تسعى وزارة التربية الوطنية في المغرب لتحسين مناهج اللغة الأمازيغية للتعليم الابتدائي، وإطلاق نسخ جديدة من الكتب المدرسية للغة الدستورية الثانية في المملكة، بدءا من الموسم الدراسي المقبل 2021-2022.
وكانت الوزارة استأنفت عمل اللجنة المشتركة بينها وبين المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وهو مؤسسة رسمية تعنى بشؤون الأمازيغية، في بداية السنة، بعد توقف لأكثر من 6 سنوات.
وانخرطت الوزارة في تدريس اللغة الأمازيغية في المغرب منذ أكثر من 17 عاما بشراكة مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، فيما لم ترق هذه العملية إلى مستوى تطلعات الأطر التربوية الأمازيغية والباحثين الأمازيغ.
نقطة مفصلية
وقبل أن ينص دستور 2011 في المملكة لأول مرة على رسمية اللغة الأمازيغية إلى جانب العربية، كان خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس بأجدير، وهي منطقة أمازيغية وسط المغرب، عام 2001، نقطة مفصلية في تعامل الدولة مع الثقافة واللغة الأمازيغيتين، إذ قرر إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، مع التأكيد على أن "الأمازيغية مكون أساسي للثقافة الوطنية".
وإثرها اعتمدت المملكة منذ سنة 2003 تدريس الأمازيغية في المرحلة الابتدائية للتعليم العمومي، على أن يتم تعميمها تدريجيا على باقي المستويات، وذلك بالتعاون بين وزارة التربية الوطنية والمعهد الملكي الذي يعنى بالأمازيغية في البلاد.
ويقول المسؤول في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية عبد السلام خلفي: "بعد هذه السنوات من إدراج اللغة الأمازيغية في المنظومة التربوية المغربية، تحققت بعض المكاسب المهمة سواء على المستوى الكمي أو على المستوى النوعي".
وأوضح خلفي في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية": "من أهم المكتسبات وضع منهاج للغة الأمازيغية وتأليف الكتب المدرسية للمستويات الست من التعليم الابتدائي، ووضع برامج لتكوين الآلاف من معلمي اللغة الأمازيغية، وتأهيل المئات من الموظفين التربويين بمختلف الفئات".
كما صاحب هذا كله "إصدار العديد من المؤلفات المرجعية والدراسات التشخيصية سواء في مجال اللغة أو الثقافة أو غيرهما، إضافة إلى إنتاج العديد من القصص المصورة والمعاجم المدرسية والموارد الرقمية"، وفقا للمسؤول.
إنجاز كبير
ومن جهة أخرى، اعتبر المدير التنفيذي لمركز الأبحاث والدراسات الأمازيغية بالريف محمد المساوي، أن "ولوج اللغة الأمازيغية إلى المدرسة سنة 2003 شكل قفزة تاريخية مهمة، إذ لأول مرة طيلة فترة ما بعد 1956 تكون لغة يتم تدريسها في المدرسة المغربية، بما تم توفيره من موارد مالية لتكوين"، معتبرا ذلك "إنجازا كبيرا نظرا لأهميته التاريخية والرمزية الكبيرة، ودوره التثقيفي والتوعوي المهم".
كذلك يرى المساوي أن "تمكن التلاميذ الذي درسوا هذه اللغة، وإن في مستويات محدودة ومتقطعة، من كتابة وقراءتها ونقطها في وقت وجيز، إنجاز كبير ومؤشر حيوي لمدى قبول هذه اللغة لكي تندرج بكل سلاسة في العملية التعليمية والتربوية"، بحسب ما يقول في اتصال مع موقع "سكاي نيوز عربية".
عقبات أساسية
غير أن المتحدث نفسه يشدد على اللغة الأمازيغية ومنذ أكثر من عقد من الزمن، "لا زالت تدور في نفس الدوامة، إذ لم تتجاوز نسبة التغطية ما يقارب حوالي 5 بالمئة من التلاميذ على المستوى الوطني، وهو رقم كاف للتدليل على وضعية الأمازيغية في المدرسة العمومية بعد حوالي 10 سنوات من إقرارها لغة رسمية".
وتابع الباحث الأمازيغي، أنه "لم توفر شروط الانطلاقة الفعلية والحقيقية لتدريس الأمازيغية بشكل جاد ومسؤول، سواء من حيث إعداد المدرسين أو المقررات الدراسية أو توفير الشروط التربوية أسوة بباقي المواد الأخرى".
كما يشخص خلفي الإكراهات الأساسية في تحقيق واقع أفضل لمنظومة تدريس الأمازيغية، قائلا: "في إشكالية تعميم اللغة الأمازيغية عموديا وأفقيا، انطلاقا من ضعف الموارد البشرية المؤهلة، إضافة غياب مادة الأمازيغية عن الامتحانات الأساسية، ثم ضعف الحيز الزمني المخصص لها، مما يجعلها لا تتبوأ أبدا مكانة اللغة الرسمية".
وفي السياق ذاته، أكد رئيس الجمعية الإقليمية لأساتذة اللغة الأمازيغية بمدينة تزنيت (جنوبي المغرب) أحمد الداهوز، أن "الوزارة كانت تتوقع أن يكون هناك تعميم أفقي وعمودي للأمازيغية في المرحلة الابتدائية في حدود سنة 2012، ونحن الآن في 2021 ولم يتحقق ذلك بعد".
ويرى الداهوز في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن " تعميم الأمازيغية رهن برفع عدد المناصب المخصصة كل سنة، والتعامل مع الملف بالشكل الذي يستحقه".
وكانت وزارة التربية الوطنية أعلنت أن "تكوين أساتذة الأمازيغية لتوظيفهم سينتقل إلى 400 أستاذ ابتداء من السنة المقبلة"، عوض العدد الضعيف الذي لم يكن تجاوز 80 أستاذا في السنة سابقا.