حرصت وزارة التعليم في المغرب، على إعلان مواعيد امتحانات الابتدائي والإعدادي والثانوي، رغم ظروف جائحة كورونا التي أثرت على الموسمين الدراسيين الأخيرين، لكن هذا القرار لم يسلم من السجال.

وجرى تحديد مواعيد الامتحانات التي تسمى بـ"الإشهادية" في المغرب، في مايو ويونيو المقبلين، من أجل نيل شهادات المراحل الدراسية الثلاث؛ الابتدائي والإعدادي والثانوي.

وأثار تحديد موعد الامتحانات جدلا، لأن بعض الخبراء في مجال التربية طالبوا بإلغاء هذه الاختبارات، لا سيما في ظل وجود طرق أخرى لتقييم مستوى التلميذ ونقله إلى سنة أو مرحلة موالية في النظام الدراسي.

سنة مرتبكة لها تداعياتها

يرى الحسن اللحية، وهو باحث في علوم التربية، أن "المشكل العام مرتبط بفيروس كورونا، وهو ما يعني أن كل الاحتياطات خلال الامتحانات ستكون صعبة في كل المراحل التعليمية؛ بما في المرحلة الجامعية.

واعتبر الباحث في علوم التربية، في تصريحه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "السنة الدراسية مرتبكة، وستكون لها تداعيات على هذه امتحانات نهاية المراحل التعليمية الثلاث بصفة عامة".

وخلال الجائحة، اعتمدت وزارة التربية على نمط التعليم بالتناوب بين الحضوري للتلاميذ الذين يرغب أولياء أمورهم في ذلك، وبين التعليم عن بعد.

أخبار ذات صلة

بقرار حكومي.. فصل المفكر المغربي سعيد ناشيد من وظيفته
المغرب.. سوء الأحوال الجوية يعطل الدراسة في إقليم تطوان
كيف ربطت جمعية مغربية شريان الدم بشريان القراءة؟
تدريس اللغة العبرية يجد مجالا واسعا في المغرب

 في هذا الإطار، يقول المصطفى صائن، الكاتب العام للفيدرالية الوطنية المغربية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ، أن "نمط التعلم الذي تم اختياره والمتمثل في التناوب، لم يكن بالنجاعة المطلوبة بسبب تقليص زمن التعليم الحضوري إلى النصف وبسبب عدم نجاعة التعلم الذاتي الخاضع للإشراف والتأطير".

وأوضح المصطفى صائن، في اتصاله بموقع "سكاي نيوز عربية"، أن هذا التقليص "أدى إلى تراجع حاد في مستوى التحصيل كمّا وكيفا، إلى جانب سلسلة من الإضرابات التي فاقمت الوضع".

كما شدد المتحدث على أن واقع الحال أظهر عدم جاهزية جميع الأطراف للتعليم عن بعد، بالإضافة إلى عدم توافر الأدوات المطلوبة لذلك بشكل كاف، وعدم تربية المتعلمين من السنوات الأولى للدراسة على التعليم الذاتي.

وأوضح أن هذا النمط الذي اعتمدته الوزارة من أجل ضمان الاستمرارية، "ليس فيه تكافؤ للفرص تماما بين المدن والبوادي، وحتى داخل نفس المدينة؛ بين مدرسة التعليم الحكومي ومدرسة التعليم الخاص.

تحيين خارطة الطريق

وقررت وزارة التربية الوطنية، تحديث "منظومة مرجعيات" أو خارطة طريق، تعتمد في إعداد مواضيع كل الامتحانات لنيل شهادات المراحل التعليمية الثانوية والإعدادية والابتدائية.

ويوم الاثنين الماضي، أكد وزير التربية الوطنية، سعيد أمزازي، في مجلس النواب، أن الوزارة تعتمد أطرا مرجعية محدثة في إعداد مواضيع هذه الامتحانات، "حرصا على ضمان تكافؤ الفرص بين جميع المترشحات والمترشحين للامتحانات".

وقال الحسن اللحية، الباحث في علوم التربية: "الوزارة تتحدث عن تحديث الأطر المرجعية، لكن دون أن تُحدد كيف سيكون ذلك".

وتساءل المصدر نفسه، "هل يتعلق الأمر بالمواد الأساسية بالنسبة لمستوى السادس ابتدائي والتاسعة إعدادي أو مستويات الباكالوريا، أم بتقليص الدروس وحذف المواد التي لا تتلاءم مع شعبة معينة".

وأضاف الباحث في علوم التربية، أنه "إذا كانت الوزارة تسعى إلى تقليص عدد المواد مع الإبقاء على مواد معينة في الامتحانات، فالأمرمقبول من الناحية البيداغوجية والتربوية ، مستدركا أن "المشكل يكمن في الإصرار على تاريخ معين، ونحن لا يمكننا أن نتنبأ بالمستقبل كيف سيكون".

وكانت وزارة التربية الوطنية، أشارت في بيانها، أن "مواعيد الامتحانات المذكورة تظل قابلة للتغيير، حسب تطور الوضعية الوبائية في البلاد، كما ستخضع ظروف إجرائها للتدابير، التي ستعتمدها السلطات المختصة في الأسابيع، والشهور المقبلة".

أخبار ذات صلة

المغرب.. "الإغلاقات" تهدد مسيرة طلاب الأحياء الجامعية
بدون أساتذة.. مدرسة فريدة من نوعها لتخريج "النوابغ" بالمغرب
مغاربة يستعينون بـ "الذكاء الاصطناعي" لتعليم الرياضيات
التعاقد في قطاع التعليم بالمغرب.. قصة نظام يرفضه الأساتذة

ضرورة تغيير المنهاج الدراسي

بالنسبة لعبد الوهاب السحيمي، الناشط التربوي، فمسألة "امتحان نيل شهادة نهاية المرحلة الابتدائية ليس له أي دور في مستوى التحصيل أو على مستوى جودة التعلم، ولا يعبّر عن المستوى الحقيقي للمتعلمين الذين ينتقلون إلى مستوى الإعدادي".

وأبرز الفاعل التربوي، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "الامتحان يمرّ في ظروف غير عادية في الوضع العادي وليس في وضع الجائحة هذا فقط، وهو امتحان له آثار نفسية عميقة على المتعلمين، خاصة أنهم يجتازونه في سن مبكرة ويؤثر على السير العام للتحصيل الدراسي طيلة السنة".

وقال عبد الوهاب السحيمي إن "الأمر نفسه ينطبق، ولو في حدود معينة، على امتحان السنة التاسعة أساسي"، داعيا إلى "إعادة النظر في امتحانات البكالوريا هي الأخرى، من أجل تصحيح الأخطاء والاختلالات، لإقرار امتحان يحظى بنوع من الشفافية ويعكس المستوى الحقيقي للمتعلمات والمتعلمين".

بدوره، دعا الحسن اللحية، الباحث في علوم التربية، إلى "إعفاء مستوى الابتدائي من الامتحان والإعدادي كذلك، بل أكثر من ذلك ينبغي إعفاء الابتدائي من كل الامتحانات جملة وتفصيلا، لأن ما يهم في مستوى الابتدائي هو بناء التعلّم".

كما طالب "بإعادة النظر في المنهاج المدرسي في الابتدائي على المستويين الوطني والجهوي (المحافظات)، وأيضا بالنسبة لمستوى الإعدادي، الذي يجب أن ينفتح بشكل كبير على تدريس المهن وربطه بمراكز التكوين المهني لبناء المشروع الشخصي للتلميذ".