"مصر هي الوحيدة التي أوقفت الميليشيات التابعة لتركيا عند (خط أحمر) في ليبيا، عندما رسمت لها خط سرت الجفرة".. هذا الإنجاز الذي يردده ليبيون بينهم وبين بعضهم، جعلهم يضعون أملهم في أن تجبر مصر تركيا على سحب مرتزقتها، خلال المفاوضات المتوقعة بين القاهرة وأنقرة.
وأعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، الخميس، أن وفدا تركيا سيتوجه إلى مصر مطلع الشهر المقبل، بعد تصريحات عدة أطلقتها أنقرة بشأن الرغبة في التقارب مع القاهرة على مدى عام سابق، فيما لم تعلق مصادر مصرية على خبر الزيارة.
المحلل السياسي الليبي مالك معاذ، يقول لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "الملف الليبي تبنته مصر منذ الثورة؛ باعتبار ليبيا أمن قومي للقاهرة.. مصر هي القوة الوحيدة التي استطاعت ردع تركيا عسكريا في ليبيا".
ويتابع: "كثير من الليبيين كانوا في غاية الاستغراب من التزام الميليشيات التي تتبع تركيا بالخط الذي رسمه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، باعتبار أن أنقرة كانت تمارس بلطجة عسكرية داخل ليبيا".
وعلى هذا، فإن كثيرا من الليبيين الآن يعولون على المفاوضات التي تجريها الحكومتان المصرية والليبية مع تركيا، لإنهاء وجود المرتزقة الأجانب داخل البلاد، ووقف أنقرة نشاطها المشبوه هناك.
ويستطرد معاذ حديثه بالقول، إن "الدور القومي الذي تلعبه مصر في المنطقة، ظهر جليا خلال السنوات السابقة في جميع الملفات والقضايا بالشرق الأوسط؛ مما جعل الكثير من الليبيين يعولون على هذه المفاوضات".
"فرصة ذهبية"
من جانبه، قال الصحفي الليبي أحمد الفايدي، إن التفاوض المصري مع تركيا "سيصب بالتأكيد في مصلحة البلدين الشقيقين مصر وليبيا؛ نظرا لأنهما يعتبران امتدادا استراتيجيا واحدا، والوجود التركي في ليبيا أضر كثيرا بالبلدين، إذ تسبب في وجود إرهابيين معادين لمصر على الحدود، وأسال دماء ليبية على أيدي قوات أجنبية أدخلتهم تركيا للبلاد".
ونبّه في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أن المواقف الدولية "لم تقف أمام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومرتزقته، والوحيد الذي خضعت تركيا لقراره وتهديده كانت مصر بعدما رسم لها السيسي خط أحمر منعهم من دخول سرت وأوقف تقدمهم".
وبناء على هذا، اعتبر الفايدي أن المفاوضات المقبلة تمثل "فرصة ذهبية أمام ليبيا لتتخلص نهائيا من المرتزقة".
وكان السيسي، في يونيو 2020 خلال تفقده القوات المصرية المرابطة على الحدود مع ليبيا، حذَّر بلهجة واثقة تركيا من أن تتعدى ما وصفه بـ"الخط الأحمر"، وهو خط "سرت – الجفرة"، ملوحا بالاستعداد لتدخل القوات المصرية إذا ما تجاوزت الميليشيات التابعة لتركيا هذا الخط.
وتبعد مدينة سرت ألف كيلومتر عن مصر، وتتوسط المسافة بين طرابلس التي سيطرت عليها الميليشيات منذ 2011، وبنغازي مقر قيادة الجيش الوطني الليبي.
فيما تعد الجفرة من أكبر القواعد الجوية، وتقع جنوب سرت، ومن يسيطر عليها يسيطر على نصف ليبيا، ومن يسيطر على سرت والجفرة يسهل عليه ابتلاع شرق ليبيا، أي لا يكون بينه وبين حدود مصر حاجز.
"شروط مصرية متوقعة"
الباحث في الشؤون الليبية إبراهيم الفيتوري ينقل ثقة الليبيين في أن الملف الأمني سيكون من أبرز الملفات التي ستناقشها الحكومة المصرية مع تركيا؛ لاسيما أن مصر تعتبر ليبيا امتدادا استراتيجيا لها يجب أن يظل مستقرا.
ويضيف الفيتوري في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الملف الليبي هو "المحرك الأساسي للمفاوضات بين تركيا ومصر، ولن يكون ملفا سطحيا، بل ستتعامل معه مصر على أنه ملف رئيسي يجب الوصول إلى اتفاق فيه، وخصوصا فيما يتعلق بإنهاء الوجود التركي في ليبيا بإخراج المرتزقة المقاتلين، وإخراج القوى الأمنية التابعة لأنقرة والتي تسيطر على بعض المنافذ الجوية مثل قاعدة الوطية، التي تبعد ألف كلم فقط عن مصر، ومطار معتيقة، ومصراتة أيضا".
ويتوقع الفيتوري أن مصر ستطلب من تركيا أيضا "وقف نقل السلاح إلى الميليشيات، ووقف استضافة قادة الميليشيات"، مشددا من جانبه على أن مصر "هي الوحيدة التي استطاعت تحجيم التحرك العسكري التركي داخل ليبيا، عندما رسمت خط سرت الجفرة".
وتدهورت العلاقات بين مصر وتركيا منذ 8 سنوات، إثر كشف أنقرة عن تأييدها المطلق لتنظيم الإخوان، ونصبها العداء لثورة 2013 المصرية التي أطاحت الرئيس الإخواني محمد مرسي عن حكم مصر، واستقبال أنقرة لأعضاء الجماعة الهاربين من مصر إليها، وإشرافها على تأسيس قنوات تلفزيونية في أراضيها تعادي مصر وتحرض على الإرهاب، هذا بخلاف نشر أنقرة لميليشيات ومرتزقة في ليبيا المجاورة لمصر.