حاصرت النيران التي شبت في مستشفى "ابن الخطيب" في بغداد، أداء مؤسسات الدولة العراقية.. فتحرك رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي على الفور، وأمر بتشكيل لجنة تعمل على إعداد تقرير لمحاسبة المقصرين في حادث المستشفى أيا كانوا، مشددا على أنهم سينالون جزاءهم العادل.
كما قرر مجلس الوزراء، وقف وزير الصحة ومحافظ بغداد ومدير صحة الرصافة، عن العمل، وإحالتهم على التحقيق.. وطالب بأن ينجز التحقيق في الحادث خلال 5 أيام، ويقدم أمام مجلس الوزراء.
ووجه بضرورة مساعدة عائلات الضحايا، بالإضافة إلى معالجة جرحى الحريق على نفقة الدولة بما في ذلك العلاج خارج العراق.
ودعا الكاظمي أيضا إلى تشكيل فريق من كل الوزارات المعنية لضمان تدقيق إجراءات السلامة في جميع المستشفيات والأماكن العامة خلال أسبوع واحد من يوم الحادث، وفي كل أنحاء العراق.
من جهته كلف البرلمان العراقي، لجنة بممارسة دورها الرقابي بتقصي الحقائق بشأن الحادث والمقصرين. ووجهت رئاسة المجلس، بالمباشرة ميدانيا مع الجهات المعنية بجمع البيانات وعرضها على المجلس في جلسته الاستثنائية المقررة اليوم.
من جهته عزا الرئيس العراقي برهم صالح في بيان الفاجعة، إلى الفساد وسوء الإدارة، وأعرب عن تأييده لقرارات الصادرة عن الحكومة ومجلس النواب، بضرورة فتح تحقيق فوري في أسباب الحادث واتخاذ الإجراءات اللازمة ومحاسبة المقصرين.
لكن يبدو أن تحركات الرئاسات الثلاث، لا تهدئ من سخط العراقيين مما يرونه نتاج سنوات من الإهمال والفساد.
ماذا جرى؟
وأعلنت وزارة الداخلية العراقية، الأحد، أن 82 شخصا قتلوا وأصيب 110 في حريق كارثي اندلع في وحدة العناية المركزة لمرضى فيروس كورونا في بغداد.
وتم إلقاء اللوم على إهمال سلطات المستشفى في الحريق الذي نشب مساء السبت، والذي تشير تقارير أولية إلى أنه حدث عندما انفجرت أسطوانة أكسجين في جناح العناية المركزة في مستشفى "ابن الخطيب".
وكان من بين القتلى ما لا يقل عن 28 مريضا على أجهزة التنفس الصناعي يكافحون الأعراض الحادة لفيروس كورونا، بحسب تغريدة لعلي البياتي، المتحدث باسم مفوضية حقوق الإنسان المستقلة في البلاد، والمفوضية هيئة شبه رسمية.
هرع رجال الإطفاء لإخماد النيران في الطابق الثاني من المستشفى. قامت فرق الدفاع المدني بإطفاء النيران حتى الساعات الأولى من الصباح.
نقلت سيارات الإسعاف عشرات الجرحى. قالت وزارة الصحة إن 200 شخص على الأقل تم إنقاذهم من مكان الحادث.
وكان الأطباء في مكان الحادث مرتبكين بسبب الفوضى التي تدور حولهم. وقالوا إن العديد من الجثث المحروقة نقلها مسعفون من أرض المستشفى.
وجاء الحريق في الوقت الذي يصارع فيه العراق موجة ثانية حادة من فيروس كورونا. يبلغ متوسط حالات الإصابة بالفيروس يوميًا حوالي 8000 حالة، وهو أعلى معدل منذ أن بدأ العراق تسجيل معدلات الإصابة في أوائل العام الماضي.
وتوفي ما لا يقل عن 15200 شخص بسبب فيروس كورونا في العراق من بين ما لا يقل عن 100 ألف حالة مؤكدة.
وقال يسار المالكي، من معهد الطاقة العراقي، ان جزءا من المشكلة يقع في ان القانون واللوائح المنظمة التي تحكم السلامة العامة والصحة العامة، قديمة.
وأضاف المالكي، الذي يعمل أيضا في صناعة الغاز والنفط بالعراق " الامر يتعلق بالمنظومة ككل. لا توجد لوائح تنظيمية تفصيلية ( اجراءات تشغيل معيارية) بشأن كيفية القيام بالأمور الأساسية خطوة بخطوة، خاصة عند التعامل مع معدات خطيرة"، بحسب ما نقلت "أسوشيتد برس".
واستطرد قائلا "يجب ان يكون هناك إخصائيون يعالجون السياسات، والتنظيمات، والتطبيق والتنفيذ. اذا كان لدينا اجراءات تشغيل معيارية بشأن كيفية التعامل مع اسطوانات الاكسجين، خاصة عند ملاحظة كسر او شرخ.. لما كان هذا قد حدث".
وعقب اندلاع الحريق لأول مرة، عقد الكاظمي اجتماعا طارئا في مقر قيادة عمليات بغداد، المنسقة لقوات الأمن العراقية، بحسب بيان على حسابه على تويتر.
وقال في الاجتماع إن الحادث يصل إلى حد الإهمال.
وقال: "التقصير في مثل هذه الأمور ليس خطأ، بل جريمة يجب أن يتحمل مسؤوليتها جميع الأطراف المهملة". وأمهل السلطات العراقية 24 ساعة لتقديم نتائج التحقيق.
وأعربت مبعوثة الأمم المتحدة إلى العراق جانين هينيس بلاسخارت عن "الصدمة والألم" بشأن الحادث في بيان ودعت إلى اتخاذ تدابير حماية أقوى في المستشفيات.