يتخوف المزارعون السوريون مع اقتراب نهاية موسم الأمطار وشح الهطولات المطرية، من خسارة مواسمهم وتلف محاصيلهم الحقلية بعد جفافها.
ويؤكد مزارعون من عدة مناطق سورية لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن غالبية أراضيهم المزروعة بالقمح والشعير "لم تنبت بشكل جيد، وبسبب مواسم المطر الرديئة تعرضت للهلاك بعد أن أنبتت بداية السنة".
جودة الموسم المطري للعام الفائت حفز زنار إبراهيم (40عاما) من ريف الحسكة، الذي حصل كالمئات من مزارعي الشمال السوري على مواسم خيرة وكميات كبيرة من المحاصيل الحقلية، إلى زراعة حتى المساحات التي أُهملت لندرة تساقط الأمطار في الأعوام السابقة.
واشتكى إبراهيم لموقع "سكاي نيوز عربية" من انخفاض كميات المطر للموسم الحالي، وتهديده آلاف الهكتارات بقلة الإنتاج، في ظل الظروف الاقتصادية التي أثقلت قسوة تحدياتها معيشة المواطنين السوريين، وغلاء أسعار الأسمدة والمحروقات، وتحكم ارتفاع سعر الدولار في شرائها.
وقال: "تعد مناطق الجزيرة السورية الزراعية، السلة الغذائية التي تحفظ السوريين من الفقر، والمصدر الأساسي لمعيشة السكان فيها، لكن قسوة الأحوال الجوية وانحسار المطر دفع العديد من الفلاحين لتغيير بعض مزروعاتهم التي لا تحتاج لسقاية كثيرة ".
القلق من المبيدات
ندرة هطول المطر أقلق صهيب جميل، المزارع المنحدر من الكسوة بريف دمشق، خاصة مع رش مزارعه من القمح البالغة مساحتها 150 دونما، بالمبيدات المكافحة للأعشاب الضارة.
وأوضح المزارع البالغ من العمر 50 عاما، أن عدم سقاية المزروعات البعلية بعد رشها بالمبيدات خلال 15 يوما، يقتل نمو الزرع ويتلفه، معربا عن أمله في هطول المطر قبل فوات الأوان.
الأمن الغذائي في خطر
وحولت الحرب السورية البلاد من قوة زراعية مكتفية ذاتيا، إلى دولة جائعة بعد أن دمرت ثروتها الزراعية والحيوانية. وحسب التقارير الأممية فإن أكثر من 12 مليون سوري أصبحوا تحت خط الفقر، يهددهم انعدام الأمن الغذائي.
ودعا وزير الزراعة السوري محمد قطنا، السوريين "الاعتماد على أنفسهم في توفير خبزهم وعدم انتظار الحكومة لتأمينه".
وقال قطنا في تصريحات نقلتها صحيفة "الوطن" الرسمية، إن سوريا تحتاج لمليوني طن من القمح لتوفر حاجتها من الخبز و800 ألف طن لاستخدامها في تصنيع المعكرونة والبرغل والسميد وغيرها، إضافة إلى 360 ألف طن من "البذار".
وبحسب المسؤول السوري، فإن "العمليات التخريبية قلصت المساحات المزروعة سنويا من 4.7 ملايين هكتار، إلى 4.3 ملايين هكتار"، مبيناً أن المساحات المزروعة بلغت 52 بالمئة، زرعت منها 808 آلاف هكتار بعلي، و741 ألف هكتار مروي.
ارتفاع سعر الخبز
مصادر في مؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب، رفضت الكشف عن هويتها، حذرت في حديثها لموقع "سكاي نيوز عربية"، من أزمة خبز جديدة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.
وتوقعت المصادر ارتفاعا جديدا في أسعار الخبز، فيما لو تأخرت الهطولات المطرية وخسرت سوريا إنتاجها من الحبوب واضطرارها استيراد حاجتها من القمح من روسيا، التي ستشتريها بأسعار مرتفعة، إضافة لتحملها الضريبة الروسية.
المصادر أشارت إلى أن غالبية المزروعات في سوريا هي بعلية، ومساحات قليلة تزرع مروية، لافتة إلى أن إنتاجها "لن يسد الحاجة المحلية".
وقال المهندس لؤي أيوب، وهو موظف سابق في مديرية الزراعة بالحسكة، لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "انحباس الأمطار أتلف غالبية المحاصيل الحقلية جنوب وشرق مدينة الحسكة، التي تبلغ مساحة البعلية منها نحو 240 ألف هكتار، فيما المروية منها تبلغ 125 ألف هكتار" .
ودعا المهندس المتقاعد إلى أخذ التدابير والاحتياطات اللازمة لمواجهة أي طارئ قد يتسبب به ارتفاع درجات الحرارة ونمو الأعشاب الضارة بين المحاصيل، مما قد يعرض المساحات المزروعة لموجة حرائق تلتهم خبز السوريين، كما السنوات السابقة .
ووفقا للإحصاءات الرسمية، فإن حجم الجفاف شمالي سوريا بلغ 50 بالمئة من المحاصيل المعتمدة على المطر، باستثناء المروية منها، فيما يبقى أمل مزارعيها بتحقيق إنتاج وفير.