عزز الجيش الوطني الليبي من قواته المنتشرة في الجنوب، بغية إحكام السيطرة في المنطقة، التي تتأثر بشدة مع تأزم الموقف الداخلي في الدولة الجارة تشاد.
ونفى مصدر مطلع، لـ"سكاي نيوز عربية"، ما تردد في مواقع التواصل الاجتماعي بشأن وقوع اشتباكات بين الجيش وقوات المعارضة التشادية في محيط مدينة مرزق، مساء الاثنين، موضحا أن الوضع الأمني مستقر حاليا.
ولفت المصدر إلى أن الأمر لم يختلف كثيرا في المدن الجنوبية الأخرى ومنها تراغن وأم الأرانب، التي شهدت قدوم تعزيزات عسكرية كبيرة خلال الفترة الماضية لتأمينها على خلفية توتر الوضع التشادي.
وخلال السنوات الماضية، شن الجيش الليبي حملات في الجنوب لإنهاء الانفلات هناك، حيث كانت الميليشيات التشادية سببا فيه، وقد تورطت في جرائم عدة ضد السكان المحليين منها "الخطف والسرقة"، إضافة إلى تهريب البشر والوقود وتجارة المخدرات، فضلا عن تحالفها مع ميليشيات من مدينة مصراتة وغيرها، وقتالها ضد الجيش في الحرب الأخيرة التي هدفت لتحرير العاصمة طرابلس.
وأكد الباحث السياسي الليبي جبريل العبيدي أن الجيش الليبي يواجه مهمة صعبة وشاقة في الجنوب نظرا للمساحة الشاسعة ووجود نحو 6 فصائل من المعارضة التشادية تنشط في دروب الصحراء، بالإضافة إلى فلول تنظيم داعش، لكنه تحرك التزاما بواجباته وعلى رأسها تحقيق الأمن والاستقرار.
وأضاف العبيدي، في حديثه إلى "سكاي نيوز عربية"، أن التركيب المجتمعي في الجنوب من قبائل وعوائل، تؤمن بأهمية وجود دور للجيش في المنطقة، والمشايخ يدعمونه بقوة، وهي نقطة مهمة لأن العنصر القبلي له تأثير كبير في تحقيق السيطرة على جغرافيا تلك المنطقة.
في حين، حذر الخبير الأمني الليبي العقيد محمد الرجباني من أن ما يجري في تشاد من أحداث "يقف وراءها من تسببوا في تخريب الدولة الليبية"، مؤكدا أن الخطر كبير على الجنوب، الذي يعاني من مشكلات كثيرة، منها نشاط الجريمة بشكل كبير، ونقص الخدمات، إضافة إلى سرقة موارده من الخارجين عن القانون.
لكنه أبدى ثقته في قدرة القوات المسلحة العربية الليبية على مواجهة هذا التحدي، مشددا على أنها "طوَّق نجاة الوطن" في ظل الظروف العصيبة حاليا، وأردف أنه ينتظر الدعم من كل الدول العربية لأنه خطر يتهدد الأمن القومي العربي.
كما دعا المحلل السياسي الليبي عزالدين عقيل إلى أن ينعقد مجلس الأمن القومي بشكل دائم طالما استمرت الأزمة الأمنية والسياسية في تشاد، والتباحث مع الجهات العسكرية المختصة بشأن تلك التطورات، بما يكفل للحكومة الليبية قدرة اتخاذ القرارات العاجلة في ظل التطورات السريعة جنوبا.
ولفت عقيل إلى أهمية تحرك المخابرات العسكرية من أجل استيفاء المعلومات عن الوضع الميداني في تشاد، والمناطق الليبية المتاخمة لها وسيناريوهات تطورات الوضع وكيفية مجابهة، ومراجعة موقف الجيش الراهن وقوته العمومية القائمة، بما يمكن من تحديد الاحتياجات الطارئة التي تمكنه من أداء مهامه في ظل تلك الظروف.
وتابع: "آخر ما كان ينقص ليبيا خلال الفترة الحالية هو الفوضى الحالية في تشاد، بعد مقتل رئيسها إدريس ديبي"، موضحا أن التعويل على الجيش الليبي للتصدي لتلك المخاطر.
وأعلنت السلطات التشادية، مطلع شهر أبريل الجاري، إن الهجمات التي شنتها قوات المتمردين في شمال البلاد، وأسفرت إحداها عن مقتل الرئيس السابق إدريس ديبي، جاءت من الجنوب الليبي، وقد سبق أن حذر ديبي من خطرها، وتحالفها مع الميليشيات الناشطة في الغرب الليبي.
وفي 21 أبريل الجاري، كلف المجلس الرئاسي جميع الوحدات العسكرية في الجنوب باتخاذ الإجراءات الفورية لتأمين وحماية الحدود الليبية و"التعامل مع أي أهداف معادية"، داعيا تلك الوحدات إلى الإبلاغ بتطورات الأوضاع لحظة بلحظة، ومراعاة أقصى درجات الحيطة والحذر، والاستعداد للتعامل مع أي طارئ في حينه.
وعلى أثره، وجه آمر منطقة الكفرة العسكرية (جنوب البلاد) برفع درجة الاستعداد والجاهزية التامة لكافة الوحدات العسكرية للقوات البرية والجوية، وتجهيز الوحدات بالإمكانيات والمعدات اللازمة لردع كل من تسول له نفسه المساس بأمن واستقرار المنطقة وذلك بتكليف دوريات برية وجوية على الحدود، وكذلك تمركز للسرية المقاتلة في قاعدة السارة والانطلاق منها في دوريات على الحدود مع دولة تشاد، وكذلك دعم الأجهزة الأمنية داخل المنطقة لتأمينها وضبط المخالفين.