رحب رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد دبيبة بقرار مجلس الأمن بخصوص ليبيا، الصادر الجمعة، الذي تضمن نشر وحدات مراقبة دولية بالتعاون مع اللجنة العسكرية المشتركة "5+5" لمراقبة وقف إطلاق النار.
وأبدى دبيبة استعداد الحكومة لتوفير الإمكانات لتسهيل عملها، كما دعا مجلس الأمن إلى دعم الحكومة في عملية إخراج المرتزقة من الأراضي الليبية.
ويرى المحلل السياسي عبد الرحيم الجنجان أن القرار جاء "مفاجئا" ومنصفا للشعب الليبي، الذي طال به الانتظار للاستقرار، ووضع الحكومة أمام التزاماتها، بما يمثل تذكرة لتعهداتها، وأيضا تحديدا لمهامها كحكومة تصريف أعمال لحين عقد الانتخابات في 24 ديسمبر المقبل.
ودعا الجنجان، في تصريحات إلى "سكاي نيوز عربية"، دبيبة إلى زيارة جميع المناطق الليبية، وتحقيق الأولويات التي يطمح لها الشعب ومنها فتح الطريق الساحلي الرابط بين الشرق والغرب وإخراج المرتزقة وتنظيم البيت الداخلي وتوفير السلع والسيولة النقدية والتخفيف من ضغوط الحياة على المواطنين.
وتابع: "الانتخابات استحقاق لا تنازل عنه، بعد أن قضى الشعب الليبي أطول مدي للصبر، تخلله العديد من التضحيات والدماء، وكان سبب البلاء هو تنظيم الإخوان، الذي قطع قرار مجلس الأمن أحلامه في استمرار السيطرة على مفاصل الدولة".
وعقب: "الشعب يحتاج إلى انتخابات نزهية تحت إشراف دولي مختلط ورقابة صارمة، فالفساد في كل شيء بلغ مداه ومنتهاه".
التزام بعقد الانتخابات
وطمأن دبيبة، في بيانه، المجتمع الدولي على وضع حكومة الوحدة "جميع الإمكانات المادية واللوجستية تحت تصرف المفوضية العليا للانتخابات لإجراء انتخابات وطنية حرة ونزيهة في موعدها المقرر في 24 ديسمبر المقبل".
وأكد على ما جاء في القرار من دعوة مجلس النواب والمؤسسات ذات الصلة إلى الإسراع في اتخاذ الإجراءات المبينة في خريطة الطريق، المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي؛ لتسيير إجراء الانتخابات، بما في ذلك توضيح الأساس الدستوري للانتخابات، وسن التشريعات ذات العلاقة.
وأكد أهمية إجراء المصالة الوطنية كاستحقاق مهم من شأنه التهيئة لإجراء الانتخابات في موعدها، مؤكدا دعم المجلس الرئاسي لإنجاز هذا الملف.
وجدد التزام الحكومة بالمهام الموكلة إليها وفق خريطة الطريق، وعلى سعيها لتوفير الخدمات لكافة الليبيين، وعلى "ضرورة إسراع مجلس النواب في عملية إقرار الميزانية حتى تستطيع الحكومة القيام بأعمالها بالشكل المطلوب، بما في ذلك توفير ما يلزم لإجراء الانتخابات في موعدها".
وهنا يشير المحلل السياسي الليبي الهادي عبد الكريم إلى أهمية القرار في كونه جاء جامعا لكل الدول بمجلس الأمن، ولم يتدخل أي من الأعضاء الدائمين لرفضه، وهو أمر محمود، متعجبا من النبرة التشاؤمية للبعض حياله.
وأضاف أنه يجب دعم هذا القرار عبر ضغط مجتمعي لحين يوم عقد الانتخابات.
وأشار إلى أن تنظيم الإخوان لم يعد له مكانا بعد الآن في المعادلة السياسية، إذ سيلفظه الشعب من خلال الانتخابات المقبلة، مردفا أنه فضل لو كان دبيبة قد وجه حديثه في بيانه إلى الشعب الليبي، إضافة إلى مخاطبته المجتمع الدولي، لكنه في نفس الوقت أكد التزامه بما جاء في القرار.
قرار مجلس الأمن
وحمل قرار مجلس الأمن العديد من الرسائل على المستويات السياسية والأمنية وحتى الاجتماعية، وإن كان أبرز بنوده هو الموافقة على طلب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على إرسال بعثة خاصة من المراقبين إلى مدينة سرت، بعدد 60 فردا، للوقوف على تنفيذ اتفاقية وقف إطلاق النار.
وشدد على "المشاركة الكاملة والقائمة على المساواة والحقيقية للنساء والشباب" في الانتخابات، كما حث بقوة كل الدول على احترام ودعم وقف إطلاق النار بسبل من بينها سحب كل القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا "دون تأخير"، وطالب بالانصياع الكامل لحظر لوصول الأسلحة إلى ليبيا.
وأعرب المجلس عن قلقه البالغ إزاء استغلال الجماعات الإرهابية والعنيفة للحالة في ليبيا، مؤكدا ضرورة التصدي للأخطار التي تهدد السلام والأمن الدوليين من جراء الأعمال الإرهابية، وفقا للقانون الدولي بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة.
وأبدى تخوفه من تدهور الحالة الإنسانية والأثر المدمر لجائحة فيروس كورونا المستجد في ليبيا، كما نبه إلى جرائم تهريب المهاجرين واللاجئين والإتجار بالبشر في البلاد، كما رحب بالعمل الذي تنهض به بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في تنسيق عملية تقديم المساعدة الإنسانية للاجئين والمهاجرين ودعمها.
كما لفت إلى أهمية إجراء عملية مصالحة وطنية جامعة شاملة، ويرحب بدعم المنظمات الإقليمية في هذا الصدد، ويشدد على أهمية تنفيذ تدابير بناء الثقة لتهيئة بيئة مواتية لإجراء انتخابات وطنية ناجحة، مؤكدا أهمية توحيد المؤسسات في ليبيا، والحوكمة الرشيدة وتحسين الأداء الاقتصادي بسبل منها الاتفاق على ميزانية موحدة والاتفاق بسرعة على المناصب السيادية على النحو المبين في خريطة الطريق المنبثقة عن الملتقى.
وشدد على ضرورة التخطيط لنزع سلاح الجماعات المسلحة وجميع الجهات المسلحة من غير الدول ذات الصلة وتسريحها وإعادة إدماجها، وإصلاح قطاع الأمن وإنشاء هيكل أمني جامع وخاضع للمساءلة بقيادة مدنية لليبيا ككل.