شهدت الساعات الأخيرة ما يمكن اعتباره هجوما دبلوماسيا إثيوبيا على التحركات المصرية والسودانية بشأن أزمة سد النهضة، فيما استمرت مواقف أديس أبابا "عند نفس الثوابت".
أهداف التحرك الإثيوبي تبدو تحميل القاهرة والخرطوم مسؤولية التعثر في المفاوضات، وتكريس الدور الإفريقي راعيا وحيدا للمباحثات.
البداية بخطاب إلى مجلس الأمن الدولي، ينتقد الموقفين المصري والسوداني، ويتهم الدولتين بمحاولة إفشال جهود الوساطة الإفريقية.
مضمون الخطاب، أعادت الخارجية الإثيوبية التأكيد عليه عبر المتحدث باسمها دينا مفتي.
وقال مفتي: "سلمنا خطابا إلى مجلس الأمن الدولي يوضح الحقائق المتعلقة بالتزام إثيوبيا بجهود الاتحاد الإفريقي للوساطة على الرغم من عدم تعاون مصر والسودان في هذا الصدد. إنهما تقوضان جهود الاتحاد الإفريقي باقتراحهما بمشاركة أطرف أخرى، في رعاية المفاوضات"
ورغم عدم تحقيق المفاوضات لأي تقدم يذكر على مدار سنوات، زعمت الخارجية الإثيوبية أن الرعاية الإفريقية وحدها يمكن أن توفر ظروفا ملائمة لتسوية الخلافات.
وفي هذا الصدد قال مفتي: أكدنا في رسالتنا التزام إثيوبيا برعاية الاتحاد الإفريقي للمفاوضات، وأن جهوده ستكون مثمرة، وأن المفاوضات تحت رعايته ستخلق ظروفا ملائمة لحل الخلافات..".
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد علي، كرر نفس الرسائل، برفض ضمني لدعوة نظيره السوداني عبدالله حمدوك بعقد قمة ثلاثية تضم رؤساء وزراء الدول الثلاث.
آبي أحمد قال إن افتراض فشل المفاوضات ليس صحيحا، وجدد التأكيد على موقف إثيوبيا باعتبار أن أفضل طريقة للمضي قدمًا هو مواصلة المفاوضات الثلاثية في إطار العملية التي يقودها الاتحاد الإفريقي.
التحركات الإثيوبية تأتي ردا على مواقف مصر والسودان، التي اعتبرت أن المفاوضات فشلت، وأنهما تدرسان جميع الخيارات للتعامل مع أزمة السد.
تطمينات فنية
ومن جهة أخرى تخرج إثيوبيا بتصريحات أخرى "فنية"، يصعب تأكيد دقتها، على لسان وزير المياه والري والطاقة، سيليشي بقلي، الذي شدد على أن تصميم سد النهضة قد تم طريقة لا تسبب أي نوع من الضرر لدول المصب، لافتا إلى أن "المنفذين السفليين لديهما القدرة على إتمام سحب 50 مليار متر مكعب، وهو متوسط التدفق السنوي لنهر النيل".
وقال بقلي، إن المخارج السفلية لسد النهضة التي تم الانتهاء منها مؤخرا، بدأت العمل بطاقة إجمالية تبلغ 1860 مترا مكعبا في الثانية.
وبيّن أنه "عندما يتم بدء تشغيل 13 توربينا، يتيح كل منها تدفق 330 مترا مكعبا من المياه في الثانية، سيسمح ذلك بكمية كبيرة من المياه إلى المصب".
وأضاف بقلي أن وضع السد "مطمئن"، مرجعا ذلك "لسلامة وجودة الهياكل الملحقة"، ومشددا على أن "استكمال منفذي القاع يضمن استمرار تدفق المياه إلى دول المصب ويدعم فيضان النيل".
وبحسب الوزير الإثيوبي، تبلغ سعة كل مخرج في السد 930 مترا مكعبا من المياه في الثانية، بسعة إجمالية تبلغ 1860 متر مكعب في الثانية، مشيرا إلى أن ذلك يعني "أن الاثنين يجتمعان معا لتصريف مجرى نهر النيل بالكامل في غضون عام".
وتقول وزارة الري المصرية إن الادعاء الإثيوبي بأن المخارج المنخفضة، وعددها اثنان، ستكون قادرة على تمرير الكمية التي تريدها دولتي المصب من المياه "غير صحيح".
وبحسب وزارة الري المصرية، فإن القدرة الحالية للمخرجين، والتي لا تتعدى 50 مليون متر مكعب، لا تفي باحتياجات دولتي المصب.