدد المدارس الخاصة بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في العاصمة السودانية أكثر من مدرستين حكوميتين، بينما يلجأ غالبية الأطفال المعاقين حركياً إلى مراكز تعليم وبعض المدارس العامة التي ترفض استقبالهم في بعض الأحياء.
تقول مديرة معهد الصم بحي السجانة جنوبي العاصمة الخرطوم هيفاء عمر إن بعض العائلات ترفض إدماج الأطفال المعاقين في المدارس العامة التي يرتادها أطفالهم بحجة أن قد ينقلون سلوكيات غير مقبولة.
وترى عمر أن هذه المبررات غير منطقية، لأن الأطفال المعاقين سلوكهم مشابه للآخرين وبعض المجتمعات رفضت كليا الإدماج أو حتى استضافة المدارس الخاصة بالمعاقين في الحي.
وتنوي منظمات مدافعة عن حقوق الأطفال المعاقين في السودان سيما في العاصمة اللجوء إلى منظمات الأمم المتحدة للضغط على الحكومة الانتقالية لتسهيل تعليمه والإسراع في عملية إدماجهم.
وتعتقد مديرة إدارة التربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم السودانية فائزة حسن أن إدماج الأطفال والطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس العامة تحتاج إلى تمويل لم يتوفر حتى الأن.
واوضحت: "تنفيذ الإدماج يتطلب تجهيز مزلقانات لحركة الكرسي المدولب في قاعة الدروس أو تركيب سماعات للصم أو تجهيز أجهزة (بريل) يكتب عليها المكفوفون ولا تتوفر هذه المعدات والخدمات بالمدارس العامة بالتالي لا يمكن الحديث عن الإدماج قبل تنفيذ متطلباته".